تقرير أمريكي يستعرض إخفاقات الإخوان أثناء تقلدهم السلطة

نشرت مؤسسة "كارنيجي" الأمريكية للأبحاث، مؤخراً، تقريراً مفصلاً عن إخفاقات جماعة "الإخوان المسلمين" أثناء وجودهم في السلطة في مصر، من 1 يوليو/تموز 2012 وحتي 3 يوليو/حزيران 2013، وذلك من النواحي السياسية والأيديولوجية والتنظيمية.

ويسرد التقرير الجوانب المختلفة للجماعة والتي أدت إلي إخفاقها مجتمعياً أيضاً، إلي الحد الذي جعل الشعب المصري ينتفض ضدها في 30 يونيو/حزيران 2013.

وأكد التقرير أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية بما يتماشى مع روح العصر، كما أن اشتغالهم بالعمل السياسي واندماجهم في النظام القائم قبل ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011، لم يؤد إلي تبنيهم أفكار الديمقراطية والحداثة، كما توقع البعض.

ووصف الكاتب فكر الإخوان السياسي بالضحالة والانتهازية، مما أثر بالطبع علي ادعاءاتهم بالشرعية وبامتلاك مشروع لإقامة دولة ذات نظام حكم إسلامي.

وفي ذلك الإطار، لم تتمكن الجماعة من ترجمة الانتصارات الانتخابية التي حققتها إلي سيطرة حقيقية علي المشهد السياسي، وقد أدي كل ما سبق إلي فقدان الثقة في شعار "الإسلام هو الحل" الذي رفعه الإخوان.

وحدد التقرير ثلاثة أخطاء رئيسية وقعت فيها جماعة الإخوان، وبخاصة على

المستوي السياسي.

فلم تتمكن الجماعة من قراءة الوضع السياسي في مصر علي نحو سليم، حيث اندفعت بقوة نحو محاولة السيطرة علي المشهد في عملية تخللها أخطاء تكتيكية فادحة، حيث لم يدرك قادة الإخوان وجود قوي مؤسساتية تقليدية ممثلة في الجيش والشرطة والقضاء والجهاز الإداري للدولة ينبغي، إما مواجهتها أو استرضاءها.

وخاضت الجماعة معركة لا يمكن حسمها أو تحقيق النصر فيها، متسلحين بالحماسة الأيديولوجية وأوهام العظمة، وليس بناء علي تقييم واقعي للحقائق الموجودة علي الأرض.

أما علي المستوي الأيديولوجي، فظهرت الانتهازية بشكل جليّ في تطويع بعض الأفكار لتحقيق انتصارات سياسية علي المدي القصير، إلا أن هذا لم يمحو من ذهن المصريين الأفكار المتطرفة، التي تعتبر ركيزة أساسية في فكر الجماعة.

كما أن الانفصال الواضح بين فكر الجماعة ومواقفها السياسية أظهر للجميع عدم التوافق بين فكر الإخوان والقيم الديمقراطية الحديثة.

وعلي المستوي التنظيمي كانت "الهيراركية" الجامدة التي تتصف بها الجماعة من الناحية التنظيمية، فضلاً عن المركزية الشديدة وعدم الشفافية في صنع القرار والانغلاق علي الأعضاء والعزلة عن بقية أطياف المجتمع.

وأصبحت "الهيراركية" الجامدة عقبة أمام قدرة الجماعة علي التكيف مع المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن حرص الجماعة المبالغ فيه علي تحقيق الوحدة التنظيمية وإسكات الآراء المخالفة، أدي إلي ابتعاد العقول المميزة وانشقاقها عن الجماعة.

كما أن عقلية القادة التنظيميين للإخوان والتي يطغي عليها الانطواء والتحجر ساهمت أيضا في إعاقة قدرتها علي بناء شبكة من الحلفاء الداعمين لها.

ويتناول التقرير بالشرح أيديولوجية الإخوان التي يغلب عليها الجمود والتمسك بأفكار الإمام المؤسس حسن البنا وسيد قطب، شديدة التطرف، والتي تجاوزتها الحركات الإسلامية في الدول الأخرى مثل تونس والمغرب والسودان، كفكرة "دولة الخلافة" وغيرها من الأفكار غير القابلة للتحقق والمتنافية مع روح العصر.

بالإضافة إلي تفسيراتهم الخاصة للنصوص الدينية والتي أقل ما توصف به أنها شديدة العنصرية والتمييز ضد المرأة والأقليات وكل ما هو غير مسلم، كما لا يخفي علي أحد التناقض بين ادعاء الالتزام بالشريعة والقيم الإسلامية وبين اتباع سياسة اقتصادية تقوم علي آليات السوق والالتزام بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، إلي غير ذلك من التناقضات التي يحفل بها فكر الجماعة.

وكان من الطبيعي بعد كل ما سبق أن ينصرف الشعب المصري عن هذه الجماعة، ويعلن لفظه لها، من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت محافظات مصر في 30 يونيو/حزيران 2013، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة يسطر فيها الشعب المصري صفحة ناصعة من صفحات الوطنية والانتماء والتكاتف من أجل رفعة مصر داخلياً وخارجياً.