مارثون أزمات متلاحقة ومرهقة دامت لسنوات موصلة الحوار لطريق مسدود

حتى عام 2011 الموصوف بعام أسوا الازمات في تاريخ اليمن المعاصر على ايقاع زلازال الاطاحة بالنظام في تونس ومن بعده مصر ، شهدت البلاد أزمات متلاحقة استمرت سنوات طويلة وتفاقمت في السنوات الاربع الأخيرة نتيجة فشل الحوار بين الطرفين في عديد جولات انتهت جميعها إلى طريق مسدود. هي محصلة تصاعدت بشكل لافت منذ الانتخابات الرئاسية والمحلية في العام 2006م والتي حقق المؤتمر الشعبي العام ومرشح للرئاسة علي عبدالله صالح فوزاً تجاوز من خلاله مرشح قوى المعارضة في تكتل المشترك فيصل بن شملان. وفيما كانت محطة الرئيس صالح الجديدة أتاحت له فرصة تحقيق برنامجه الانتخابي وتحويله إلى نجاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية متعددة، كان خليط من ازمات مركبه حاضرة وبقوة بل وبشكل غير مسبوق ليبقى الانشغال الابرز نحوها على حساب اداء الدولة ومسارها . وإلى جانب الإرهاصات الأولى للأزمة المالية العالمية التي كان العالم يعيشها و تنامت في السنوات اللاحقة، وما أحدثته من انعكاسات سلبية شلمت فيما شملت اليمن، التي لم يكن لها أن تسلم من التداعيات السلبية لهذه الأزمة، تعاظمت المشكلات والأزمات التي طرأت على الساحة الوطنية ، والتي تمثلت في ظهور الاضطرابات جنوبا والجماعات الانفصالية، ودوامة التمرد الحوثي شمال الشمال، وعناصر تنظيم القاعدة حيث فرغات الدولة مركزيا ومحليا، ما جعل التحديات الأمنية تعود إلى واجهة المشهد الوطني وتعرض السلام الاجتماعي للخطر وتعطل المسار التنموي وأعاقت اداء الدولة على نحو كان يرجى لمزيد من الاصلاحات في بنية النظام. في الوقت ذاته كانت الخلافات السياسية بين الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية تتصاعد حول قضايا مهمة تتعلق بمستقبل البلاد، وبناء الدولة اليمنية والنظام السياسي الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي كان يفترض إجراؤها في إبريل في العام 2009م. مع تنامي الخلافات السياسية بين توجه متمسك بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وآخر مطالب تأجيلها، تدخل الرئيس علي عبدالله صالح في البحث عن حلول لهذه المشكلة للتوفيق بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه والمشترك وشركائه، والبحث عن حلول تجنب البلاد أزمتها وتحافظ بذات الوقت على استمرار نهجها الوطني الديمقراطي، فكان أن قبل بمقترح المعارضة القاضي بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة سنتين، بحيث تجري في إبريل 2011م، وهو الاتفاق الذي عرف فيما بعد باتفاق فبراير والذي نصه: "بعد‮ ‬حوارات‮ ‬عدة‮ ‬دعا‮ ‬إليها‮ ‬ورعاها‮ ‬الأخ‮ ‬الرئيس‮ ‬علي‮ ‬عبدالله‮ ‬صالح‮ ‬رئيس‮ ‬الجمهورية‮ ‬ضمت‮ ‬ممثلين‮ ‬عن‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬وأحزاب‮ ‬اللقاء‮ ‬المشترك‮ ‬الممثلة‮ ‬في‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮.‬. ونظراً لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وحرصاً على إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وآمنة في ظل مناخات سياسية ملائمة تشارك فيها أطياف العمل السياسي كافة فإن الموقعين أدناه يرون ضرورة العمل على اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لتعديل المادة (65) من الدستور المتعلقة بمدة مجلس النواب بما يسمح‮ ‬بتمديد‮ ‬فترة‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮ ‬الحالي‮ ‬لمدة‮ ‬عامين‮.. ‬نظراً‮ ‬لعدم‮ ‬توافر‮ ‬الوقت‮ ‬الكافي‮ ‬للقيام‮ ‬بالإصلاحات الضرورية‮ ‬التالية‮:‬ أولاً‮: ‬إتاحة‮ ‬الفرصة‮ ‬للأحزاب‮ ‬والتنظيمات‮ ‬السياسية‮ ‬ومنظمات‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮ ‬لمناقشة‮ ‬التعديلات‮ ‬الدستورية‮ ‬اللازمة‮ ‬لتطوير‮ ‬النظام‮ ‬السياسي‮ ‬والنظام‮ ‬الانتخابي‮ ‬بما‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬القائمة‮ ‬النسبية‮.‬ ثانياً‮: ‬تمكين‮ ‬الأحزاب‮ ‬السياسية‮ ‬الممثلة‮ ‬في‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮ ‬من‮ ‬استكمال‮ ‬مناقشة‮ ‬المواضيع‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬يتفق‮ ‬عليها‮ ‬أثناء‮ ‬إعداد‮ ‬التعديلات‮ ‬على‮ ‬قانون‮ ‬الانتخابات‮ ‬وتضمين‮ ‬ما‮ ‬يتفق‮ ‬عليه‮ ‬في‮ ‬صلب‮ ‬القانون‮.‬ ثالثاً‮: ‬إعادة‮ ‬تشكيل‮ ‬اللجنة‮ ‬العليا‮ ‬للانتخابات‮ ‬وفقاً‮ ‬لما‮ ‬ينص‮ ‬عليه‮ ‬القانون"‮.‬ وقد وقع على الاتفاق إلى جانب المؤتمر الشعبي العام، التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، والبعث العربي الاشتراكي.. اعتبر مراقبون ذلك انتصارا لافتا للمعارضة ، فيما تفائل اليمنيون خيراً بالتوقيع على اتفاق فبراير، الذي على أساسه صوّت مجلس النواب على تعديل المادة (65) في الدستور، وتم تمديد فترة مجلس النواب لمدة عامين، أي إلى إبريل 2011م. وبإقرار أطراف الصراع ، شكل اتفاق فبراير 2009م بشأن تأجيل الانتخابات النيابية بين الأحزاب السياسية المتمثلة في مجلس النواب محطة مهمة، تم فيها إعادة تجميع عناصر المشهد السياسي التي بدت متنافرة ومتصادمة عشية التوصل إلى هذا الاتفاق، وافرغها من الاحتشاد العشوائي غير المسؤول الذي وضع البلاد أمام خيارات مجهولة، أمام خيار الحوار الوطني الجاد والمسؤول لاسيما وأن حالة الانسداد السياسي الذي أدى إليه تعثر الحوار بسبب المواقف المتعنتة . وما كادت لم تمضي سوى أيام قليلة حتى أعلن تكتل اللقاء المشترك وبصورة منفردة عن التحضير لعقد ما أسماه "مؤتمر التشاور الوطني"، مؤتمر وطني شكلت له لجنة تحضيرية في 22 مايو 2009م بزعامة رجل الاعمال الثري والقيادي الاصلاحي النافذ الشيخ حميد الاحمر . اعاد ذلك اجواء التأزم من جديد بين القوى السياسية ..وفي حين اعتبر حزب الرئيس صالح ،المؤتمر الشعبي العام تلك الخطوة بانها تهدف لخلط الأوراق، والالتفاف على اتفاق فبراير، والبحث عن وسائل وسبل للهروب من نصوصه الواضحة التي التزم كل الأطراف الموقعة عليه بالذهاب للحوار والبحث في التعديلات الدستورية والقانونية التي يفترض أن تجري على أساسها أي انتخابات قادمة.. غير أن تكتل المشترك نفى أن يكون تشكيل "اللجنة" بديلاً عن الحوار الذي نص عليه اتفاق فبراير 2009، ذلك أن الحوار تحكمه اتفاقية موقعة من قبلها-احزاب المشترك-مع المؤتمر، كما ذهبت احزاب المشترك للقول أن السلطة وحزبها سلكا طريقاً مغايراً تماماً لمضمون وجوهر الاتفاق، حيث شهدت الأوضاع السياسية في البلاد تدهوراً خطيراً تمثل في الحشود العسكرية على المحافظات الجنوبية أدت إلى أحداث دامية، صاحبها اعتقالات واسعة ومطاردات ومداهمات ومحاكمات ، إضافة إلى الحملة تجدد الاشتباكات الخطيرة في صعدة مما وضع البلاد على شفا حرب سادسة. ولنحو أربعة اشهر من اتفاق فبراير ، مضت الاوضاع السياسية في منعطف جديد من التجاذبات خطابا ، فيما كان شبه ركود في تحرك التنفيذ للجانب الاخر من اتفاق فبراير بعد أن انجز من الاتفاق تأجيل الانتخابات والتمديد للبرلمان لعامين ، وسط اتهامات متبادلة ، وتحشيد تعبوي تحريضي من قبل اطراف الاتفاق. في 23 مايو 2009م اعلن عن "اتصالات" بين المؤتمر ممثلاً بالنائب الثاني لرئيس المؤتمر د.عبدالكريم الارياني –المستشار السياسي للرئيس صالح ، وقادة أحزاب المشترك الممثلة في مجلس النواب، في مسعى لتحرك عجلة التنفيذ لبقية بنود الاتفاق تركزت حول سبل بدء الحوار وفق ما قال المؤتمر انه برنامج زمني اعده على اساس ان تلك هي نقطة في البدء، قابله اقتراح أمين عام التجمع اليمني للاصلاح عبدالوهاب الانسي في لقاء اعده بـ"غير رسمي-مع الارياني بأن يبدأ الحوار بتقديم المؤتمر -الحزب الحاكم حينها-تصوراته التي على ضوئها تستطيع المعارضة تحديد موقفها. وفي الفترة من 14 يونيو 2009م وحتى الأربعاء 8 يوليو.. أعلن كذلك عن العديد من الاتصالات والرسائل بين النائب الأول الأمين العام للمؤتمر عبدربه منصور هادي والنائب الثاني عبدالكريم الارياني من ناحية، وقادة أحزاب اللقاء المشترك من ناحية أخرى، تقدم خلالها المؤتمر بمقترح حول الجدول الزمني للحوار، قابله جمود من قبل المشترك تارة ،وتسريبات رفض الحوار تارة ، فضلا عن اشتباك إعلامي بتفسيرات شائكة لبنود اتفاق فبراير لاسيما حول "الاصلاحات ، والمناخ السياسي الملائم"، في حين كانت الاوضاع على الارض تأخذ منحى من الاضطرابات أن شمالا او جنوبا . وفي 16 من يوليو 2009 وجه تكتل المشترك المعارض رسالة إلى المؤتمر حول تصوراته لبدء الحوار ، واعدها الاخير بمطالب جديدة ، كان من أهمها تهيئة المناخات السياسية من خلال وقف الحملات العسكرية والاعتقالات -وقصد بها المواجهة الحكومية المتجددة في حينه مع التمرد الحوثية شمالا ، ومجاميع قوى الانفصال جنوبا ، وبينهما العمليات ضد تنظيم القاعدة وما أنتجه التحالف اليمني الأمريكي من أخطاء- فضلا عن مطلب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو من هم على ذمة قضايا سياسية والبدء بالبحث عن آلية مناسبة لإشراك كل القوى السياسية في الحوار الوطني، كما اشترط تكتل المشترك لبدء الحوار حضور ومشاركة الحراك الجنوبي والحوثيين والمعارضين في الخارج.. وعلى نحو من مسعى ردم الهوة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه ، وتكتل المشترك وشركائه ، بعد رسائل متبادلة لاتخفي حقيقة عمق الازمة ، مع تسخين اعلامي وجماهيري ميداني بين الطرفين بما يحمله من تحريض واتهامات متبادلة ، دفع الرئيس صالح لمزيد من التنازلات في مواقفه وحزبه ، ليرعى في 17 يوليو 2010م توقيع اطراف الصراع على محضر تنفيذي لاتفاق فبراير الموقع في 17 يوليو 2010م ، مقربا وجهات النظر بين الفريقين وأعاد الجميع إلى سكة الحوار، مراهناً على تحريك ما توقف والانطلاق من آخر نقطة توقفت عندها عجلة التحضير له. انتج محضر 17 يوليو 2010 تشكيل لجنة الإعداد والتهيئة للحوار الوطني التي عقدت اجتماعها في 7 أغسطس 2010م وانبثقت عنها لجنة الثلاثين ثم لجنة الستة عشر وصولاً إلى لجنة الأربعة. وبقدر ما كانت المعارضة ترفع سقف مطالبها وشروطها كلما أبدى الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه الحاكم-المؤتمر الشعبي- استعداداً لتقديم بعض التنازلات في مقابل الحصول على توافق مبدئي على الحوار مع المعارضة..في حين كانت لأزمة الثقة بين الطرفين دور مهم في فشل التوافق على أجندة محددة للحوار. ففيما كان يفترض أن تسارع لجان الحوار في تنفيذ مضامين اتفاق فبراير، ظهرت اشتراطات جديدة للمشترك تحت مسمى التهيئة للحوار؛الامر الذي أعده المؤتمر الشعبي امعان في استهلاك الوقت والهروب من الانتخابات ورفض الحديث عنها وجعل الحوار وسيلة فقط لتعطيل إجراء الاستحقاقات الدستورية الممثلة في الانتخابات النيابية في موعدها المحدد لإيصال البلاد إلى مرحلة الفراغ الدستوري. وإزاء ذلك الانسداد ، بادر الرئيس صالح بتشكيل لجنة رباعية من الإخوة: عبدربه منصور هادي، ود. عبدالكريم الإرياني من جانب المؤتمر، وعبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان من جانب أحزاب اللقاء المشترك؛ حيث قدمت لصالح ورقة تم تسميتها بخارطة الطريق تضمنت مهام وضوابط اللجنة، إضافة إلى تشكيل لجنة مصغرة أخرى بقوام ثمانية عشر شخصا ثمانية من كل طرف (تم تحديد القوام ولم يسمى أعضائها بعد) للقيام بمهمتي تهيئة الأجواء السياسية والتواصل مع القوى والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني،و الاستمرار في متابعة الإفراج عن المعتقلين المشمولين بالعفو الرئاسي الذي تضمنه البيان السياسي للرئيس بمناسبة العيد العشرين للجمهورية اليمنية. وقد أبدى الرئيس صالح من الملاحظات على الخارطة أكدت على تنفيذ اتفاق فبراير والخطوات الإجرائية لتنفيذها وتوضيح ما يتعلق بالدولة اللامركزية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم جرى بعد ذلك تعديل الورقة من جانب اللجنة الرباعية مع تحفظ ممثلي المعارضة. وفيما يشبه تسابق مع الوقت بمخاوف حزب صالح من تعثر الانتخابات النيابية للمرة الثانية ، ودخول البلاد في فراغ دستوري ، ومطالب المشترك المتصاعدة والمرهقه لصالح وحزبه ، ناور المؤتمر بدفع لجنة الانتخابات للمضي بالتحضير ، وبالمقابل تقدم بمقترح تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من الأحزاب محاصصة بحيث تكون حصة المؤتمر أربعة مقاعد بما في ذلك رئاسة اللجنة، وتخصص خمسة مقاعد لأحزاب اللقاء المشترك أو العكس، وعلى أساس أن تبدأ اللجنة التحضير للانتخابات والاستفتاء على التعديلات الدستورية بعد التوافق عليها من خلال اللجنة المصغرة أولاً، ومن ثم إنزالها بعد ذلك إلى لجنة المائتين. وبعد أن رفضت كل هذه المقترحات من قبل المشترك قدم المؤتمر مقترحاً بديلاً آخر يستند على خياري: الاتفاق على استيعاب ملاحظة الرئيس صالح إلى اللجنة الرباعية، أو: السير في الانتخابات النيابية على أساس الالتزام بالمواعيد الدستورية والقانونية بما في ذلك إعادة القانون إلى مجلس النواب وإقرار القانون الذي سبق التصويت عليه مادةً مادة، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإجراء الاقتراع في 27/4/2011م، ولكن المشترك رفض أيضاً هذه الخيارات.. وكان المؤتمر وحلفائه في احزاب التكتل الوطني أن فجر بممارسات ضغوط ومناوره ضجة واسعة وتذمر لدى الأوساط السياسية في اليمن ، اذ إدراج قانون الانتخابات في جدول اعمال البرلمان مستقويا بأغلبيته ، بالمقابل اعلنت أحزاب اللقاء المشترك في 29 سبتمبر من عام 2010 تعليق المشاركة في اجتماعات لجنة الثلاثين وفريق التهيئة والتواصل للحوار الوطني حتى تتخذ اللجنة المشتركة قراراً واضحاً ومسئولاً إزاء تلك الخطوة، الموصوفة من قبلها بكونها مخالفة صريحة لنصوص اتفاق فبراير 2009م والمحضر التنفيذي الموقع في 17/7/2010م , ومن ابرز معوقات في مسار التهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل وتعبر عن عدم جدية السلطة في إنجاح مسيرة الحوار الذي يمثل المخرج الوحيد والأمن للبلاد مما تعانيه من أزمات على كافة المستويات. غير ان ما انتجته تلك الخطوة من ردود افعال غاضبة ، دفعت بالرئيس صالح إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب في 4 اكتوبر ،اقترح فيها بسحب مشروع تعديلات قانون الانتخابات من جدول أعماله بموجب اقتراح لرئيس الجمهورية تضمنته رسالة بعثها للنواب ، بعد ان كان صالح وعد قبل أيام أمناء أحزاب المعارضة بسحب المشروع الذي أثار. وامام ضغوط المعارضة ، اتجه الرئيس صالح لمزيد من التنازلات عبر رسالة طمأنة إلى المشترك فيما يتعلق بالضمانات المستقبلية لهم؛ حيث قدم مقترحات جديدة للمشترك عبر محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا لحزب الاصلاح –اكبر احزاب المشترك -تقترح بعض الخطوات في حالة رغبة الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك تأجيل التصويت على تعديلات قانون الانتخابات المنظور أمام مجلس النواب، ومنها"تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من أجل مراجعة وتعديل جداول الناخبين للفترة من موعد إجراء الانتخابات النيابية السابقة والتحضير للانتخابات القادمة بما يكفل إجراؤها في موعدها المحدد- تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى الإشراف على سير الانتخابات النيابية- تشكيل لجنة مصغرة من الأحزاب الممثلة في مجلس النواب وذلك للاتفاق على التعديلات الدستورية المقدمة من الجانبين- التأكيد على الالتزام بالشراكة في حكومة الوحدة الوطنية التي سوف تتولى الإشراف على سير الانتخابات النيابية وخلال الفترة المتبقية من موعد إجراءها- التأكيد على الالتزام بالشراكة في الحكومة القادمة بعد الانتخابات النيابية بغض النظر عن نتائج تلك الانتخابات". لكن أحزاب اللقاء المشترك رفضت كل تلك المقترحات ما اعده المؤتمر والرئيس صالح سعيا لتعطيل الاستحقاق الدستوري وإدخال البلاد إلى منزلق خطر.. نجحت المعارضة في ارباك الحزب الحاكم بمواقفها المتشعبة والممزوجة بالتصعيد المتلاحق للاشتراطات كلما تم التعاطي معها بتنازلات ،بالمقابل اندفع المؤتمر بمخاوف "الفراغ الدستوري" إلى قرارات اكثر من متهورة ومربكة للاوضاع وللمشهد السياسي عامة بأن دفع مجلس النواب عبر أغلبيته للتصويت النهائي على تعديلات قانون الانتخابات بما يكفل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 27 إبريل 2011م.. والحق المؤتمر بمزيد من الاندفاع المتهور والغاضب عبر كتلته في مجلس النواب حيث قدم مشروع للتعديلات الدستورية التي أثارت الكثير من الجدل، وخاصة ما يتعلق منها بتخفيض مدة رئاسة الجمهورية إلى خمس سنوات بدلاً من سبع، إلا أن عدم تحديد الفترات الرئاسية كان هو الأمر الأكثر جدلاً. وكان تقديم مشروع اتجاهات التعديلات الدستورية إلى مجلس النواب لمناقشته هو الخطوة التي تذرعت بها كتل الأحزاب الممثلة في مجلس النواب من أعضاء المشترك لمقاطعة جلسات المجلس ومارست ما أسمته بالاعتصام داخل المجلس، ثم خارجه وبدأت في تجميع مسيرات جماهيرية حولها من أعضاء أحزاب المشترك، ملوحة بخيار الشارع الذي كان عنوان ختام عام من مراثون من أزمات مركبة وصل الحوار او السعي نحوه لطريق مسدود، ليبدأ عام جديد هو 2011 محملا بثقل من تراكمات ، ما كاد زلازال الاطاحة بالنظام يضرب في تونس ومن بعده مصر ، حتى كانت هزاته الارتدادية على ايقاعه تضرب باليمن بما يوصف اسوأ ازمة في تاريخها حيث التقى حولها كل خصوم النظام وصالح وحزبه على وليمة واحدة سرعان ما اختلفوا على حصصها .