أميركان كونزيرفيتف: الحرب المشينة والفاشلة على اليمن

إن التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن اثبت انه فاشل بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن من المهم أن نتذكر أنها حرب يتعذر الدفاع عنها حتى لو كانت ناجحة. ولا تزال أهداف التحالف المعلنة المتمثلة في استعادة هادي إلى السلطة ودحر قيادة الحوثيين من العاصمة غير واقعية كما كانت دائما، والأهم من ذلك ان أسباب التدخل العسكري كانت قذرة في المقام الأول. بعد أكثر من عامين، حتى أعضاء التحالف يعملون الآن ضد حكومة "الدمى"، التي لديها سيطرة قليلة أو معدومة في الجنوب.

 

ويقول تقرير سري صادر من الامم المتحدة: "... كما ان سلطة عبد ربه منصور هادي، اصبحت على المحك. وقد تم تقويض سلطته من قبل الميليشيات التي تمولها وتسيطر عليها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والبلدان التي تقاتل من أجل إعادته إلى السلطة".

 

وعلى مدى ما يقرب من عامين ونصف، قامت السعودية وحلفاؤها، المجهزون بالطائرات الأمريكية الصنع والصواريخ الموجهة بدقة، بشن واحدة من أكثر حملات القوى الجوية تقدما ضد واحدة من أفقر بلدان العالم.

 

لكن التفوق العسكري الهائل للتحالف الذي تقوده السعودية لم يحقق لهم أي انتصار في اليمن. وبدلا من ذلك، فقد عززت من عملية التفكك السياسي في اليمن، وعمقت أزمة إنسانية زجت البلاد إلى حافة المجاعة، وغذت استياء الرأي العام على نطاق واسع ردا على الخسائر البشرية الكبيرة، وفقا لتقرير سري صادر عن الأمم المتحدة حصلت مجلة "فورين بوليسي" على نسخة منه.

 

لقد كان واضحا لبعض الوقت أن ما يسمى بـ"الحكومة الشرعية" في اليمن لا تحكم ولا يمكن أن تحكم أي جزء من اليمن. لقد كان التدخل ولا يزال غير شرعي على الإطلاق، وفي آثاره المدمرة على السكان المدنيين، ثبت أنه تدخل من أكثر التدخلات العسكرية تدميرا ولا معنى له. ومن العار الدائم للولايات المتحدة والداعمين الغربيين الآخرين في التحالف أن مكنوا لمثل هذا التدخل المشين.

 

ويقول جويل شارني من مجلس اللاجئين النرويجي في الولايات المتحدة الأمريكية إن النتيجة هي أن الحرب في اليمن "لا تتعلق بالمعونات أو المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة، إنما تتعلق بالحصار - وتواطؤ إدارة ترامب". وقال شارني "اننا لا نضغط على السعوديين لفعل الاشياء الاساسية التي من شأنها ان تتصدى للوضع الكارثي الراهن".

 

من المهم أن نتذكر أن هذه السياسة المخزية المتمثلة في تمكين ودعم السعوديين وحلفائهم بدأت في ربيع عام 2015 تحت إدارة أوباما، وعارض معظم أعضاء مجلس الشيوخ كل محاولة لتقييد الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية. ومجاعة اليمن مستمرة في كل هذا الوقت. إن السياسة المخزية الداعمة لحرب التحالف على اليمن قد واجهت بعض المقاومة في الكونغرس، ولكن لم تكون كافية لوقفها.

 

ليس هناك شك في أن إدارة ترامب متواطئة في حرب التحالف والحصار المفروض على اليمن، ولكن هناك أيضا الكثير من الناس الآخرين في واشنطن الذين دعموا نفس السياسة الرهيبة، وينبغي أن يدعوا لمساءلة هذا الدعم أيضا. استمرار الدعم للحرب على اليمن هو أسوأ شيء يفعله ترامب الآن، والشيء المرير هو أنه ربما يكون واحدا من سياسات ترامب الوحيدة التي لا تزال تأمر بدعم الحزبين.

 

وباء الكوليرا هو نتاج آخر للحرب، كما تلقى تغطية ضئيلة في وسائل الاعلام الغربية، وعندما يلقى اللوم على التحالف ورعاه الغربيين عادة ما يتم تجاهلها معا.


وقد بدأ هذا يتغير، وبدأ المزيد من الناس الآن علنا ​​تحديد الدعم الأمريكي والبريطاني للحرب والحصار كعامل مهم في خلق الظروف للوباء. وقد خلصت مجموعة من الباحثين في بريطانيا مؤخرا إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد أوجدتا الظروف اللازمة لانتشار وباء الكوليرا في اليمن، وهو الأسوأ في العالم والأسوأ على الإطلاق.

 

وقال مجموعة من الباحثين البريطانيين في بيان إضافي: إن "المملكة العربية السعودية حليفة للمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وتزود الشركات الأمريكية والبريطانية المملكة العربية السعودية بكميات هائلة من المعدات العسكرية، وتوفر قواتها المسلحة الدعم اللوجستي والاستخباراتي.

 

واضاف البيان ان "هذا الدعم مكن الغارات الجوية والحصار بقيادة السعودية، ولذلك فان بريطانيا والولايات المتحدة لعبتا دورا حاسما في خلق الظروف المؤدية الى انتشار الكوليرا".

 

وأضاف البيان أن "الغارات الجوية بقيادة السعودية دمرت البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات وشبكات المياه العامة، وضربت المناطق المدنية، ومخيمات النازحين في ظروف مزدحمة وغير صحية. وقد تسبب الحصار الذي فرضته السعودية على الواردات في نقص المواد الغذائية والإمدادات الطبية والوقود وقيد وصول المساعدات الإنسانية.

 

 

صحيفة "اميركان كونزيرفيتف" الامريكية
دانيال لاريسون