تركيا تقول إنها قصفت الحدود السورية-العراقية قبل هجوم معتزم

اسطنبول (رويترز) - قال مسؤولان تركيان لرويترز يوم الثلاثاء إن الجيش التركي شن هجمات جوية استهدفت الحدود السورية-العراقية ليل الاثنين لمنع القوات الكردية من استخدام الطريق لتعزيز شمال شرق سوريا بينما تجهز أنقرة لشن هجوم هناك.
 
وقالت تركيا إنها صارت مستعدة تماما لشن عملية عسكرية في شمال شرق سوريا بعدما بدأت الولايات المتحدة في سحب قوات لها من منطقة الحدود التركية السورية في تحرك انتُقد في واشنطن على نطاق واسع باعتباره بمثابة خيانة لحلفاء أمريكا.
 
ومن شأن الانسحاب الأمريكي أن يضعف وضع القوات التي يقودها الأكراد والتي تعتبر شريكة لواشنطن في سوريا أمام توغل القوات المسلحة التركية التي تعتبرها جماعة إرهابية بسبب صلتها بمتشددين أكراد يشنون تمردا داخل تركيا منذ عقود.
 
وفيما يتعلق بتفاصيل الضربة الجوية التي شنت ليل الاثنين قال مسؤول أمني إن أحد الأهداف الرئيسية كان قطع طريق المرور بين العراق وسوريا ”قبل العملية في سوريا“.
 
وأضاف المسؤول ”بهذه الطريقة تم قطع طريق عبور الجماعة إلى سوريا وكذلك خطوط الإمداد بما في ذلك بالذخيرة“.
ولم يتضح حجم الدمار أو ما إذا كان هناك قتلى أو جرحى.
 
ولا تزال تفاصيل الضربة غير واضحة. ووصفها أحد المسؤولين بأنها ضربة جوية بينما قال الآخر إن الموقع ”أصبح غير قابل للاستخدام بوسائل متعددة“.
 
في الوقت نفسه نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يكون الانسحاب بمثابة تخل عن الأكراد مشيدا بتركيا كشريك تجاري وحليف في حلف شمال الأطلسي في تخفيف لنبرته بعد ساعات من تهديده للاقتصاد التركي إذا أقدمت أنقرة على شيء في سوريا يعتبره ”متجاوزا للحدود“.
 
وفيما يشير إلى تحول آخر محتمل في ميزان القوى بالمنطقة، قالت القوات التي يقودها الأكراد إنها ربما تبدأ محادثات مع دمشق وروسيا لملء أي فراغ أمني في حالة انسحاب القوات الأمريكية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.
وسعت تركيا لتأكيد تصميمها على التحرك.
 
وقالت وزارة الدفاع التركية ”لن تقبل القوات المسلحة التركية أبدا بإنشاء ممر للإرهاب على حدودنا. اكتملت جميع استعداداتنا للعملية“.
 
وقال شاهد من رويترز إنه لم يلحظ من تل أبيض السورية الواقعة عبر الحدود أي نشاط عسكري يوم الثلاثاء قرب بلدة أقجة قلعة الحدودية التركية. ونُشرت مدافع هاورتز خلف سواتر على الأرض على الجانب التركي من الحدود وكانت موجهة صوب سوريا.
 
وعلى بعد نحو 60 كيلومترا غربا، جرى أيضا نشر العديد من راجمات الصواريخ متعددة الفوهات على متن شاحنتين وخلف سواتر قرب مدينة سروج التركية المواجهة لمدينة عين العرب (كوباني) السورية على الحدود. وهناك تمركز للمدفعية في المنطقة حيث جرى أيضا رصد تجول جنود، سيرا على الأقدام، في محيط معسكر قريب.
 
وقال مسؤول أمريكي إن القوات الأمريكية أخلت نقطتي مراقبة في مدينتي تل أبيض ورأس العين السوريتين يوم الاثنين.
 
ويهدف تحذير ترامب على ما يبدو إلى إرضاء منتقديه الذين اتهموه بالتخلي عن الأكراد السوريين من خلال سحب القوات الأمريكية. وشارك في الانتقادات زعماء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومن مجلسي الكونجرس ومن بينهم السناتور الجمهوري ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
 
وقال ترامب على تويتر ”أكرر ما أكدته من قبل، أنه إذا فعلت تركيا أي شيء أعتبره بحكمتي البالغة التي لا تضاهى متجاوزا للحدود فسأدمر الاقتصاد التركي وأمحوه تماما (لقد فعلت ذلك من قبل)“.
 
* ”علم أحمر“
 
قوبلت تعليقات ترامب برد فعل غاضب في تركيا حتى من ساسة منتمين لأحزاب معارضة مثل زعيمة حزب الخير ميرال أكشينار التي قالت إنه يجب تنحية السياسات المحلية جانبا في مثل هذا اليوم.
 
وقالت أكشينار لأعضاء البرلمان المنتمين لحزبها، في كلمة داخل مقر البرلمان، ”تهديد اقتصاد تركيا كارثة دبلوماسية... اليوم يوجد حزب واحد فقط وهو علمنا (التركي) الأحمر“.
 
وأضافت ”أفضل رد على هذه الوقاحة هي الذهاب إلى شرقي الفرات وقطع ممر الإرهاب“.
 
غير أن ترامب كتب في تغريدة على تويتر يوم الثلاثاء قائلا ”ينسى الكثيرون بسهولة أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة. في حقيقة الأمر هم يقومون بتصنيع الإطار الهيكلي الفولاذي للمقاتلة الأمريكية إف-35. كما أن التعامل معهم كان جيدا“.
 
وأضاف ترامب ”لنتذكر دائما، وعلى نحو مهم، أن تركيا عضو مهم للمكانة الجيدة لحلف شمال الأطلسي“.
 
وفيما يتعلق بالأكراد قال ترامب إن ”مقاتليهم الرائعين“ مستمرون في تلقي مساعدة أمريكية بالتمويل والسلاح.
 
ونددت القوات التي يقودها أكراد، وكانت أهم شريك لواشنطن في قتال تنظيم داعش، بالتحول الكبير المفاجئ في السياسة الأمريكية وقالت إنه مَثّل لها ”طعنا بالظهر“.
 
وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية ”لا تزال الحشود التركية على الحدود مستمرة. ولدينا بعض المعلومات التي تشير إلى أن الدولة التركية جلبت بعض فصائل (المعارضة) من الجيش الحر من جرابلس وإعزاز وعفرين إلى الحدود. وهذه التحركات تدل على هجوم وشيك، ونحن نتوقع حدوث هجوم في وقت قريب“.
 
وأضاف بالي لرويترز ”طبعا ثمة تحضيرات لنا على طول الحدود مع الدولة التركية، وقواتنا في حالة الجاهزية“.
 
وقال بدران جيا كرد، المسؤول بقوات سوريا الديمقراطية، إن السلطات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا ربما تبدأ محادثات مع دمشق وموسكو إذا ما انسحبت القوات الأمريكية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.
 
وتعكس تصريحات جيا كرد المأزق الذي تواجهه القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا في أعقاب الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية التي كانت تحمي المنطقة فعليا من الهجوم التركي.
 
وأضاف جيا كرد لرويترز ”ممكن وقتها نتناقش مع دمشق أو الجانب الروسي لسد الفراغ وصد الهجوم التركي فهذا الأمر يمكن أن يتطور أو يحصل لقاءات أو تواصل في حال حصل فراغ في المنطقة من قبل التحالف الدولي وفي حال أصرت الدولة التركية على استغلال الفراغ للهجوم“.
 
وقال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري لصحيفة الوطن السورية إن سوريا قالت إنها ستدافع عن نفسها ضد أي هجوم تركي.
 
وأضاف المقداد ”سندافع عن كل الأراضي السورية، ولن نقبل بأي احتلال لأي أرض أو ذرة تراب سورية، لكن على الآخرين وفي هذا المجال، ألا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة، لأننا على استعداد للدفاع عن أرضنا وشعبنا“.
 
ولم يتسن لدمشق منع تركيا من السيطرة على مساحة شاسعة من شمال غرب سوريا في وقت مبكر من الحرب.
 
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تتوقع من تركيا تولي المسؤولية عن سجناء تنظيم الدولة الإسلامية إذا سيطرت أنقرة خلال توغلها المرتقب في شمال شرق سوريا على مناطق احتجاز المتشددين.
 
ويُحتجز الأسرى في منشآت تابعة لقوات سوريا الديمقراطية جنوبي المنطقة الآمنة التي تقترحها تركيا بشكل مبدئي.