"قنبلة موقوتة".. الهجوم التركي في سوريا يثير مخاوف من "عودة داعش"

أثارت العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا مخاوف على مصير حوالي 12 ألف مقاتل في تنظيم داعش فضلا عن آلاف آخرين من زوجاتهم وأطفالهم، في سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
 
وعلى الرغم من أن هذه المخاوف كانت قد أثيرت قبل العملية، فإن الأنباء عن قصف لواحد من هذه السجون المؤقتة، أثار مجددا القلق من إمكانية هرب مقاتلي داعش وقيامهم بعمليات جديدة، بعد أن تم دحرهم على يد هذه القوات بمساعدة أميركية.
 
كانت "قسد" قد ذكرت الأربعاء في تغريدة على حسابها الرسمي أن سجنا به عدد من معتقلي داعش تعرض للقصف في غارة جوية تركية:
 
المتحدث باسم القوات مصطفى بالي ذكر في تغريدة أيضا أن "خلايا نائمة" تتبع التنظيم أطلقت بالفعل عملية "واسعة النطاق في مدينة الرقة" السورية:
 
وأبدت "قسد" في تغريدة على تويتر الاثنين خشيتها من أن يسمح هذا الهجوم "لخلايا" التنظيم بتحرير مقاتليه المعتقلين وأفراد عائلاتهم المحتجزين، وهو ما "سيشكل تهديدا للأمن المحلي والدولي".
 
مسؤول "دفاعي أميركي كبير" قال لشبكة "سي أن أن" الأربعاء إن الهجوم التركي "أضر" بالفعل بعمليات محاربة داعش.
 
وقال المسؤول إن هذا الهجوم "تحدى قدرتنا على بناء قوات الأمن المحلية، وإجراء عمليات الاستقرار وأثر على قدرة "قسد" على حراسة أكثر من 11 ألف مقاتل من داعش الخطرين".
 
"قنبلة موقوتة"
 
وخاضت قوات سوريا الديموقراطية معارك عدة ضد التنظيم آخرها في شرق سوريا، حيث أعلنت القضاء على "الخلافة" التي كان التنظيم أعلنها على مناطق سيطرته في سوريا والعراق في عام 2014.
 
وتحتجز هذه القوات عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم، وبينهم عدد كبير من الأجانب.
 
وبعتبر مراقبون "مخيم الهول"، أكبر المخيمات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، بمثابة "قنبلة موقوتة"، بعدما شهد مؤخراً حوادث اعتداء وفوضى خصوصاً في القسم المخصص لعائلات مقاتلي التنظيم الأجانب.
 
ويؤوي المخيم المكتظ أكثر من ثلاثة آلاف عائلة من عائلات مقاتلي التنظيم من إجمالي أكثر من 70 ألف شخص، وفق الإدارة الذاتية الكردية.
 
وحذرت الإدارة الذاتية في تقرير الأحد من من أن "المهاجرات"، وهي تسمية تُطلق على زوجات الجهاديين الأجنبيات، "لسن أقل خطورة من آلاف مقاتلي التنظيم في مراكز التوقيف".
 
وبحسب تقرير صدر الأسبوع الماضي عن معهد دراسات الحرب، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، فإن مقاتلي التنظيم يقدمون على رشوة حراس السجن وجمع الأموال لتهريب النساء خارج المخيمات، وبينها الهول.
 
ويرجح المعهد أن يكون التنظيم "بصدد الإعداد على الأرجح لعمليات أكثر تنظيما وتنسيقا لإطلاق سراح عناصره المعتقلين".
 
وأبلغ مسؤولان أميركيان شبكة "سي أن أن" أن بعض مقاتلي "قسد" تركوا مواقعهم في عدد من هذه السجون، قبل بدء الهجوم التركي وتوجهوا شمالا.
 
وكان مسؤول أميركي قد أبلغ الشبكة الأربعاء بأنه على الرغم من أن قوات "قسد" خفضت عدد الأفراد الذين يحرسون السجون، إلا أن الجيش الأميركي يعتقد أن جميع السجون لا تزال تخضع للحراسة، وإن كان ذلك بعدد أقل.
 
مسؤول كبير في الخارجية الأميركية قال لـ"الحرة" سابقا إن "قوات "قسد" تواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي الحفاظ على مراكز اعتقال عناصر داعش، "لكن إذا اضطرت لتحريك قواتها" سيكون هناك تغيير في تركيبة وحجم القوات التي تحمي هذه المراكز "وهذا أمر مقلق للجميع".
 
يذكر أنه قبل نحو حوالي أسبوعين، كان منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية السفير ناثان سيلز قد حذر من أن "الأحداث المزعزعة للاستقرار" في المنطقة يمكن أن "تؤدي إلى إطلاق سراح" معتقلي داعش. وأشار السفير إلى "عدة محاولات للهروب من السجون خلال الأشهر القليلة الماضية".
 
الرئيس دونالد ترامب، من جانبه، بعث برسالة طمأنة الأربعاء عندما سئل عن التهديد الذي يمثله هروب سجناء داعش، فقال إنه تم نقل بعض أخطر هذه العناصر "ووضعهم في مناطق أخرى آمنة".
 
مسؤول أميركي قال الأربعاء إن الجيش الأميركي تولى مسؤولية احتجاز اثنين من أهم متشددي تنظيم داعش، كان المقاتلون الذين يقودهم الأكراد في سوريا قد أسروهما، وتم نقلهما خارج البلاد فيما بدأت تركيا عمليتها العسكرية.
 
وكتب ترامب في تغريدة صباح الخميس: "في حالة فقد الأكراد أو تركيا السيطرة على الأمور، فقد نقلت الولايات المتحدة بالفعل اثنين من مقاتلي داعش المرتبطين بقطع الرؤوس في سوريا خارجها وإلى موقع آمن تسيطر عليه الولايات المتحدة":
 
والمئات من سجناء داعش محتجزون في سجون "مؤقتة" بالقرب من الحدود التركية، وفقا لمسؤولين عسكريين أميركيين.
 
وتقع غالبية السجون في مدارس أو مبان حكومية محلية خلف ما يسمى بـ"المنطقة الآمنة" التي تريد تركيا إقامتها على طول حوالي 500 كيلومتر على الجانب السوري من الحدود.
 
لكن مسؤولين أميركيين اثنين قالا لشبكة "سي أن أن" إن حوالي نصف هذه السجون تقع في داخل هذه المنطقة التي يتوقع أن تشهد قتالا عنيفا.
 
مصطفى بالي صرح بأنه ليس للقوات "سجونا" بالمعايير المطلوبة لإبقاء هؤلاء السجناء دفيها، وهو ما يزيد المخاوف بشأن مصير هؤلاء السجناء.
 
وحذر محللون من أنه في حالة فرار سجناء داعش، أن يعيدوا تجميع أنفسهم مرة أخرى ويستولون على أراض.
 
السيناتورة جين شاهين أشارت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرفض التعهد بحماية المنشآت التي تحتجز مقاتلي داعش، أو إعاقة قدرتهم على الحصول مرة أخرى على موطئ قدم في المنطقة".
 
وبحسب البيت الأبيض، فإن "تركيا ستكون المسؤولة الآن عن جميع مقاتلي داعش الذين احتجزوا في العامين الماضيين غداة الهزيمة التي ألحقتها الولايات المتحدة" بالتنظيم.