قاعدة اليمن احتجز الخالدي وديبلوماسياً إيرانياً بـ«قيد واحد»

صبيحة 28 آذار (مارس) من 2012، كانت الأفكار والمشاريع تتزاحم أمام القنصل السعودي في اليمن عبدالله محمد خليفة الخالدي، وهو يخرج من منزله في حي المنصور بعدن. ففي نهاية هذا اليوم سينتهي تكليفه بالعمل في اليمن، بعد ثلاثة أعوام «رسمية» وعام «تمديد»، ليحزم حقائبه ويعود إلى أسرته وذويه في السعودية، على أن ينتقل إلى مقر عمل جديد بإحدى البعثات السعودية في الخارج. وربما مقر الوزارة في حي الوشم بالعاصمة الرياض أو أحد أفرعها بالمناطق.

أفكار كثيرة كانت تراوده حينها، إلا شيء واحد، أنه على وشك أن يدخل «قائمة المختطفين»، في بلد اكتسب سمعة كبيرة في عالم الاختطاف، بما فيها «الاختطاف السياحي».

لكن الديبلوماسي السعودي عاش طوال الـ1069 يوماً التالية، تجربة هي «الأقسى» و»الأصعب» في حياته. فبعد اختطافه من مجموعة مسلحة تسلمه التنظيم الأكثر إرهابية في العالم «القاعدة»، قبل أن يتعرف الناس على جنينه المشوه «داعش».

يرفض الخالدي، الذي أمضى الأيام الماضية بين أهله وذويه في بلدة أم الساهك (غرب محافظة القطيف)، أن يروي للإعلام ما عاشه طوال أعوام الاختطاف الثلاثة.

وبحسب تصريحات احد اقرباء الخالدي لصحيفة لـ «الحياة» أكد أن «اختطاف عبدالله كان غير مخطط له، على رغم أنه فقد مركبته قبل الواقعة بشهرين، لكن سرعان ما أعيدت إليه».

وأضاف: «توقع الخاطفون بعد عامٍ ونصف العام من الاحتجاز والمعاملة القاسية والضغوط النفسية، أن بإمكانهم الحصول من عبدالله على معلومات، ولكن جهودهم فشلت فلم يقدم لهم أية معلومات أمنية ربما تساعدهم في اختراق أمن المملكة، ما أجبرهم على تغيير معاملتهم له، ونقله من منطقة إلى أخرى. وشاءت الأقدار أن يكون حبيساً لأربعة جدران، برفقة محتجز آخر، يحمل الجنسية الإيرانية، وهو ديبلوماسي أيضاً، اسمه نور أحمد نكبخت، اختطف بعد عام من اختطاف الخالدي، وحُرر بعده بثلاثة أيام.

وذكر المصدر أن «الخالدي لم يكن يستشعر الأشياء من حوله طوال ستة أشهر، سوى أنه معزول في غرفة بمنطقة بريّة، وليس بإمكانه معرفة الأشخاص الذين يزورونه أو يخاطبونه، بسبب تغطية عينيه». وأشار إلى أنه كان «مقيداً بسلاسل مثبّتة في أحد الجدران، ثم تطوّر الأمر إلى إطالة تلك السلاسل، حتى أصبح بمقدوره التجوّل في الغرفة بنوع من الحريّة مقارنة بالسابق». ولفت إلى تعرّضه إلى «أنواع من التحقيق والعنف، ومحاولة استدراجه في الحديث، حتى باءت محاولات محتجزيه بالفشل، فاضطرّوا لتغيير معاملتهم معه».

وأشار القريب إلى أن مركبة الخالدي سُرقت من أمام منزله قبل عملية اختطافه بشهرين، وقام بإبلاغ الأجهزة الأمنية اليمنية، التي عثرت عليها بعد نحو أسبوعين. وأكد أن التنظيم لم يكن يخطط لعملية الاختطاف مسبقاً. وذكر أنه في يوم الواقعة كان الخالدي ذاهباً لتسليم العهدة التي في حوزته، وتجهيز نفسه للعودة إلى المملكة، وحجز على متن رحلة جوية، إثر انتهاء فترة التكليف، بعد إكماله ثلاثة أعوام رسمية، وتمديد عام آخر. فيما تمت عملية الاختطاف في آخر يوم من العام الرابع لعمله، من طريق مجموعة سلمته لاحقاً لتنظيم «القاعدة» الإرهابي.

وعن طبيعة الحياة التي أمضاها الخالدي، أوضح القريب أنها «تغيرت بعد الفشل الذريع في الحصول على معلومات منه»، لافتاً أنهم «بدؤوا في إعطائه من الأكل الذي يتناولونه بواقع ثلاث وجبات يومياً، ولم يمنعوه من أداء الصلوات الخمس في توقيتها، كما كانوا يفعلون في السابق، إضافة إلى إتاحة الفرصة له لقضاء حاجته والذهاب إلى دورات المياه، مقيداً بالسلاسل ومعصوب العينين».

وأكد أن الخالدي «لم يكن يعرف في أي منطقة يحتجز، أو المدة التي قضاها منطقة قبل أن يُنقل لأخرى».

وأفاد أن «عملية التحرير حدثت يوم الأحد، وبقي يوماً كاملاً في اليمن خضع خلاله لفحوص للتأكد من سلامته بعد وصول فرقة من الهلال الأحمر مخصصة لهذا الغرض. فيما تم الإعلان عن تحريره يوم الاثنين. وأجريت تحاليل طبية مرة أخرى بعد وصوله إلى الرياض. وكانت النتائج تشير إلى سلامته من النواحي كافة».

فيما أكد أنه سيباشر مهمات عمله الجديدة في فرع وزارة الخارجية بالدمام بعد شهرين تحديداً. فيما رجح حصوله على ترقية، تم إبلاغ الخالدي بها ولم يُعلن عنها بعد.

المصدر: الحياة اللندنية