يمنيون يسألون عن "التعويضات" و"إعادة الإعمار"؟؟

تشخص أنظار اليمنيين صوب الكويت مستضيفة لقاءات محادثات السلام اليمنية اليمنية برعاية الأمم المتحدة. وفي الأثناء يبدأ حديث هامس في أوساط المدنيين الذين خسروا الكثير حول إعادة البناء والتعمير.... وهل ثمة من يتبنى معاناة المنسيين تحت ركام الخسائر الباهظة وحقهم في الحصول على القليل من "التعويضات" التي لن تعوض أبداً ما فات؟

إذا كانت المعطيات العامة تشير إلى جولات حوار تختلف عن سابقاتها، حيث توافرت إرادات متوازية لإنجاح "صفقة" تسوية وحل سياسي، فإن الانتظار اليمني يأخذ في الحسبان هذه المرة إشارة كويتية أخيرة أعطت دفعة تفاؤل قوية حيال ما أسمته بـ"اتفاق تاريخي" وشيك.

ويتطلع الملايين ممن أثرت فيهم ظروف وتحديات الصراع والحرب وغياب مظاهر الدولة والإدارة المدنية والخدمية، إلى الحصول على تطمينات حقيقية بأن وعد السلام هو ما ينتظرهم الآن ولا مزيد من المعاناة والجنائز وانتظار الموت.

يقول لوكالة خبر "م. س.ع" وهو أب لسبعة من الأبناء ونزح بأسرته من محافظة صعدة شمال البلاد إلى صنعاء حيث يستضيفهم قريب له في منزل صغير يضيق بالجميع: "لقد فقدت أقارب لي هناك في البلاد.. ومنزلنا مدمر وأيضاً لم تعد لدينا سيارة النقل التي كانت مصدر الدخل لإعالة الأسرة".

التقارير شبه الرسمية تشير إلى أن مئات الآلاف من المنازل في محافظات ومدن يمنية مختلفة تعرضت للتدمير الكلي وشبه الكلي جراء الغارات والضربات الجوية والقصف. ولا توجد بعد إحصاءات رسمية وعبر لجان حصر وتحرٍ ينبغي أن تكون جزءاً من مشروع متكامل للتعامل مع المستقبل ومرحلة ما بعد الحرب.

هناك نحو مليوني نازح ومشرد داخلي في اليمن بفعل ظروف الحرب والاقتتال والأعمال العدائية وفقاً للأمم المتحدة. علاوة على أكثر من عشرة ملايين إنسان هم في حاجة ماسة إلى نوع من المساعدات والإعانات الأساسية المنقذة للحياة.

يضاف إلى هؤلاء ملايين من اليمنيين دفعتهم الحرب وظروف الصراع إلى حافة الفقر والعوز. بالإضافة إلى العجز المتراكم في مستويات الخدمات الصحية والتدخلات الطبية والعلاجية الحرجة.

هناك آلاف الأسر فقدت فعليًا المأوى ومصادر الدخل ومتعلقات أخرى على صلة مباشرة بالاستقرار والبدء من جديد.

الخسائر الأكبر والتي لا تعوض تشمل الأحبة ممن قضوا خلال العام الأسود وأعداد كبيرة من الجرحى والمصابين بإعاقات مزمنة وخطيرة وثمة من فقد ولا يعرف مصيره.

يقول لمراسل وكالة خبر "العم محمد- 67 عاماً" من سكان مدينة تعز "أسرتي، أولادي وأخواتي وأبناء أخي المتوفى، مشتتون الآن في ثلاث محافظات، ولم يعد لدينا منزل ولا أدري كيف سنجتمع مجدداً؟ ومن سيعوضنا؟؟".

لم يتم حتى الإعلان الحديث، أو على الأقل الإعلان بتطرق مناقشات ومحادثات السلام إلى قضايا التعويضات وإعادة الإعمار، وهي من القضايا الكبيرة وينبغي مواجهتها بقدر كبير من المسئولية والكفاءة مسقبلاً.

"يجب أن تكون التعويضات وإعادة الإعمار في صدارة اهتمام وأولويات الحوار والاتفاق السياسي"، يؤكد حقوقي يمني وناشط في المجال الإنساني والإغاثي.

كلفة الحرب وفاتورة الصراع المدمر والتمزق الاجتماعي الكبير الذي حدث ستكون فوق التقديرات مهما بالغت في التوقعات وإعطاء أرقام احتمالية.

لكن كل شيء يجب أن يبدأ بوقف الحرب أولاً وتكريس خيار السلام للتمكن من التقدم والمضي في إحصاء الخسائر بأنواعها.

الأمر منوط بمسئوليات اليمنيين وباستحضارهم مسئولياتهم تجاه بلادهم وشعبهم، ومن ورائهم أيضاً الأطراف المتورطة في هذا النزاع الدامي والفاعلة أيضاً في إلحاق المزيد من الخسائر باليمنيين وباليمن، كما أنها مسئولية ثابتة تقع على المجتمع الدولي ككل.