من العراق إلى اليمن.. الطائرات المسيرة تثير قلق أمريكا بشأن خطط إيران

أثار تزايد استخدام إيران وحلفائها للطائرات المسيرة في مهام استطلاع وهجمات في مختلف أرجاء الشرق الأوسط القلق في واشنطن.

ويقول مسؤولون أمريكيون، إن الولايات المتحدة تعتقد أن فصائل مسلحة على صلة بإيران في العراق زادت في الفترة الأخيرة مراقبتها للقوات والقواعد الأمريكية في البلاد باستخدام طائرات مسيرة متاحة تجاريا.

ويأتي الكشف عن ذلك في وقت تصاعدت فيه التوترات مع إيران، ويلقي الضوء على الطرق العديدة التي تعتمد بها طهران والقوات التي تدعمها على الطائرات المسيرة في أماكن مثل اليمن وسوريا ومضيق هرمز والعراق.

وقال مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة رويترز، إنه إلى جانب مهام الاستطلاع، يمكن للطائرات المسيرة الإيرانية أن تسقط ذخيرة أو حتى أن تنفذ ”طلعة انتحارية حيث يتم تزويدها بالمتفجرات وتوجيهها إلى هدف ما“.

وزادت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن بدرجة كبيرة هجماتها باستخدام الطائرات المسيرة في الأشهر القليلة الماضية، حيث هاجمت مطارات ومنشآت نفطية في السعودية.

وفي الشهر الماضي اقتربت إيران من الدخول في حرب مع الولايات المتحدة بعد أن اسقطت الجمهورية الإسلامية طائرة مسيرة أمريكية بصاروخ أرض جو، في خطوة كادت تدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشن ضربة انتقامية.

وانسحب ترامب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 في العام الماضي وأعاد فرض عقوبات تهدف إلى وقف صادرات إيران النفطية والضغط عليها للتفاوض على برنامجها للصواريخ الباليستية وسياساتها في المنطقة.

ويقول مسؤولون أمنيون حاليون وسابقون ومحللون لرويترز، إن تزايد استخدام إيران أو حلفائها كالحوثيين او المليشيات العراقية في المنطقة للطائرات المسيرة هو استراتيجية تهدف إلى التصدي للضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة وخصوم مثل السعودية.

ويقدر المسؤول الأمريكي الأول أن إيران تسير حاليا طائرتين مسيرتين أو ثلاثة فوق مياه الخليج يوميا، مما يجعلها جزءا أساسيا في جهود إيران لمراقبة مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية.

واتهمت الولايات المتحدة والسعودية إيران بتنفيذ هجمات على ست ناقلات نفط قرب المضيق في الشهرين الماضيين.

ورفض المسؤولون الأمريكيون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، تحديد نطاق زيادة المراقبة قرب القوات الأمريكية في العراق أو تحديد الفصائل المسلحة التي تقوم بها.

وقال المسؤول الأول ”رصدنا زيادة في أنشطة الطائرات المسيرة في العراق قرب قواعدنا ومنشآتنا“. وأضاف ”بالتأكيد الطائرات المسيرة التي رأيناها تجارية وتباع بشكل عادي. لذلك من الواضح أنه نشاط يمكن إنكاره للطائرات المسيرة في العراق“.

وقال مسؤول ثان إن الزيادة الأخيرة في عمليات المراقبة أمر مقلق.

وذكرت رويترز، في وقت سابق، أن الولايات المتحدة أرسلت تحذيرات بشكل غير مباشر لإيران، قائلة إنها ستعتبر أي هجوم ينفذه وكلاء طهران من المنظمات الموجودة بالعراق على قوات أمريكية، هجوما من إيران نفسها.

وأُطلقت قذائف مورتر وصواريخ في الأسابيع القليلة الماضية على قواعد في العراق توجد بها قوات أمريكية دون أن يسفر ذلك عن إصابة جنود أمريكيين. ولم يربط المسؤولون الأمريكيون بين هذه الهجمات وزيادة عمليات المراقبة.

وبدأت الفصائل العراقية المرتبطة بإيران استخدام الطائرات المسيرة في عامي 2014 و2015 خلال المعارك لاستعادة مناطق من قبضة تنظيم داعش، وذلك حسبما أفاد أعضاء في هذه الفصائل ومسؤولون أمنيون بالعراق.

وقال مسؤولان أمنيان عراقيان على علم بأنشطة الفصائل إنها تلقت تدريبا على استخدام الطائرات المسيرة على يد أعضاء في الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران.

وقال أحد المسؤولين لرويترز ”مجاميع الميليشيا الرئيسية تمتلك القدرة على تنفيذ الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة. هل سيقومون باستهداف مصالح أمريكية؟ ذلك لم يحصل بعد“.

وأضاف ”هم يقومون باستخدام صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون (المورتر) في هجمات محدودة جدا ضد المصالح الأمريكية في العراق بهدف إرسال رسالة وليس المحاولة بالتسبب بأضرار. استخدام طائرات مسيرة تحمل متفجرات هو أمر وارد متى ما ساءت العلاقة بين طهران وواشنطن“.

*تصدير تكنولوجيا الطائرات المسيرة

يقول مسؤولو أمن حاليون وسابقون ومحللون إن إيران أمدت حلفاءها في المنطقة بالطائرات المسيرة والخبرة الفنية.

وقال مسؤول في التحالف بقيادة السعودية الذي يقاتل في اليمن، إن الحرس الثوري وجماعة حزب الله اللبنانية يقدمان المشورة للحوثيين فيما يتعلق باستخدام الطائرات المسيرة وغيرها من الخبرات الفنية عند الحاجة.

ويقول خبراء في الأمم المتحدة إن الحوثيين يمتلكون حاليا طائرات مسيرة قادرة على إسقاط قنابل أكبر على مسافات أبعد وبدقة أشد من ذي قبل. وفي مايو أيار، أصابت طائرات مسيرة محطتين لضخ النفط على بعد مئات الكيلومترات داخل الأراضي السعودية.

وعن هذا الهجوم قال بريت فيليكوفيتش خبير الطائرات المسيرة وأحد قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي ”إما أن تكون الطائرات المسيرة التي هاجمت خطوط الأنابيب قد أُطلقت من داخل الأراضي السعودية أو أن الحوثيين دعموا بصورة كبيرة قدراتهم بتكنولوجيا الأقمار الصناعية وجرى إمدادهم بقدرات لإطالة المدى“.

وقال أبو عبد الله، أحد قادة كتائب حزب الله، وهي إحدى الفصائل العراقية ذات الصلة الوثيقة بإيران، لرويترز في عام 2014 إن إيران قدمت التدريب على تشغيل الطائرات المسيرة التي كانت تستخدم في أغلب الأحيان لاستهداف مواقع تنظيم داعش.

وأضاف حينئذ أنهم كانوا يستخدمون الطائرات المسيرة في مهام استطلاعية لمواقع عسكرية أمريكية في العراق وخلال الصراع في سوريا حيث قاتلت كتائب حزب الله دعما للرئيس بشار الأسد.

وقال مسؤولان أمنيان عراقيان مطلعان على أنشطة الفصائل العراقية المسلحة إنها أصبحت الآن تمتلك الخبرة الكافية لتعديل الطائرات المسيرة لاستخدامها في الهجمات.