أزمة اليمن نعمة لمهربي البشر

تؤدي الأزمة الأمنية في اليمن إلى توسع سريع في تهريب البشر، حيث يسعى الآلاف من المهاجرين اليائسين من منطقة القرن الأفريقي لاستخدام البلاد كبوابة للوصول إلى المملكة العربية السعودية.

تجدر الإشارة إلى أن المتمردين الحوثيين سيطروا على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ايلول بعد معركة مع الجيش والإسلاميين السنّة.

وقد تسببت ثلاثة تعديلات وزارية في أقل من شهرين والاشتباكات الجارية في العديد من المناطق في خلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد. كما زاد مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأمور تعقيداً في الأونة الأخيرة بفرض عقوبات على الرئيس السابق علي عبدالله صالح واثنين من كبار القادة العسكريين الحوثيين.

وفي حين أن معظم اليمنيين يشكون من الفوضى، يرى فيها مهربو البشر فرصة سانحة. فقد وصل إلى البلاد الآلاف من المهاجرين الأفارقة الذين يسعون للوصول إلى المملكة العربية السعودية مستغلين ضعف الجهات الأمنية الرسمية.

ففي شهر سبتمبر ،ايلول أبلغت أمانة الهجرة المختلطة الإقليمية التي تتخذ من نيروبي مقراً لها عن وصول 12.768 وافداً جديداً - غالبيتهم من إثيوبيا، أي أكثر من ضعف الرقم المسجل في سبتمبر/ايلول 2013، وأحد أكبر التدفقات الشهرية على الإطلاق.

وقد نشأت تجارة مربحة تقوم على الابتزاز والتهريب على طول طريق الهجرة عبر البحر الأحمر، بالاحتيال على المسافرين الذين لا يعرفون عن اليمن إلا القليل.

وتصل الأغلبية الساحقة من المهاجرين بطريقة غير مشروعة عن طريق القوارب من دولة جيبوتي المجاورة. وعند وصولهم، يتعرضون بشكل روتيني للضرب والاغتصاب على أيدي المهربين الذين يسعون لانتزاع مبالغ إضافية منهم.

ثم يبدؤون رحلتهم التي يبلغ طولها أكثر من 400 كيلومتر على طول الساحل، فيسافر الأشخاص الذين يستطيعون تحمل النفقات بالسيارة، بينما يضطر الآخرون للسير طوال المسافة.

وبحسب تقديرات أمانة الهجرة المختلطة الإقليمية، ينتهي المطاف بما يقرب من 75 بالمائة من الوافدين الأفارقة في مخيمات صحراوية نائية خلال سعيهم للوصول إلى السعودية، ويموت بعضهم من الجوع أو الجفاف أو المرض بعد أن يتخلى عنهم المهربون، بينما يُقتل آخرون على أيدي قطاع الطرق إذا فشلوا في إقناع عائلاتهم أو أصدقائهم في الخارج بدفع فدية للإفراج عنهم.

أمسك مجرمون مرتين بعبد الله البالغ من العمر 19 عاماً، وهو من هرار في إثيوبيا، أثناء رحلته الى السعودية، ولكن لحسن حظه، كان يملك ما يكفي من المال لتفادي هذه المتاعب. ولكن بعد أن أصبح بلا مال، اضطر لالتماس سفر مجاني إلى صنعاء حيث يسعى للحصول على وظائف مؤقتة ويتقاسم كوخاً مكوناً من غرفة واحدة مع مهاجرين آخرين.

مع ذلك، فإن القصص المشابهة لقصته لا تردع الآلاف الآخرين الذين يحاولون الوصول إلى السعودية. وفي هذا الصدد، قال علي، وهو مستشار صدمات نفسية لم يشأ أن يكشف عن اسمه الكامل "كنا نظن أن مدى سوء المعاملة والمشقة قد فاق أخيراً إغراء الحصول على عمل في المملكة العربية السعودية". ويعمل علي مع المهاجرين في بلدة حرض، التي تبعد حوالي 10 كيلومترات إلى الجنوب من منفذ الطوال الحدودي الذي أصبح العاصمة الفعلية لشبكة التهريب. وأضاف قائلاً "لقد قامروا بكل شيء من أجل حلم يتحول إلى كابوس بمجرد سيطرة العصابات على طريقهم".

من جهتها، تتوقع نيكوليتا جوردانو رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن استمرار تلك الممارسات، محذرة من أن "هذه بداية الموسم التقليدي لتدفق المهاجرين لأن الظروف المناخية مواتية أكثر".

وأضافت أنه "من الواضح أن هناك فرص عمل متاحة في المملكة العربية السعودية، بغض النظر عن مدى صعوبتها. ومن الواضح أن عامل الجذب في المملكة العربية السعودية لا يزال قوياً للغاية".

وقد تم تكليف عبدالرحمن جميل نائب المدعي العام في مديرية حرض بمهمة تنفيذ العدالة في هذا الجزء من اليمن، حيث يتغلب سماسرة السلطة على سيادة القانون. وينظر جميل إلى الوضع القائم نظرة واقعية "لأنه عمل قائم على التهريب، ستكون هناك دائماً طرق مختلفة، وطرق جديدة على الأرض وفي البحر حيثما يوجد المهربون والجنود الفاسدون".