حزب العمال البريطاني يبدأ انتخاب زعيمه في اجواء مسمومة

(أ ف ب) - بدأ اعضاء حزب العمال البريطاني التصويت الاثنين لاختيار الزعيم المقبل لحزبهم بين مرشحين هما جيريمي كوربن واوين سميث، في اجواء مسمومة تهدد حتى وجود الحزب الذي تأسس عام 1900 .

شهد الحزب الرئيسي المعارض الغارق في ازمة عميقة منذ الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الاوروبي في 23 حزيران/يونيو، صيفا سيئا تبادل فيه المعسكران الهجمات امام اعين المحافظين الحاكمين الذين كانوا يراقبون الوضع بهدوء.

ومع بدء التصويت بالمراسلة الاثنين، امام الناشطين والمناصرين المقدر عددهم بنحو 640 الفا حتى 21 ايلول/سبتمبر لحسم قرارهم. وستعلن النتيجة بعد ثلاثة ايام على هذا الموعد في مؤتمر استثنائي في ليفربول.

ويبقى كوربن (67 عاما) الذي حقق فوزا ساحقا في انتخابات ايلول/سبتمبر 2015 التي حصل فيها على 59,5 بالمئة من الاصوات، المرشح الاوفر حظا لقيادة الحزب مقابل النائب عن ويلز اوين سميث (46 عاما) الصحافي السابق في شبكة بي بي سي.

ويتمتع داعية السلام والقيادي القديم في الجناح اليساري للحزب بدعم النقابات وغالبية الناشطين الذين ارتفع عددهم بشكل كبير في عهده وتجاوز عتبة النصف مليون.

الا ان اكثر من ثلاثة ارباع نواب الحزب البالغ عددهم 230، ما زالوا يعارضونه. وغداة التصويت على الخروج من الاتحاد الاوروبي قام 172 منهم بتوقيع مذكرة بحجب الثقة عن زعيمهم الذي يتهمونه بالتقصير في الدفاع عن بقاء المملكة المتحدة في الكتلة الاوروبية.

واليوم الاثنين تسابق المرشحان في عرض المقترحات لكسب تأييد الناخبين. ودعا جيريمي كوربن الحريص على الاحتفاظ بدعم القاعدة الى تعزيز صلاحيات النقابات.

وتعهد اوين سميث من جهته باشراك المنتسبين بشكل اوثق في وضع سياسة الحزب.

اف ب/ارشيف / بول ايليس/ المرشح لزعامة حزب العمال البريطاني اوين سميث في 15 اب/اغسطس 2016
اف ب/ارشيف / بول ايليس/ المرشح لزعامة حزب العمال البريطاني اوين سميث في 15 اب/اغسطس 2016

وقال في خطاب القاه في ويلز (غرب) "اعتقد انه من الضروري طمأنة الناس من خلال الحزب" في انتقاد يكاد يكون غير مبطن لحصيلة اداء منافسه.

- اجواء مسمومة -

ويضم فريق سميث بشكل خاص رئيس بلدية لندن صادق خان الذي دعا الاحد الى اسقاط الزعيم الحالي للحزب العمالي. وقال خان ان "جيريمي اثبت انه غير قادر على كسب ثقة واحترام الشعب البريطاني، وشعبيته في ادنى مستوى تاريخي لزعيم للمعارضة".

واشار الى ان كوربن "خسر دعم اكثر من ثمانين بالمئة من النواب العماليين". وتابع خان "لا يمكننا ببساطة الاستمرار بهذا الشكل".

وقد تلقى سميث الاثنين دعم زعيمة العماليين الاسكتلنديين كيزيا دوغدل التي اعتبرت في ديلي ريكورد ان كوربن ليس لديه المقدرة على "توحيد" الحزب وقيادته الى الفوز.

وهذا ما يؤكد ان الشرخ بين كوربن وجهاز الحزب كبير الى درجة ان ردمه يبدو شبه مستحيل.

وقال تيم بيل استاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في صحيفة ايفنينغ ستاندارد "لا ارى بديلا عن انشقاق في الحزب اذا فاز مرة ثانية".

واصبحت الاجواء داخل حزب العمال مسمومة والمناظرات بين المرشحين تجرب في مناخ متوتر جدا.

والقيت حجرة من الاجر كسرت زجاج نافذة المقر السياسي لانجيلا ايغل التي كانت مرشحة للمنصب بينما ارسلت صورة الى برلمانية اخرى هي جيسي فيليبس تبدو فيها وقد اخترقها سهم.

لكن يبدو الحزب على وشك الانفجار من الداخل لان قوتين لا يمكن الجمع بينهما ظاهريا، تتواجهان داخله. فمن جهة هناك البرلمانيون الذين لم يؤمنوا يوما بان الزعيم اليساري الراديكالي يمكن ان يفوز في انتخابات.

وفي الجهة الثانية هناك الناشطون ومعهم النقابات الذين يرون انه الرجل الوحيد القادر على ممارسة قيادة سياسة يسارية حقيقية.

وفي وقت يتمزق فيه حزب العمال، يقف المحافظون متفرجين بارتياح على ما كتبت صحيفة ذي ديلي تلغراف المحافظة.

وتابعت الصحيفة ان "الشخصية السياسية الاكثر قدرة على الاستجابة للناخبين التقليديين المستائين في الحزب قد تكون (تيريزا) ماي"، اول رئيسة وزراء محافظة، وعدت اثناء تنصيبها في تموز/يوليو بالعمل من اجل العدالة الاجتماعية.

وافاد اخر استطلاع لمؤسسة "يوغوف" ان 19% فقط من البريطانيين يعتبرون كوربن الشخص المناسب لقيادة السلطة التنفيذية مقابل 51% يفضلون ماي.

وحزب العمال اسسته النقابات في العام 1900 وتطور باتجاه عقيدة وسطية بين 1997 و2010 بقيادة رئيس الوزراء الاسبق توني بلير الذي فاز في الانتخابات ثلاث مرات متتالية.

ومنذ ان عاد المحافظون الى السلطة في 2010، يبحث الحزب عن هويته بين هذا الخط الوسطي وتيار يميل الى اليسار دفع به قدما ايد ميليباند وعمل على تسريعه كوربن.

وسميث خبير الترويج السابق غير المعروف خارج البرلمان، ينتمي هو نفسه الى الجناح اليساري للحزب. وهو يعد بـ"ثورة اشتراكية" لكنه يقول انها ستكون "براغماتية" وليس "صيغة رومانسية تطيح الرأسمالية وتعود الى نيرفانا اشتراكية".

لكن يبدو ان هوة تفصله عن كوربن. وحتى محاولته استخدام الحجج السلمية لخصمه عندما قال انه سيتحتم في وقت ما بدء محادثات مع جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية، لم تسمح بتحقيق اي تقارب بينهما. ورد كوربن بوصفه بـ"المتسرع والمتهور".