"روسيسكايا غازيتا": لندن تتملق للارهابيين

تطرقت صحيفة "روسيسكايا غازيتا"، 3 يناير/ شباط 2016 الى استياء وزير خارجية بريطانيا من الغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية على مواقع الارهابيين في سوريا، مشيرة الى انها دليل على فعاليتها، حسبما ينقل عن الصحيفة تلفزيون روسيا اليوم.

وجاء في مقال "روسيسكايا غازيتا":

عندما تبدي وزارة الخارجية البريطانية امتعاضها علنا مما تقوم به موسكو في سوريا، فإن هذا هو أول علامة على فعالية الغارات التي تنفذها القوات الجوية الفضائية الروسية ضد مواقع الارهابيين في سوريا. لذلك تحاول لندن بالحيل الدبلوماسية سرقة "النصر الروسي" الذي أدى الى نجاح القوات الحكومية السورية وتعزيز موقف الرئيس بشار الأسد.

وتدل التصريحات الهستيرية التي اطلقها وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموندن على الارتباك الذي تعيشه لندن بسبب الأحداث السورية، وان الشيء الذي يقلق الوزير البريطاني هو عدم قدرة المحللين البريطانيين على التكهن بخطوات موسكو التالية.

فقد صرح هاموند للصحفيين قائلا "انا مستاء جدا، لأن روسيا تنفي جهود التحالف تماما". وهو محق لأن عدم فعالية الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا في سوريا يتسبب في توسع المساحات التي تسيطر عليها المجموعات الارهابية. وإن المساعدات الروسية لدمشق قوضت خطط واشنطن ولندن الرامية الى الاطاحة بنظام بشار الأسد، ولكن موسكو لم تقف حائلا دون تنفيذ الائتلاف الدولي خططه بشأن محاربة "داعش".

وقد افترض هاموند ان التسوية السلمية للأزمة السورية يمكن ان تتم في حالة استبعاد روسيا وايران من هذه العملية. فاعتبرت الخارجية الروسية هذا التصريح بأنه "تضليل وحشو خطير".

هل ان خطة "تحييد" حلفاء دمشق هي فعلا ساذجة كما يبدو للوهلة الأولى؟ لقد طرحت اللجنة العليا للمفاوضات الجارية في جنيف ثلاثة شروط لتسوية الأزمة السورية. اثنان منها ذو صفة انسانية وهما الافراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن المدن والبلدات من قبل قوات الحكومة السورية. ولكن الشرط الثالث يستعيد عمليا ما صرح به الوزير البريطاني هاموند، وهو "وقف الغارات الروسية".

الجواب واضح على رغبة المعارضة السورية استبعاد موسكو من العملية بالسرعة الممكنة. فإذا نظرنا الى تشكيلة وفد المعارضة الى هذه المفاوضات سنرى انه برئاسة زعيم مجموعة "جيش الإسلام" محمد علوش، التي تعتبرها موسكو ودمشق مجموعة ارهابية، وهما تعتبران ان وجهاتِ نظر واهدافَ هذه المجموعة تتطابق واهدافَ "القاعدة". ومجموعة "جيش الإسلام" مدعومة من المملكة السعودية وتركيا، وان قادتها ينافسون "داعش" والمجموعات الارهابية الأخرى في الزعامة وبسط النفوذ مثل "جبهة النصرة".

ان موافقة زعيم "جيش الإسلام" على رئاسة وفد المعارضة الى مفاوضات جنيف اعطته إمكانية التخلص من منافسيه بأيدي الغرب. وحاليا تشارك الأمم المتحدة في وضع قائمة موحدة بالمجموعات الارهابية التي سيصبح مسلحوها هدفا للغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية وطائرات الائتلاف الدولي. أي ان المشاركة الرسمية لمجموعة "جيش الإسلام" في هذه المفاوضات منحتها صفة قوة علنية.

قبل أيام معدودة تكهنت صحيفة "Financial Times" بالاستراتيجية التي سيعتمدها الغرب بشأن سوريا. فحسب رأي الصحيفة، ان الغرب، لأجل نجاح المفاوضات في جنيف، سوف يدعم طلب المعارضة السورية من دمشق وموسكو وقف الغارات الجوية الروسية. ويبدو ان هذا التنبؤ من هاموند أخذ يتحقق. كما ان وفد المعارضة الذي يرأسه زعيم "جيش الإسلام" لا يعترض على الغارات الجوية التي تنفذها طائرات الائتلاف الدولي.

وقد رد الوفد السوري الرسمي على ذلك بأنهم لن يقعوا في شرك هذه البهلوانيات الدبلوماسية الرخيصة التي يعرضها "السوريون المعدَّلون جينيا". وحسب قول رئيس الوفد الرسمي السوري بشار الجعفري يجب قبل مناقشة مسألة انتقال السلطة في سوريا "تسوية المشاكل الانسانية ومشكلة محاربة الارهاب".

ولكن لندن تقترح على الرئيس الأسد مناقشة مسألة مكافحة الارهاب مع اولئك الذين تعتبرهم دمشق ارهابيين، ورفض مساعدة البلدان التي تساعد سوريا على محاربة الارهاب.

لقد استاؤوا في لندن جدا عندما رفضت السلطات السورية التفاوض مع القتلة الذين ظهروا في سوريا بمساعدة دبلوماسية "التاج البريطاني".