نسب التمثيل في الحوار المرتقب قنبلة موقوتة..

أيام معدودات تفصلنا عن بدء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني كما هو متوقع، حيث لاحت في أفق الساحة السياسية بعض المؤشرات التي تنبئ باقتراب موعده بدأ من تقسيم نسب عضوية المشاركة في المؤتمر مرورا بطلب تسميات المشاركين في الحوار،، ووصولا إلى الشروط المسبقة بشأن المشاركة في الحوار من قبل أطراف اللقاء المشترك ومكونات ظهر مؤخرا كلاعب رئيسي على الساحة السياسية مثل الحراك والحوثيين. نسب التمثيل في الحوار على ما يبدو لم تجد لها ذات القبول، رغم مرور أسابيع على إقرار "فنية الحوار" الإبقاء على نسب التمثيل دون تغيير، ولازالت تقابل بكثير من النقد والتجريح وربما الرفض القاطع من قبل معنيين بها في الأحزاب والهيئات السياسية والمنظمات المدنية، وبين مؤيد ومعارض ورافض ومتقبل ذلك على مضض نمى جدول واسع سيكون به تأثيره الكبير على مستقبل الحوار الوطني المرتقب الذي لا تزال صورته رمادية حتى الآن. فحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يعد من أكبر المكونات الرئيسة في الساحة كان قد أرجأ تحديد موقفه باعتبار تقسيم النسب لم يراع مبادئ التسوية السياسية المبنية على المبادرة الخليجية وآليتها التي يتمسك بها الحزب ويعول عليها إنجاح الحوار الوطني الجاد والمسئول، غير أن الحزب وافق مؤخرا على ما منح له وسط خلاف شديد في أوساط اللجنة العامة، والتي أقرت هي الأخرى مؤخرا مناقشة الأسماء التي سيتم تكليفها في المشاركة بالحوار. ورغم موافقة المؤتمر على نسبة التمثيل الممنوحة لهم إلا أن الكثير من المعنيين في أحزاب التحالف يبدون عدم قناعتهم بهذه النسبة كون المؤتمر هو الطرف الأقوى في المعادلة السياسية والموقع على المبادرة وآليتها ويجب أن تكون حصتهم أكبر، أما بقية أحزاب التحالف فإنها أحزاب صغيرة وغير فاعلة. وبحسب القائم بأعمال ألأمين العام للاتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية سعيد الشرعبي، فإن ضغوطات شديدة كانت وراء موافقتهم على مضض على النسبة الممنوحة لهم إضافة إلى العدد الكبير للمشاركين وهو ما جعل من العقلانية أن يقبل المؤتمر وتحالفه حرصا منهم على نجاح مؤتمر الحوار. على ذات الصعيد يرى سياسيون أن احزاب في اللقاء المشترك قد حظيت بنصيب الأسد بواقع 151 عضوا بالنظر إلى ما حصلت عليه أحزابه إجمالا، إلا أنه لا يزال يسعى نحو تحقيق مكاسب أكبر من خلال دفع بعض من مكوناتها الحزبية الى اعلان تعليق مشاركتها في مؤتمر الحوار احتجاجاً على رفضها لنسب التمثيل الممنوحة لها، ومن اجل الضغط على الرئيس هادي للحصول على مزيد من المقاعد المحددة للمكونات الأخرى الغير حزبية المحددة بنظره. ما يثير مخاوف كبيرة من خلق المزيد من الأزمات بسبب تصارع المكونات سعيا نحو تحقيق مكاسب سياسية بدأ من الاستحواذ على أعلى نسب في التمثيل. أمين عام حزب الحق والقيادي في اللقاء المشترك حسن زيد، يرى أن النسبة الممنوحة لحزبه غير مقنعة وغير مقبولة، مؤكدا "لم نوافق عليها، ولن نستطيع أن نشارك في الحوار، وسنسحب توقيعنا على الاتفاقية والمبادرة". ويبرر زيد موقف حزبة بأن "المبدأ الذي تم على أساسه توزيع النسب غير منطقي وغير عملي وغير معقول"، فابن عمر على حد قوله " ليس خبيرا في الأحزاب السياسية اليمنية". والمعيار الذي استخدم للتقسيم هو "معيار أقيم فقط على علاقات بن عمر بشخصيات داخل اللجنة الفنية". ويتابع " هناك اتجاه لتعطيل الحوار الذي سيكون عبارة عن كسب مهلة زمنية للأطراف المتصارعة على المركز لمحاولة تعزيز موازين القوى لصالحها". على ذات السياق أعلن حزب البعث العربي الاشتراكي رسميا عن تعليق مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني احتجاجا على طريقة توزيع حصص التمثيل في المؤتمر وأن ما تم من إجراءات لتوزيع نسب التمثيل للمؤتمر لم تكن مبنية على أسس المصلحة الوطنية العليا وتضحيات الشباب وإنما أخضعت لتسويات تخدم مراكز قوى على حساب المصلحة الوطنية، وتوحي بحسم قراراته مسبقا. وذكر الحزب في بيان له إقصاء الكثير من المكونات المجتمعية والضبابية في التعامل مع المكون الشبابي والنسائي ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى ان إجراءات توزيع نسب التمثيل للمؤتمر توحي بحسم قراراته مسبقا ويثير انقساما وطنيا حاداً. الحراك الجنوبي الذي حصل على نسبة 85 عضوا، بدوره أكد رفضه لمبدأ المناصفة، وجدد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لشعب الجنوب محمد علي احمد رفضه قرار اللجنة الفنية والتحضيرية لمؤتمر الحوار في اليمن والخاص بالمناصفة في المشاركة، وأضاف في بيان له "أن الاعلان عن منح الجنوبيين قرابة 50% من التمثيل في المؤتمر الوطني سيخضع لاحقا للتوزيع بين القوى السياسية في الجنوب، حيث ستدفع الاحزاب السياسية الشمالية بالقوى السياسية التابعة لها في الجنوب والتي تم تفريخها مؤخرا إلى أن تمثل ضمن النسبة المخصصة للجنوب فيما تدفع قوى نفوذ قبلية اخرى بتكوينات تحمل مسميات جنوبية للدخول ضمن خطة تقاسم هذه النسبة". من جانب آخر أكد مسؤولون في جماعة الحوثيين مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني رغم عدم رضاهم بالنسبة الممنوحة لهم في مؤتمر الحوار كمكون رئيسي ثالث إلى جانب أحزاب المركز، والحراك الجنوبي. ويرى سياسيون أن توجه الحوثيين إلى المشاركة بدون شرط في الحوار يعكس رغبتهم الجادة في إثبات حسن نياتهم ووطنيتهم وغياب النزعة الانفصالية لديهم أو السعي نحو إقامة إمامة في اليمن. معللين موقفهم القوي تجاه المشاركة بوجود ضمانات لديهم هي "السلاح والارض" في حال جاءت نتائج الحوار غير مرضية لهم وغير محققة لطموحهم السياسية. نسبة التمثيل للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب حظيت ببعض القبول لدى بعض الجهات المدنية، ففي اللجنة الوطنية للمرأة أكدت مديرة التقييم والمتابعة باللجنة والوطنية للمرأة سميرة الفهيدي، بأنهن "أبدين شيء من الرضا إزاء النسبة الممنوحة للمرأة بواقع 40 عضو"، معللة ذلك بأن " المرأة ستمثل أيضا في بقية الأحزاب والمكونات السياسية"، فبحسب المبعوث الدولي بن عمر فإن المرأة ستمثيل كليا بواقع 30 % من قوام المؤتمر. ونوهت الفهيدي إلى أنه يجب الموافقة على نسب التمثيل تماشيا مع المرحلة السياسية الراهنة، وتشدد " ما يهمنا الآن هو مدخلات ومخرجات المؤتمر، ونطمح في أكثر من 30% خصوصا في مواقع صنع القرار". منظمات المجتمع المدني لم تختلف كثيرا عن رأي المرأة، حيث أبدت امـــل الباشــا عن منتدى الشقائق العربي موافقتهم على النسبة التمثيل الخاصة بمنظمات المجتمع المدني معللة " أن العبرة ليست بالعدد وانما بالنوع" وتشدد الباشا "لو النوايا طيبة يمكن للمؤتمر ان ينعقد وينجح بربع العدد اجمالا ويمكن بمائة شخص فقط". أما شباب الساحات فقد رأوا في صمتهم خير رد وتعبير عن ما في أنفسهم، فنقطة الخلاف لديهم – بحسب المسئول الإعلامي بالمنسقية العليا لشباب الثورة محمد الصبري– حول من هم الشباب المعنيون بنسبة 40 %. وقال الصبري" نحن الشباب سكتنا عنها كون عليها توافق بين القوى السياسية والوطنية، وسكوتنا عنها لا يعني رضانا بها" مطالبا "نريد من لجنة الحوار أن توضحها ونطالب رئيس الجمهورية أن تكون هذه النسبة لشباب الساحات، لأننا نشعر بأن هناك التفاف على هذه النسبة من قبل بعض الاحزاب والجهات الأخرى". ويؤكد الصبري" إذا لم يتم الاستجابة لمطالبنا حينها سندرس خيارات أخرى، إلا أن ما يهمنا الآن هو تهيئة المناخ لنجاح، أكثر من اهتمامنا بقضية التمثيل". وفي توضيح أكبر قالت الناطقة الرسمية للجنة الفنية لمؤتمر الحوار أمل الباشا " إن لائحة النظام الداخلي لمؤتمر الحوار أكدت في معايير الاختبار للتمثيل ان اي مواطن لن يتم ترشيحه في مؤتمر الحوار الا عبر مكوناتهم الحزبية أو الحركات السياسية والمنظمات التي ينتمون إليها". وشددت الباشا أن على كل المكونات السياسية أن ترشح من شبابها بنسبة لا تقل عن 20% والنساء بنسبة لاتقل عن 30%. بحيث يكون عدد مقاعد الشباب من اجمالي قوام مؤتمر الحوار 145 مقعد, منها 105 للشباب المنتمين للاحزاب السياسية و40 مقعد للشباب للمستقل". منوهة إلى أن إجمالي حصة المستقلين من (الشباب والنساء والمنتمين لمؤسسات المجتمع المدني), هي 120 ستنصف بين الشمال والجنوب، منها 85 مقعد للحراك والبقية توزع على بقية المكونات، بحيث يصل اجمالي ممثلي الحنوب الى 50% على الاقل من اجمالي قوام مؤتمر الحوار الوطني، كما أن حصة الرئيس هادي ستوزع أيضا بنسبة 50% بين الشمال والجنوب 20% منها للشباب و30% للنساء". وفي الاخير تبقى مكونات اجتماعية كبيرة لم يتم احتسابها في نسب التمثيل وتروكها معلقة على نسبة الرئيس هادي، ومن تلك المكونات " طائفة اليهود ، والمهمشين ، والقبائل، والتجمعات التجارية والصناعية، وفئة الصياديين، والجيش والأمن، والمغتربين، وأهل الفن والثقافة، ابناء المناطق الوسطى ، والحراك التهامي ، وابناء الجزر اليمنية". وغيرهم من الفئات الاجتماعية.