فلكيون يكتشفون مجرة مكونة من المادة المظلمة بنسبة 99.99%

بعد عقود طويلة من التجاهل، بدأت المجرات منخفضة الكثافة (UDG) تحظى بالاهتمام الذي تستحقه أخيراً. ويوجد في هذه المجرات أعداد منخفضة جداً من النجوم، ويُعتقد أن المادة المظلمة هي ما يحافظ على تماسك هذه المجرات. حيث وجّه الفلكيون أنظارهم نحو دراجون فلاي 44، وهي مجرة منخفضة الكثافة، اكتُشفت مؤخراً، وتبيّن لهم أنها مكونة من مادة عادية بنسبة 0.01%، ومادة مظلمة بنسبة 99.99%.

بقيت مجرة دراجون فلاي 44 لسنوات طويلة خارج دائرة الاهتمام، على الرغم من قربها النسبي من مجرتنا درب التبانة. ليس هذا بالأمر المفاجئ، نظراً لكونها شديدة الخفوت. في العام الماضي، بدأ الفلكيون بمنحها الاهتمام الذي تستحقه، ولسبب وجيه.

إن ما يجعل دراجون فلاي بهذا الخفوت، هو وجود عدد قليل جداً من النجوم فيها، ما يجعل من الإخفاق في مشاهدتها أمراً سهلاً، وقد قادت عملية رصد لمجموعة كوما النجمية باستخدام مصفوفة دراجون فلاي للرصد التصويري، إلى إدراك الفلكيين أخيراً وجود مجرة تختبئ هناك في تلك المساحة الفسيحة.

للوهلة الأولى، استغرب الفلكيون من قلة عدد النجوم، ولكن بعد مزيد من الدراسة، تبين وجود ما هو أكثر غرابة وإثارة للاهتمام، وهو قدرة المجرة على الاحتفاظ بهذه النجوم.

لماذا؟ لا يوجد في المجرات المتناثرة مثل دراجون فلاي 44، والتي تسمى بالمجرات منخفضة الكثافة، سوى عدد قليل جداً من النجوم، ما يجعل من المنطقي أن نفترض خسارة هذه المجرات لنجومها بسهولة. عندما لا يوجد ما يكفي من الكتلة لتوليد قوة جذب تحافظ على تماسك المجرة، يمكن للنجوم أن تفلت من أماكنها بسهولة، بل قد تتعرض "للاختطاف" من قبل قوى جذب مجاورة.

حقوق الصورة: بيتر فان دوكوم، روبرت آبراهام، مرصد جيميناي/ اتحاد الجامعات للأبحاث الفلكية
حقوق الصورة: بيتر فان دوكوم، روبرت آبراهام، مرصد جيميناي/ اتحاد الجامعات للأبحاث الفلكية

إن قدرة هذه المجرة على الحفاظ على نجومها في أماكنها، على الرغم من افتقارها للكتلة المرئية، يقتضي أمراً واحداً فقط: المادة المظلمة هي الحلقة المفقودة التي تبقي هذه النجوم معاً.

دراجون فلاي 44: مادة مظلمة بنسبة 99.99%

كانت "دراجون فلاي 44" تحديداً مدهشة حيث إن هذه المجرة تمتد بعرض يبلغ 60,000 سنة ضوئية، وتتألف من النجوم والمادة الطبيعية بنسبة 0.01% فقط، ما يعني أن النسبة الباقية، 99.99%، عبارة عن مادة مظلمة.

لإجراء هذه الدراسة، قام الفلكيون بحساب كتلة المجرة، وراقبوا سرعة دوران نجومها خلال فترة 33.5 ساعة على مدى ست ليالٍ. يقول المؤلف الأساسي للدراسة بيتر فان دوكوم: "يمكن لحركة النجوم أن تدل على كمية المادة الموجودة، وليس نوعها. تتحرك نجوم مجرة دراجون فلاي بسرعة عالية جداً، وهذا تناقض كبير، حيث استدللنا من حركة النجوم على كتل أكبر من المادة باستخدام مرصد كيك، إضافة إلى كتلة النجوم نفسها".

لم يكن من المتوقع اكتشاف مجرة تكاد تكون مؤلفة تماماً من المادة المظلمة، ولا يملك الفلكيون أي فكرة عن طريقة تشكلها حتى الآن. لكن هذا الاكتشاف سيكون مساهمة مهمة في البحث عن الماهية الحقيقية للمادة المظلمة.

المصدر: Popular Mechanics