الكويت: «إنقاذ محادثات اليمن»، أم «نقلها» إلى الرياض و«إنقاذ السعودية»؟

تواجد في العاصمة الكويتية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي التقى وفدي محادثات السلام اليمنية، كما التقى أمير الكويت وعقد مباحثات مع مسئولين كويتيين قي وقت يتواجد في الكويت، أيضاً، أمين عام الجامعة العربية، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي.

علمت وكالة خبر من مصادر مطلعة، أن تحركات سياسية متزامنة وشبه منسقة تشهدها العاصمة الكويتية في محاولة لتلافي انهيار محادثات السلام اليمنية، والدفع نحو اتفاق على صيغة خارطة طريق يقترحها اسماعيل ولد الشيخ أحمد، باسم الأمم المتحدة الراعية للمحادثات المنعقدة في الكويت منذ 21 أبريل/ نيسان الماضي.

إنقاذ مَن؟

وتذكر تقارير إعلامية متزامنة مع الزيارة، أن الأمم المتحدة وتحركات مرافقة تحاول "إنقاذ محادثات السلام اليمنية". لكنّ مراقبين يرون أنه إذا صح أن الأمم المتحدة تتبنى رغبات قيادة التحالف السعودي نحو نقل المفاوضات أو التوقيع إلى العاصمة السعودية (بما يعني إنقاذ السعودية وتبييض صفحتها)، فإن هذا سبب كافٍ للتشاؤم حول مصير المحادثات واحتمالات إنجاز اتفاق عملي مقبول. وترجح مقاربات أن "تواجد بان والعربي والزياني يمكن النظر إليه كتعبير عملي عن ضغوط مشتركة تُمارس في الأثناء باتجاه معين".

ما كشفه صالح

والسبت، أعلن الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام، في خطاب بصنعاء، وبصورة قاطعة، أن وفد المؤتمر لن يذهب للتفاوض أو للتوقيع في الرياض. وعلى ضوء ذلك تعززت لدى المراقبين لمسار المفاوضات اليمنية المعلومات المتسربة حول توجه يدفع للانتقال من الكويت إلى الرياض، ويرون أن صالح أعلنها بصراحة، ولكن بطريقة غير مباشرة، من خلال تأكيده على رفض الذهاب إلى السعودية وتفضيله خيار الكويت.

خلفية

في هذا الصدد حث بان كي مون، ممثلي الأطراف في حوار الكويت (وفدي صنعاء والرياض) على العمل بجدية ومرونة والتغلب على الخلافات لإنجاز اتفاق سلام شامل وتوقيع خارطة الطريق في أقرب وقت. مذكراً بمعاناة اليمنيين وتردي الأوضاع الاقتصادية. وقال بان، إن "الوقت ليس في صالح الشعب اليمني".

يشار أن زيارة بان كي مون إلى الكويت جاءت بعد أيام قلائل من لقائه بولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي في نيويورك، حيث عبر بان عن "الشكر" للدعم المالي السعودي للمنظمة الدولية (..) وجاء اللقاء في أجواء التراجع الأممي ورضوخ الأمين العام للضغوط السعودية بسحب اسمها من القائمة السوداء لقتل الأطفال في اليمن تحت طائلة التهديد بوقف التمويلات، كما أعلن بان ذاته في مؤتمر صحفي.

وكان اسماعيل ولد الشيخ أبلغ مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، أنه سيقدم تصوراً للأطراف اليمنية، خلال الأيام القادمة، حول أعمال وإجراءات المرحلة المقبلة.

تصريحات وتسريبات خرجت من كواليس اللقاءات المغلقة في الكويت، أخذت بها علماً وكالة خبر، أشارت إلى مساعٍ سعودية تدفع نحو انتقال المفاوضات إلى الرياض في حصتها الأخيرة ومراسيم توقيع محتمل على اتفاق لمّا يزل طور التشكل. وهو ما يرفضه، بشكل قاطع، وفد صنعاء.

وتحدثت لوكالة خبر مصادر مطلعة وقريبة من أجواء المحادثات، عن خلافات وتباينات في الرأي نشأت على ضوء مضامين إحاطة ولد الشيخ لمجلس الأمن. وشدد وفد صنعاء، في بيان عقب الإحاطة، على تمسكه باتفاق شامل لا يستثني الرئاسة. وبالتزامن، أشارت تقارير إلى انطواء ولد الشيخ على توجه في هذا الشأن "يلبي رغبة وخيارات السعودية".

وعلى إثر ذلك، حذر بيان صدر في صنعاء، الأربعاء، غداة انعقاد مجلس الأمن وإحاطة ولد الشيخ، من أي توجه إلى فرض صيغة خارطة طريق بعيداً عن مخرجات طاولة المفاوضات والتوافق. كما حذر بيان اجتماع موسع للقوى السياسية من تمرير إملاءات وخيارات "العدوان" وفرضها بقرارات دولية.

شكوك

إلى هذا أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن تقديره وامتنانه للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، لدعمه الشخصي ودعم بلاده لجهود المبعوث الخاص المعني باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فيما يتعلق بمحادثات السلام الجارية في الكويت. كما أورد إعلام الأمم المتحدة، يوم الأحد.

الأمين العام يلتقي أمير الكويت. الصورة: الأمم المتحدة
الأمين العام يلتقي أمير الكويت. الصورة: الأمم المتحدة

وفي اجتماعه الأحد مع وفدي محادثات اليمن، حث بان كي مون، الأطراف على إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين قبل عيد الفطر.

لكن الأمم المتحدة تعطي اهتماماً كبيراً لملف المحتجزين، وتتحاشى الوقوف على حقيقية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار "الهدنة"، بصورة كلية، وتصاعد العمليات القتالية على الأرض والغارات الجوية. الأمر الذي يغذي الشكوك إزاء فاعلية الرعاية الأممية ومقدرتها في فرض أي اتفاقات، وتقديم ضمانات حقيقية في هذا الشأن بإنفاذ محايد يصمد أمام الضغوط والإملاءات والتهديدات السعودية التي تفلح دائماً في إرضاخ المنظمة الدولية التي تتهمها الانتقادات بالعجز أمام الابتزاز السعودي.

استنتاجات

وفي ذات الصدد، ذكرت صحيفة "رأي اليوم" اللندنية"، الأحد، أنه "كان لافتاً أيضاً تواجد السيدين نبيل العربي، أمين عام الجامعة العربية، وعبد اللطيف زياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في العاصمة الكويتية، حيث يوجد فيها سفراء 17 دولة من بينهم سفيرا الولايات المتحدة وروسيا. وانقسمت الآراء حول هذا التواجد الدبلوماسي المكثف في الكويت بين معسكرين، الأول يقول إن وجود الأمين العام للأمم المتحدة والسيدين العربي والزياني جاء بهدف ممارسة ضغوط على الوفود اليمينة المفاوضة للتوصل إلى حل قبل عيد الفطر المبارك، يتم التوقيع عليه في الرياض، بينما يرى المعسكر الثاني أن الاتفاق تبلور فعلياً، وأن وجود الأمين العام في الكويت هو للاحتفال بتوقيع أولي عليه قبل الانتقال إلى الرياض".

لكن، ترى الصحيفة اللندنية، هناك مؤشرات توحي بأن احتمالات التوصل إلى اتفاق يتم التوقيع عليه في الرياض يوم عيد الفطر "تبدو بعيدة، إلا إذا حصلت معجزة في اللحظة الأخيرة".

مستشهدة بـ"تأكيد الرئيس علي عبدالله صالح، وبنبرة قوية متحدية، أن حزب المؤتمر، الذي يتزعمه، لن يذهب إلى الرياض لإجراء أي حوار، أو للتوقيع على اتفاق للسلام حتى لو استمرت الحرب عشرات السنين، ورحب بالتوقيع في الكويت أو مسقط أو الجزائر أو الأمم المتحدة، ولكن ليس الرياض".