"وحيدة" اليمن في السادسة والعشرين!

وحيدة.. في السادسة والعشرين؛ لا دولة لها ولا حاكم ولا حكومة، ومحبوها أخفت أصواتاً من أي وقت.
لم تكن الوحدة اليمنية، وحيدة، وأقوى مما هي عليه اليوم.
وحدها تُعنى بنفسها.
،،،

النزعات الانفصالية تتحدث، فيما هو باد، مِن موقع (مَن) صار أقوى.
لكنها تتصرف من موقع (مَنْ) عرَّت القوة ضعفه.
ناقص القوة لم يكن يوماً هو مشكلة النزعات الانفصالية أمام أهدافها.
لقد صارت أقوى كثيراً وأوفر مالاً وسلطة وحلفاء وداعمين.
لكنها، أيضاً، لم تكن أضعف مما هي عليه مع توافر كل ذلك.
لماذ؟
مشكلتها لم تكن، أبداً، ناقص القوة، بل وافر الضعف. ضعف المشروع.
الانفصال ليس مشروعاً للحياة من أي نوع.
لكنه يصلح (وهكذا كان دائماً) مشروعاً وظيفياً؛
يضمن عملاً وصيتاً، لكن على هامش الوحدة فقط.
،،،

كانت الوحدة، دائماً، العامل القوي الذي يمنح مشاغبيه قيمة وقوة.
لم تكن الوحدة عامل ضعف، لا للوحدويين ولا للانفصاليين الذين اعتاشوا على مشاغبة الوحدة وبفضلها فقط ملأوا حيزاً من (فراغ/ فراغات) خلفتها دائماً أخطاء وجنايات المعتاشين في الجهة الأخرى على استغلال متاحات الوحدة ومكاثرة مكاسبهم الخاصة وخسائرها العامة.
وقد صار، فيما يبدو، الصفان والصنفان إلى ضعف، بإضعافهم المستميت لمسوغات ومحفزات وعوامل قوة واستقواء الوحدة كمشروع.
فلا الوحدوي يدافع عن وحدة امتهنها بإسراف وأثرى من جيوبها، ولا الانفصالي بقادر على تقديم مشروعه البديل وإقناع الناس (ونفسه) بأن ثمة مشروعاً من أي نوع أصلاً قابلاً للتواجد في اللحطة.
،،،

تتناسل النزعات الانفصالية إشكالات وكيانات ونزاعات ونزعات جهوية وفئوية وتكتلات من كل نوع، بحيث تتوالد نزعات انفصالية (تكاثر بالانقسام الذاتي) ضمن النزعات الانفصالية الأولى.
وتتوالد - تباعاً وتبعاً لذلك - انقسامات وصراعات لا حد لها.
يغدو الصراع والتفتت - فقط ودائماً - هو المشروع الوحيد.
بما أن الانفصال (ويساوي الهدم) ليس مشروعاً للبناء من أي نوع.
وبما أن الوحدة (التي يبدو أنهم وجماعة من المستثمرين الذين أثروا باسمها) قد أضعفوها ولم تعد تضمن لهم عملاً يومياً مستقراً ويدر فوائد مريحة بالاشتغال على مشاغبتها!
هل يفتقد الوحدة ودولتها اليوم أكثر من هؤلاء؟
،،،

أخيراً...
فإن الوحدويين ليسوا أولئك الذين لديهم اندفاعة - هكذا - للقتال باسم الوحدة وهو قد يساوي "قتل الوحدة. بل الذين يؤمنون بأن الوحدة مشروع ينبغي أن يثمر وتعم مكاسبه وفوائده بمعزل عن الحرب والقتال والتغالب وإراقة الدماء.
وهي ليست صنماً نكسر به أواصر التعايش والمنافع المشتركة على أرضية الوحدة.
وإن الانفصاليين ليسوا أولئك الذين ينفرون استياءً مما حدث،
بل إنهم - بدرجة أولى - أولئك النفر من السيئين الذين أحدثوا ما حدث، وأولئك النفر من السيئين في الجهة الأخرى الذين يجعلون ما أحدثه السيئون سبباً وسبيلاً لإحداث الأسوأ.
،،،

ما عدا ذلك فليس هناك من هو أحق بالرثاء والشفقة، من أولئك الذين يعتصبون ويعتصمون بهراء تنظيري حول هوية مزعومة (بخلاف اليمن واليمنية) يدعونها "الجنوب العربي".
ومتى لم يكن اليمن إلا جنوباً عربياً منذ خلق الله الجهات والجغرافيا؟
،،،

في 22 مايو لا أفتقد الوحدة اليمنية.
أفتقد اليمن.