ملكة جمال جنوب السودان.. موظفة حكومية تكره القبلية وتنشد السلام

بعيداً عن حلبة الاقتتال الذي اكتوى الشعب بناره، منذ أشهر طويلة، وهروباً من الصراع القبلي، بدولة جنوب السودان، اجتمعت 12 فتاة، أواخر الشهر الماضي، للتنافس على لقب “ملكة جمال” هذا البلد الوليد.

وبعد خضوع المتسابقات لعدة اختبارات في مجالات ثقافية، واجتماعية، وسياسية، وغيرها، أحرزت أجا كير، البالغة من العمر 22 عاماً، اللقب، على أن تمثل بلادها في المسابقة النهائية لاختيار “ملكة جمال العالم”، المقررة في الصين، أواخر العام الجاري.

و”كير” الحاصلة على بكالوريوس المحاسبة، من جامعة ميثوديست، بكينيا، تعمل منذ عامين تقريباً، موظفة في مكتب العلاقات العامة بوزارة البيئة القومية.

وفي حوار مع الأناضول، قالت “كير” المنتمية إلى قبيلة “الدينكا” التي ينتمي لها رئيس البلاد، سلفاكير ميارديت، إن القبلية السلبية، وعدم وجود فرص عمل للشباب والخريجين، هي من أكبر المشاكل في بلدها الذي نال استقلاله عن السودان قبل خمس سنوات، معتبرة أن الحياة بدون سلام “لا تُطاق”.

وتعتزم ملكة الجمال، القيام بعدة مشاريع تهدف إلى تشجيع الفتيات على التعليم، وتوعية النساء بمخاطر مرض “الناسور” البولي، مشيرة إلى أنها ستتوجه إلى المنظمات غير الحكومية والحكومية، لمساعدتها على تنفيذ مثل هذه المشاريع.

ومرض “الناسور”، هو خروج البول من غير موضعه الطبيعي وذلك عن طريق المهبل من غير تحكم المريضة فيه، ويحدث لعدة أسباب منها، عسر الولادة، وضيق الحوض، بالإضافة إلى وجود عيب خلقي في أصل تكوين الجهاز البولي، أو لأسباب جراحية نتج عنها حدوث ثقب أو قطع في القناة البولية متمثلاً في الحالب.

ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2013، تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء عام 2011، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لريك مشار، النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، بعد اتهام الأخير لمشار بمحاولة تنفيذ “انقلاب عسكري”، وهو ما ينفيه الأخير، قبل أن يوقع الطرفان، أواخر أغسطس/آب الماضي، اتفاق سلام يقضي بوقف إطلاق النار، ومنذ التوقيع، يتبادل الجانبان، الاتهامات بخرق هذا الاتفاق.

 

وإلى تفاصيل الحوار:-

* ما شعورك بعد تتويجك بلقب ملكة جمال جنوب السودان للمشاركة في نهائيات 2015  في الصين؟

– شعورى هو أنه حلم وتحقق، وبكل تأكيد أية فتاة فى جنوب السودان تتمنى أن تحمل هذا اللقب، وأريد أن أشكر كل من وقف إلى جانبى ودعمنى للوصول إلى هذه المرحلة، وأتمنى أن أحقق ولو القليل من النجاح خلال مشاركتي فى المسابقة النهائية بالصين.

* من هي أجا كير، وماذا تعمل؟

– أنا من مواليد ديسمبر(كانون أول) 1992، من أسرة مكونة من أم وثلاث بنات، والدي متوفٍ منذ أن كنت في الثانية من عمري، أعمل موظفة بمكتب العلاقات العامة بوزارة البيئة القومية، منذ عامين تقريباً، ولقد درست بكالوريوس المحاسبة والمالية، من جامعة ميثوديست في كينيا.

* أية فائزة بهذا اللقب سيكون لديها عادة مشاريع تنوي تنفيذها، على صعيدك أنت ما هي مشاريعك كملكة جمال جنوب السودان؟

– سأقوم بتصميم عدد من المشاريع وأتوجه بها إلى المنظمات غير الحكومية والحكومية، لمساعدتى فى تنفيذها،  لأكون قد حققت جزءًا من مسؤولياتي الاجتماعية نحو مجتمعي، ومن بين هذه المشاريع، تشجيع تعليم البنات، وتوعية النساء بمخاطر مرض “الناسور” البولي، سأحاول جذب الرأي العالم إلى هذه المخاطر من خلال تنظيم ورش عمل، وسأناشد الأجهزة الإعلامية من أجل لعب دور في هذا المجال.

* برأيك ما المشاكل التي تواجه جنوب السودان ولا تأتي بالاستقرار إليه؟

– أولاً القبلية السلبية التي تعتبر من أكبر مهدادت الاستقرار، فعلى السودانيين الجنوبيين أن يدركوا أنهم مواطنون فى هذا البلد، لأن الفرد إذا ما سافر إلى الخارج يعرّف عن نفسه بأنه مواطن يحمل جنسية جنوب السودان، وليست قبيلة هذا أو ذاك.

أضف إلى ذلك، عدم الاهتمام بالشباب والخريجين، وذلك من خلال إتاحة فرص عمل لهم، أو وضع برامج تتمشى مع وضعهم كشباب، ليندمجوا من خلالها فى عملية التطوير الاقتصادي والمجتمعي للبلاد.

* ماذا عن عملية السلام القادمة إلى جنوب السودان ؟

– نشكر الله كثيراً على سماع أصوات النساء، والأطفال، والمواطنين الضعفاء، بإنزال السلام إلى الأرض، وأشكر طرفى الصراع على الاستجابة لنداء السلام .

وأريد أن أقول أنه بدون سلام لن يكون هناك حياة تطاق فى جنوب السودان، فقط  بالسلام وحده سننعم بالخير والبركات

* ما كلمتك للفتيات هنا بخصوص المشاركة فى مسابقة ملكة الجمال ؟

– أريد ان أشجع الفتيات بضرورة التحلي بالشجاعة، والاشتراك فى هذا المسابقة، وأقول لهنّ إن الجمال وحده ليس المحفز الأول لنيل اللقب، بل ما تملكن من أفكار ورؤية  يمكن أن تخدمن به المجتمع الذي ستحملن اسمه، لأن الفتاة ومنذ اللحظة التي تُتوج بها تكون بمثابة سفيرة لهذا الشعب في الخارج، وهنا أريد أن أشجع الأسر وأوضح لها أن مثل هذه المسابقات مهمة لتقوية شخصية البنت.  

الجدير بالذكر أنه ومنذ عام 2009، شارك جنوب السودان، أربع مرات في مسابقة “ملكة جمال العالم”، لم يحصل خلالها إلا على المركز السابع، الذي أحرزته أتونق دي ماج، في المسابقة التي أقيمت فى الصين عامي 2011 و2012، وشاركت بها 16 فتاة من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى حصولها على لقب ملكة جمال أفريقيا.

وإلى جانب ذلك، حازت أونق على لقب ملكة جمال العالم لعرض الأزياء وتقول إنها أول فتاة سوداء تفوز بهذا اللقب منذ 1951.

ومسابقة “ملكة جمال العالم”، هي مسابقة تعقد سنوياً، تتنافس فيها فتيات تم اختيارهن كملكات للجمال في بلدانهن، للحصول على اللقب، وتتناقلها قنوات تلفزيونية عدة، في بث حي ومباشر.

وكانت أول مسابقة تنظم من هذا النوع، في المملكة المتحدة من قبل البريطاني الراحل، إيريك مورلي، عام 1951 م، وحاليا تتولى زوجته، جوليا مورلي، منصب الرئيس المساعد لمؤسسة ملكة جمال العالم.