الوطن العمانية: "شتاء النفط: توجيه الأزمة لإعادة تشكيل خارطة العالم الجيوسياسية"

إن شتاء انخفاض أسعار النفط في العام 2015م سيطول هذه المرة, لينتهي بتكشف خيوط اللعبة وأبرز اللاعبين الدوليين لاحقا, ولكن ربما سيكون ذلك بعد انهيار العديد من اقتصادات العالم, وربما العديد من الأنظمة السياسية التي ستفشل في احتواء أزمة النفط, نظرا لاعتمادها الكبير عليه, ما سيتسبب بصدامها مع شعوبها. وباختصار شديد، فإن الحروب القادمة ستكون حروبا على الموارد, حروبا وصراعات بين الأمم المستهلكة القوية والأمم المنتجة الأضعف والغنية بالموارد.

يجمع خبراء الاقتصاد والمحللون المتخصصون والمتابعون لقضايا النفط والطاقة, على أن التدهور الحاصل في أسعاره هذه الأيام يعود لأسباب يمكن حصرها تقريبا في الآتي:

أولا: تراجع الطلب الصيني ـ العملاق الاقتصادي الآسيوي المرشح الأبرز والأكبر لمنافسة الولايات المتحدة الأميركية ـ نتيجة ارتفاع كلفة مستوردات الصين من النفط بفعل انخفاض سعر صرف اليوان, الأمر الذي ساهم في تراجع الطلب من ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم، وأثر على اقتصاده بشكل كبير، ما يمكن أن يجعله يتأخر كثيرا في اللحاق بالقوة واقتصاد الولايات المتحدة الأميركية, وهو أمر ستستفيد منه كثيرا هذه الأخيرة في تعميق جراح التنين الصيني, وثاني قوة اقتصادية في العالم.

ثانيا: إلى ارتفاع مؤشّر سعر صرف الدولار بالنسبة للعملات الرئيسية, الأمر الذي خفض الأسعار خوفًا من ارتفاع هائل في معدلات التضخم, فالعلاقة عكسية دائما بين الدولار والنفط, مع التأكيد على أن استمرار قوة الدولار أمام العملات الأخرى سيزيد من انخفاض أسعار النفط بشكل أكبر خلال الفترة القادمة, أما السبب الثالث والأبرز فهو توجه كبريات الدول العربية المصدرة للبترول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والعراق وليبيا إلى الحفاظ على حجم الإنتاج لضمان حصتها السوقية بدل الحرص على رفع الأسعار من خلال خفض الإنتاج، وهو ما خلق فجوة بين الكمية المعروضة والطلب. وبمعنى آخر فإن موقف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من إبقاء سقف إنتاج النفط عند مستوى معين, ساهم هو الآخر في رفع الكميات المعروضة والضغط على سعر النفط ومنعه من الارتفاع في ظل طلب مستقر, وهنا نقول بأنه ورغم تأثر ميزانيات واقتصادات كل دول أوبك, إلا أن هناك دولا معينة ستتضرر أكثر بكثير من استمرار هذا الأمر.

رابعا: الاتفاق النووي الإيراني الذي يتضمن رفع العقوبات عن إيران, ما سيسمح لها بزيادة صادراتها النفطية, وهو الأمر الذي فاقم وسيزيد بدوره من زيادة الكميات المعروضة من النفط في السوق العالمي، مع توقع أن تضخ إيران كميات أكبر من النفط خلال السنوات القادمة لتعويض سنوات الكساد في ظل مخزون هائل لم يتم الاستفادة منه كثيرا أثناء فترة الحظر والحصار الاقتصادي. خامسا: عدم تأثير التوترات السياسية التي تشهدها الدول المصدرة للنفط مثل العراق وليبيا على حجم الإنتاج، وهو ما خالف التوقعات العالمية التي كانت تشير إلى ارتفاع أكبر في الأسعار.

والسبب السادس يعود إلى استقرار الاقتصاد العالمي بشكل عام وهو أمر مهم للغاية، فمعدلات النمو في أسواق اليابان وأميركا وأوروبا لا تزال متوسطة, ولا تعادل التوقعات المسبقة التي ارتفع سعر برميل النفط بسببها.

أخيرا: ثورة الوقود الصخري الذي ساعد بشكل كبير في تعويض ما تم توقفه من الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط خصوصا بسبب الأحداث السياسية في هذه البقعة المضطربة من العالم, رغم ثمة مؤشرات على أن نمو إنتاج شركات النفط الصخري وغيرها من المنتجين من خارج منظمة أوبك بدأ يتباطأ, غير أنه لم يبدأ الانخفاض حتى الآن, مع بعض التأييد لانخفاض الطلب من الأسواق الأوروأميركية والتي تعد بعد الصين من أهم الأسواق المستهلكة للطاقة, نظرا لعدم اعتماد هذه الأخيرة على نفط الشرق الأوسط كثيرا بسبب مخزون النفط الصخري الذي تملكه من جهة, ولعدم اعتماد العديد منها على النفط في اقتصادها, بل على العكس فإن انخفاض أسعار النفط أفادها كثيرا. ففي هذا السياق أكدت صحيفة (لا ليبر بلجيك) أن بلجيكا ـ وهي مثال ـ من الدول الأكثر استفادة من انخفاض أسعار النفط، ويمكن أن تكسب ما يؤدي إلى تسجيل واحد في المئة من النمو. وأبرزت الصحيفة أنه إذا كانت انعكاسات هذا الانخفاض كارثية بالنسبة لعدد من الدول، فإن حوالي 85 في المئة من دول العالم تستفيد منه، وعلى الخصوص بلدان منطقة اليورو والتي تستورد أغلبها الذهب الأسود.

طبعا ما سبق التطرق إليه من أسباب يتناول التحليلات الاقتصادية العلمية التي لا شك في صحتها بناء على معطيات السوق ورؤية المتخصصين المحترفين في مثل هذا النوع من القضايا مع إبداء بعض الملاحظات الشخصية التي تدعم الأفكار التالية على تلك الأسباب سالفة الذكر, وهو ما نود الوصول إليه من خلال هذا الطرح الذي يحمل بين طياته بعض التساؤلات المشوبة بالشكوك والأسئلة التي تحتاج إلى نقطة نظام للتوقف حولها, فلعل هناك أسبابا أخرى أكثر عمقا ومأساوية تختفي خلف أكنة الخوف والقلق والاضطراب العالمي الذي هز ـ وما زال ـ أقوى اقتصادات العالم، وأطاح بميزانياتها إلى قاع التضخم والانهيار, ودمر كل الأفكار والمخططات التنموية الرائعة التي رسمت لغد أفضل للعديد من شعوب العالم, ودس كمية كبيرة من السم في عسل الذهب الأسود، ما جعل الأمل في مستقبل رائع للإنسانية يتوقف هذه المرة عند مفترق طرق تاريخي ربما سيحول ربيع النفط بكل جماله إلى شتاء قارص سيطول صقيعه لسنوات أطول من المتوقع.

فما هي تلك الأسئلة والشكوك المشوبة بالخوف والقلق والتي لا يستبعد أنها تسير بالأسباب التي هوت بأسعار النفط إلى الحضيض لتركن إلى ما يطلق عليه بالمؤامرة الكبرى أو توجيه الأزمة عن بعد من جهة ما, أو دولة ما, أو منظمة ما, أو حتى تكتل او حلف اقتصادي أو سياسي ما, لرسم خارطة العالم الجيوسياسي، ونحن مقبلون على نهاية منتصف العقد الثاني من القرن الـ21 وبداية العقد الثالث منه, وهو كما وصفناه في طرح سابق لنا تحت عنوان: العالم على تخوم نظام حكم الكثرة (البولياركي) Polyarchy , بأنه سيكون قرنا مليئا بالاضطرابات السياسية والجيوسياسية في هياكل البنية السياسية العالمية على وجه العموم, وستتركز اغلبها خصوصا على رقعة الشطرنج الأوراسية، وبشكل أكثر دقة وتحديدا في نطاق حدود البيت السوفيتي القديم وخارطة الشرق الأوسط الجديد, هذه المنطقة الشاسعة كما يصفها زبجينو بريجنسكي في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى 1999م (تمزقها الأحقاد المتأججة والتي يحيط بها جيران متنافسون أقوياء, مرشحة لأن تتحول إلى ساحة معركة كبرى للحروب ما بين الدول القومية, وعلى شكل أرجح للعنف العرقي والديني طويل الأمد).

إذًا، ما هي الأسباب التي ترجح نظرية الإدارة الموجهة أو القصد في تعميق الجراح بقضية انخفاض أسعار النفط الذي يضرب الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن لأسباب جيوسياسية من جهة, ولتغيير خارطة التحالفات الدولية الراهنة على المستوى الإقليمي والعالمي من جهة أخرى؟ وما هي الأسئلة التي يمكن أن تطرح في هذا السياق المحتمل ولا نقول المؤكد, والتي يقع على رأسها: هل هناك من يدفع باتجاه إيقاف المساعي الدولية نحو إعادة التوازن لأسعار النفط العالمية والإبقاء على سقف الإنتاج الحالي، ما يتسبب في مزيد من إغراق الأسواق بفائض كبير في إنتاج النفط؛ وبالتالي انخفاض أسعاره بالشكل الذي أصبح عليه اليوم بهدف الإضرار باقتصاد دول معينة ولأهداف سياسية أو جيوسياسية مخطط لها سواء كانت معلنة أو غير معلنة؟
هل هناك أقطاب إقليميون أو دوليون يحاولون القضاء على بعض التحالفات والقوى السياسية خصوصا بهدف تغيير خارطة التحالفات القائمة اليوم؟ هل هناك قوى معينة تملك أوراقا رابحة سواء كانت سياسية أو اقتصادية حان الوقت لاستخدامها أو استغلالها وعلى رأسها النفط لإسقاط اقتصادات دول معينة بهدف إعادة رسم هياكل القوة والسيادة على رقعة الشطرنج الدولية بوجه عام والأوراسية والشرق أوسطية خصوصا؟ هل ما يحدث اليوم هو محاولة لإحكام الخناق على جهات أو دولة محددة لتأديبها من خلال تركيعها وإخضاعها من خلال ضرب اقتصادها بهدف التحكم بها دن استخدام الأسلحة التقليدية؟ وأخيرا, هل سيحدث انفلات تام في سياق هذا السيناريو الكارثي, سيؤدي بدوره إلى مأساة كونية أكبر بكثير من قضية انخفاض أسعار النفط وانعكاساتها, أو تغيير التحالفات والتكتلات الدولية, لتتعمق الأزمة أكثر نحو ضرب الوجود الإنساني والحياة الطبيعية باندلاع حروب كونية؟

وتكمن بعض الإجابات والإشارات والدلائل في سياق الطرح السابق والذي يؤيد نظرية التوجيه والتحكم بأسعار النفط بقصد الإضرار بدول وجهات معينة، وضرب اقتصادها وتأديبها وتركيعها لأهداف سياسية أو جيوسياسية مستقبلية في الآتي:

أولا: عودة الانقسامات والتعسكر بين الشرق والغرب إلى البروز بوجه متطور ومناسب لقرن الفوضى إقليميا على خارطة الشرق الأوسط وأوراسيا خصوصا, فهناك انقسام حول تحالفات قادمة قائمة على التشكل والبناء ـ ولو أنها تعيش في مرحلة من الاضطراب الجيوسياسي ـ تقودها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، وإقليميا إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية سياسيا واقتصاديا, تعمل فيها تلك الدول ومن تحالف معها على ترسيخ قوتها وسيادتها على رقعة الشطرنج الإقليمية والدولية, مع السعي إلى تشكيل تحالفات جديدة تساهم في ترسيخ مفاهيم القوة والسيادة من جهة, والإضرار أو ضرب مصالح من تعتبرهم الخصوم أو الأعداء الذين يقفون في وجه مخططاتها وتوجهاتها من جهة أخرى.

ثانيا: بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من بروز العديد من التغيرات العابرة للقارات في المفاهيم والتوجهات السياسية والاقتصادية والجيوسياسية، يقع على رأسها الحرب على الإرهاب، وظهور المنظمات المتطرفة والإرهابية التي بدأت بالسيطرة الجيوسياسية على بعض المناطق الجغرافية في العالم خصوصا الشرق الأوسط, بات الخوف والقلق يسود العديد من دول العالم ما جعلها تنظر بعين الشك والريبة إلى بعضها البعض حيال استغلال تلك الجماعات والمنظمات لضربها وتهديد سيادتها وأمنها واستقرارها, وإلى مستوى وأهداف تحالفات بعضها البعض، الأمر الذي دفع تلك الدول إلى محاولة السعي لتشكيل تحالفات عسكرية وتجمعات أمنية إقليمية ودولية جانبية لمواجهة ذلك الخطر، وللرد بالمثل على تلك الدول التي تعتبرها التهديد الأقرب والأبرز لها. وهنا برزت المشكلة نظرا لتعمق جذور الخلافات وتوسع دائرة التحالفات الفضفاضة، كما سبق وأشرنا إليها في العديد من الطروحات. – راجع في هذا السياق مقال لنا تحت عنوان: العالم على تخوم نظام حكم الكثرة (البولياركي) Polyarchy – ونظرا لوجود ثقوب واضحة في تشكيل تلك التحالفات تعمقت الخلافات وزادت التناقضات والفوضى, ما أدى بدوره إلى اضطراب وانقسام شديد الخطورة في تلك التحالفات الإقليمية والدولية, أدى بدوره إلى إشعال دائرة التآمر وقصد الإضرار بمصالح وتحالفات من تعتبرهم أعداءها أو خصومها، سواء كان ذلك باستخدام أوراق سياسية أو اقتصادية.

ثالثا: لا أعتقد أن مسألة انخفاض أسعار النفط الحالية ولا حتى السابق منها هي أزمات جاءت محض الصدفة أو نتيجة عوامل طبيعية في بناء الاقتصاد العالمي, فهناك دائما وراء كل أزمة مؤامرة للسلطة والربح, وللتاريخ إثباتات وإشارات ودلائل مؤكدة على ذلك, وليست أزمة النفط الراهنة هي الأولى, وليست هي الشكل الوحيد للأزمات العابرة للقارات التي ضربت اقتصاد العالم وهوت بالبورصات وأسواق المال وميزانيات الدول, بل وأسقطت العديد من الأنظمة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية, والتي تكشفت حقائقها لاحقا, واتضحت خيوط اللعبة واللاعبين حولها, فالمسألة دائما ما تكون مسألة وقت وبحث عن شماعة يمكن التعلق بها واستغلاها لكسب الرهان حول الربح والخسارة, أو الإطاحة بالمتنافس الآخر على رقعة الشطرنج الدولية.

والتاريخ يثبت وبما لا يدع مجالا للشك بأن النفط أو الذهب الأسود هو أبرز وأهم “ريموت كنترول” لأخطر لعبة عرفها التاريخ الحديث وهي لعبة النفط. فعلى سبيل المثال لا الحصر أفادت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل في عددها الصادر في شهر سبتمبر 2001م في مقال لفرانك فيفيانو أنه: يمكن أن تلخص الرهانات الخفية في الحرب على الإرهاب بكلمة واحدة هي النفط. ويبدو أن خريطة الملاجئ والأهداف الإرهابية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تماثل تلك المتعلقة بمصادر الطاقة الأساسية في العالم إلى حد بعيد في القرن الـ21, كما يمكن في هذا السياق العودة إلى تصريح البيت الأبيض بتاريخ 28/نوفمبر/2001 حول موضوع افتتاح اتحاد خط أنابيب قزوين, كذلك الرجوع إلى ما جاء في رويترز في موضوع لعبة آسيا الوسطى العظيمة تنقلب رأسا على عقب, بتاريخ 25/سبتمبر من العام 2001م. وبمعنى آخر، أن النفط أصبح لعبة عالمية جيوسياسية للتحكم بالعالم من خلال أزرار تملكها بعض الدول والاقتصادات العالمية الكبرى, وهو أمر لا بد أن تعيه ولو بشكل متأخر تلك الدول التي يعتمد اقتصادها وقوام حياتها على البترودولار, ما يجعلها فريسة سهلة ولقمة سائغة وهدفا واضحا لتلك القوى المتحكمة بلعبة النفط.

ختاما وفي هذا السياق نشرت مجلة FORTUNE في عددها الصادر بتاريخ الـ9 من فبراير من العام 2004م مقالا لديفيد ستيب يلخص فيه تقريرا للبنتاجون يدرس الانعكاسات الأمنية لعالم مستقبلي مفترض انتابته حالة من السعار نتيجة تغير مناخي حاد, يبدأ المقال وعنوانه: كابوس البنتاجون المناخي, بمخاطبة القارئ على النحو الآتي: تخيل أن دول أوروبا الشرقية في سباق كفاحها لإطعام شعوبها تغزو روسيا ـ التي تنوء بساكنيها الذين هم أصلا في طريقهم إلى الانحطاط ـ وذلك للوصول إلى المعادن وموارد الطاقة الروسية, أو تصور اليابان تضع عينها على احتياطات روسيا المجاورة من النفط والغاز لتشغيل محطات تحليه المياه التي لديها وإمداد زراعتها النهمة للطاقة.

وفي مقال لاحق لـ”ايرا تشيرنوس” تحت عنوان: (تغير مناخي خطير يدفع البنتاجون إلى الجنون), متوفر في موقع www.commondreams.org وهو مقتبس من التقرير نفسه يظهر التاريخ أنه كلما وجد البشر أنفسهم مضطرين إلى الاختيار بين الموت جوعا أو الإغارة, فإنهم سيختارون الأخيرة, لذلك علينا أن نفترض أنه: إذا كان العالم سيتعرض لتغيير حاد في المناخ في العقود القليلة القادمة ـ ربما هذا المناخ لن يكون شتاء جليديا أو تمدد ثقب الأوزون بقدر ما سيكون شتاء طويلا في أسعار النفط سيؤدي إلى نتائج كارثية على الدول والشعوب ـ, فإن النمط القديم التالي سيعود إلى الظهور, وهو اندلاع حروب شاملة يائسة حول الغذاء والماء والطاقة, وقد تعود الحرب مرة أخرى لترسم حدود الحياة والموت.

إذًا، يمكننا القول إن شتاء انخفاض أسعار النفط في العام 2015م سيطول هذه المرة, لينتهي بتكشف خيوط اللعبة وأبرز اللاعبين الدوليين لاحقا, ولكن ربما سيكون ذلك بعد انهيار العديد من اقتصادات العالم, وربما العديد من الأنظمة السياسية التي ستفشل في احتواء أزمة النفط, نظرا لاعتمادها الكبير عليه, ما سيتسبب بصدامها مع شعوبها. وباختصار شديد، فإن الحروب القادمة ستكون حروبا على الموارد, حروبا وصراعات بين الأمم المستهلكة القوية والأمم المنتجة الأضعف والغنية بالموارد, وستكون القوة والغلبة لمن يملك أزرار “ريموت كنترول” تلك اللعبة العالمية والتي ستمكنه من التحكم بمزيد من الأوراق الرابحة ورقعة الشطرنج الجيوسياسية الدولية في ما نطلق عليه بشتاء النفط، في أكبر لعبة عالمية لتوجيه أزمة انخفاض أسعار النفط لإعادة تشكيل خارطة العالم الجيوسياسية.

* الوطن العمانية