حكاية ثورة التبغ التي هزت عرش الشاه في إيران

في مارس/ آذار سنة 1890 وقع شاه إيران ناصر الدين شاه اتفاقا يمنح احتكار تجارة التنباك الإيراني لشركة بريطانية يرأسها أحد المقربين من رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت اللورد ساليزبوري.
 
وفي كتابه "الحركة الاجتماعية في القرن العشرين في إيران: الثقافة والإيديولوجية وأطر الحشد" يقول الباحث ستيفن بولسون إنه وفقا لذلك الاتفاق تم سحب حق بيع وشراء التبغ والمنتجات المرتبطة به من أيدي الإيرانيين ومنحه للشركة البريطانية، في الوقت الذي كان فيه نحو 20 في المئة من الإيرانيين يعملون في قطاع التبغ.
 
فبمقتضى هذه الاتفاقية تشتري الشركة المحتكرة وحدها كل المحصول من المزارعين، كما بات على تجار التبغ الحصول على إذن من الشركة صاحبة الامتياز والدفع فورا لها.
 
كما نصت هذه الاتفاقية أيضا على حصول الشاه على 15 ألف جنيه استرليني من الشركة و25 في المئة من صافي الأرباح.
 
ووسط كل ذلك كانت روسيا، التي كانت تخشى تنامي النفوذ البريطاني في إيران المجاورة، تعمل على تشجيع معارضة الاتفاق. وذلك بحسب ما يقوله ستيفن بولسون في كتابه.
 
وعقب ذلك اندلعت احتجاجات كبيرة في العديد من المدن الإيرانية وقادها تجار ورجال دين ومزارعون، و شملت شيراز وتبريز، وطالب المتظاهرون الشاه بسحب الامتياز من الإنجليز.
 
وعرفت تلك الاحتجاجات التي استمرت حتى عام 1892 بثورة التنباك أو ثورة التبغ.
 
فتوى التحريم
 
ويقول الباحث ستيفن بولسون في كتابه إن زعيم الحوزة الشيعية ميرزا محمد حسن الشيرازي ، الذي كان يتخذ من النجف في العراق مقرا له، بعث رسالة إلى الشاه يعترض فيها على تلك الاتفاقية، محذرا من أنها ستؤدي إلى إضعاف الدولة.
 
وتكررت الرسائل دون أن يهتم بها الشاه، فأصدر الشيرازي فتواه الشهيرة التي حرم فيها التنباك، معتبرا التدخين واستخدام مشتقات التبغ بحكم محاربة الإمام المهدي.
 
واستجاب الإيرانيون للفتوى فتوقفوا عن استعمال التبغ وحطموا الأراجيل، وبلغ الأمر إلى حد أن زوجات الشاه وخدمه توقفوا عن التدخين، بحسب بولسون.