ما بعد "فيديو" استعراض القوة.. أمريكا والقاعدة إلى "حرب مفتوحة" في اليمن

كثفت الطائرات الأمريكية بدون طيار بالتنسيق مع الطيران الحربي اليمني خلال الأيام الأخيرة من نشاطها بشكل ملحوظ مستهدفة تجمعات ومقار جبلية يستخدمها مقاتلون متشددون يتبعون تنظيم القاعدة. وخلال يومي السبت والأحد نفذت طائرات الدرونز الأمريكية هجمات قاتلة في كل من محافظتي البيضاء وأبين المتجاورتين وسط اليمن إلى الجهة الجنوبية وخلفت الغارات عشرات القتلى والمصابين من عناصر القاعدة بينهم عدد من المدنيين خصوصا في البيضاء يوم السبت فيما لم يعلن بعد عن عدد القتلى في غارات الأحد التي اشتركت فيها طائرات مقاتلة يمنية وقاذفات درونز أمريكية على جبال المحفد بأبين حيث يتمركز مقاتلون للقاعدة.

ويأتي النشاط المتزايد للهجمات, كما يقول لوكالة خبر للأنباء خبير أمني يمني, على خلفية استشعار خطر تنامي وتزايد أعداد المقاتلين كما أظهر شريط فيديو بثه التنظيم مؤخرا لاحتفال على هيئة اجتماع موسع واستعراض للقوة بصورة غير مسبوقة, تحية لعناصر القاعدة الفارين من سجن صنعاء المركزي في وقت سابق.

لكن التسجيل أيضا, برأيه, أظهر أكثر من اي وقت مضى, تنامي نشاط القاعدة الاستقطابي وتزايد كبير في أعداد المقاتلين والمنظمين إليهم تباعا كما ابان بوضوح تسجيل الفيديو الذي بثته شبكة الملاحم الإعلامية التي يديرها التنظيم. ويلفت إلى تبعات مضاعفة على شكل ضغوط متزايدة تتوالد باتجاه الطعن في جدوى الهجمات الجوية ومقدرتها على تحجيم خطر الهجمات الإرهابية العنيفة والمتصاعدة خلال الفترة الماضية أو التأثير في معادل القوة والقدرة على المباغتة في أماكن وأهداف حساسة وهو ما درج عليه القاعدة في الشهر الماضية. ويرجح مصدر عسكري يمني تحدثت معه وكالة خبر أن "غارات الأحد" في أبين استهدفت معسكرا كبيرا ومقرا مركزيا للتجمع وهو نفسه المكان الذي يظهر في التسجيل المذكور. وإذا كان الأمر كذلك بالفعل, يتوقع المصدر لـ"خبر" للأنباء أن يكون عدد القتلى في الغارات كبيرا. ولم يعطي رقما محددا. كما أن وزارة الدفاع اليمنية لم تذكر رقما حتى ساعته.

وكان التسجيل المثير للجدل قد استقطب إليه اهتماما وجدلا على أكثر من صعيد لجهة الاستعراض العلني والتحشيد الكبير والتوعد بمزيد من الهجمات. حيث انقسم المحللون الأمنيون بالولايات المتحدة حيال ما إذا كانت واشنطن قد علمت مسبقا بالاجتماع الذي عقده قادة تنظيم القاعدة في اليمن مؤخرا، خاصة وأن نشاط طائراتها مستمر في الأجواء اليمنية، في حين قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن التسجيل "لم يفاجئها".

وقال بيتر بيرغن، محلل الشؤون الأمنية لدى شبكة CNN: "لا يمكنني تخيل فرضية أن الولايات المتحدة علمت بحصول الاجتماع، فخلال العام الجاري جرت سبع غارات لطائرات تعمل دون طيار في اليمن، وبالتالي فإن البرنامج مازال مستمرا.. لا يمكنني الجزم بمعرفتهم بهذا الاجتماع ولكن المنطق يقتضي أنهم كانوا يجهلون حصول اللقاء."

وعن أسباب عرض هذا التسجيل قال بيرغن: "الفيديو معروض لغرض دعائي. هم يريدون القول أنهم هنا ومازالوا يعملون، وفي الواقع فإن هذه الجماعة خطيرة."

أما الجنرال المتقاعد، مارك كيميت، فقد توقع أن يشكل التنظيم خطرا مستقبليا على الولايات المتحدة بحال تمكن من مواصلة ترتيب صفوفه وتنظيم عناصره مضيفا: "من المستبعد ألا يكون لدى الولايات المتحدة فكرة عن هذا اللقاء، ولكن السؤال ليس ما إذا كنا نعرف أم لا. المهم هو ما الذي نعتزم القيام به؟"

وكان التسجيل قد أظهر اجتماعا يعتبر الأكبر والأخطر منذ سنوات، وظهر فيه ناصر الوحيشي الذي يعتبر الرجل الثاني وولي العهد في التنظيم العالمي الذي يتزعمه أيمن الظواهري. ويبدو في التسجيل اجتماع نحو 100 شخص من التنظيم مع عدد من القيادات إلى جانب عدد من أخطر المطلوبين في الوقت الذي تبدو فيه المجموعة حاضرة دون أي مخاوف من احتمال توجيه ضربة لها من خلال غارة بطائرة دون طيار.

ورأى محللون أن خطوة المجموعة تكمن في وجود شخص فيها قادر على صنع القنابل التي لا يمكن اقتفاؤها، وهو إبراهيم العسيري. وبحسب خبراء بشؤون الاستخبارات فإن العسيري لم يظهر في هذا الفيديو إلا أن المعلومات تشير إلى عودة تنظيم القاعدة للوسائل القديمة في التواصل من خلال استخدام أشخاص لحمل الرسائل، ما يصعّب عملية رصدها.

أما وزارة الخارجية الأمريكية، فقد قالت الناطقة باسمها، ماريا هارف: "القول بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو تهديد لأمريكا واليمن وسائر شعوب المنطقة ليس أمرا جديدا. لقد حاولوا شن هجمات ضد أمريكا في السابق ونحن نعمل عن كثب مع الحكومة اليمنية بمحاولة لاعتقال الناشطين بهذا التنظيم والضغط عليه."

وتابعت هارف قائلة: "لكن يمكنني القول بأن التسجيل غير عادي بالنسبة لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية" خاصة لجهة إظهاره لزعيم التنظيم، ناصر الوحيشي، مضيفة: "لا يمكننا طرح استنتاجات عامة حول قوة القاعدة من خلال تسجيل واحد، فنحن نعرف أن التنظيم يزداد قوة."

وما من شك بأن المواجهة المفتوحة الآن بين القاعدة والسلطات الرسمية اليمنية نيابة عن الولايات المتحدة وتحالفا معها سوف تشهد مزيدا من التصعيد دون إمكانية لإعطاء سقف معين تصل إليه معركة كسر العظم بين الطرفين أو أطراف المواجهة. لكن, يقول خبير أمني يمني لوكالة خبر: "العدد الأكبر من الضحايا تاليا يقع في جانب الجنود اليمنيين الذين باتوا هدفا أولا لهجمات انتقامية وعمليات انتحارية راح ضحيتها مئات القتلى والمصابين".