بعد أنباء عن اختيار اليمن مقراً للجماعة بعد مصر.. قطر ترحِّل "15" إخوانياً إلى بريطانيا

قالت مصادر مطلعة إن السلطات القطرية طلبت من 15 إخوانياً مغادرة الدوحة للتهدئة مع دول الخليج ومصر من بينهم محمد محسوب وجمال حشمت ومحمود حسين ومحمد سويدان، وجرى الاستقرار على لندن بالتنسيق مع سفارة قطر هناك التي تعهدت بأن تستقبلهم وتسهل لهم عملية الدخول والإقامة في أقرب وقت، وقد كان ذلك منذ أسبوعين تقريباً.

وذكرت صحيفة "العرب" اللندنية أن السلطات المصرية تتابع بقلق تلك الخطوة، مشيرةً إلى أن ذلك لمنع تسليمها القيادات لصلتها بقضايا إرهابية.

وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها، أن من بين الإخوان الهاربين التي نجحت الدوحة في تسوية أوضاعهم في لندن من بوابة مكتب للمحاماة تخصص في استقبال قضايا الإخوان: محمد سويدان، وضياء المغازي، مشيرة إلى أن تسوية بعض الملفات ستكون مقدمة لدخول عشرات القيادات الإخوانية إلى لندن.

ويقول مراقبون إن الدوحة أرادت بهذه الخطوة أن تتجنب الضغوط الخليجية المصرية عليها، خاصة أن الرياض سبق أن اشترطت عليها أن تتولى حسم أمر بقاء الوجوه الإخوانية التي تتخذ من قناة "الجزيرة" فضاءً للتحريض والحث على الفتنة.

وتأتي الخطوة القطرية بعد أنباء تحدثت خلال العام الماضي، عن اختيار اليمن موطناً بديلاً للإخوان عن مصر، خاصة بعد سقوط حكم الجماعة والإطاحة بالرئيس محمد مرسي في موجة غضب شعبي شهدته مصر في يونيو من العام الماضي.

وأشارت معلومات صحفية نشرت عام 2013 إلى أن المرشد الجديد للإخوان المسلمين، محمود عزت، موجود في العاصمة اليمنية "صنعاء"، ويقيم في "فيلاّ" فاخرة بمدينة حدة السكنية يمتلكها أحد المليارديرات في اليمن، وأنه يحظى بحراسة مشددة.. ويتنقل بشكل محدود بواسطة سيارة دبلوماسية تعود ملكيتها لدولة خليجية وتقتصر تنقلاته على زيارة عدد من قيادات الإخوان المسلمين في اليمن، كما يقوم بإجراء اتصالاته وإدارة التنظيم في مصر عن طريق هاتف محمول "الثريا" الذي لا يمكن تعقبه عن طريق أجهزة الأمن اليمنية أو المصرية.

ولفتت إلى أن عزت، الذي عمل في قسم المختبرات في جامعة صنعاء في الثمانينات، كان له دور بارز في تنظيم حركة الإخوان في اليمن، ويُعتقد أنه حاصل على الجنسية اليمنية بحسب القيادي الإخواني السابق ثروت الخرباوي.

وتشير الأنباء إلى أن عزت سافر إلى اليمن قبيل فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية في مصر، وذلك بعد أن تأكدت قيادات الجماعة أن فض الميدانين بات وشيكاً وأن قيادات الإخوان قد يتعرضون للاعتقال، الأمر الذي يهدد بإضعاف السيطرة والقيادة في مكتب الإرشاد ويترك فراغاً غير مسبوق في قيادة التنظيم.

ويعتبر عزت أرفع مسئول في قيادة الإخوان لم يتم القبض عليه حتى الآن بعد أن تم إلقاء القبض على معظم قيادات مكتب الإرشاد بمن فيهم المرشد العام محمد بديع الذي اعتقل في 20 أغسطس الماضي ليسارع التنظيم بإعلان محمود عزت مرشداً مؤقتاً.

وبحسب الصحيفة، فإن قطر تنوي منح القيادات المصرية الفارة (من الإخوان والجماعة الإسلامية) الجنسية القطرية، لكن الضغوط الخليجية فرضت عليها البحث عن أماكن إقامة لهؤلاء سواءً في تركيا أو في بريطانيا، مثل ما حصل مع ضياء العزاوي الذي غادر قطر في اتجاه تركيا ثم انتقل بسرعة إلى لندن.

وتساءل المراقبون كيف تقدّم بريطانيا، الدولة التي تعاني من الإرهاب وتنظيماته بمنح أعضاء تنظيم متهم بالإرهاب في دول عربية عدة، تسهيلات للإقامة وممارسة أنشطة سياسية تساهم في تغذية العنف في مصر، مما يحمل مؤشرات على أن المسئولين البريطانيين لا يعيرون الاهتمام لسيادة القانون والنظام في دول عربية تواجه هجوماً من الحركات المتطرفة وبينها تنظيم الإخوان.

وتقول الصحيفة "اللندنية" إن التنظيم نقل أنشطته إلى بريطانيا التي لم توقع مع مصر اتفاقية لتسليم المطلوبين، ما سهل على جمعة أمين القيادي في الجماعة وعضو مكتب الإرشاد لعب دور المرشد من لندن بعد اعتقال محمد بديع.

وقالت المصادر: إن جمعة يستغل مساحة الحرية في لندن للإشراف على إعداد خطط المواجهة التي تجري الآن في القاهرة، وخاصة ما تعلق بإثارة الفوضى في الجامعات المصرية، وتصدي شباب الإخوان العنيف لرجال الشرطة المكلفين بحراسة المؤسسات التعليمية أو العامة.

وأكدت أنه رغم مطالبات مصر بتسليم جمعة أمين، لكن السلطات البريطانية لم تصغ إلى الأمر ما شجعه على مواصلة تحركاته الهادفة إلى تقويض الوضع في مصر.

يُذكر أن جمعة أمين البالغ من العمر 79 عاماً، انتقل إلى بريطانيا قبل الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي تحت مزاعم تلقي العلاج الطبي، لكن الخطوة كانت استباقية من الجماعة.

وتسلم الرئيس عبدربه منصور هادي في أكتوبر من العام الماضي تقريراً أمنياً أعدته المخابرات المصرية، يؤكد أن قيادة التحكم الرئيسية البديلة لجماعة الإخوان المسلمين انتقلت إلى اليمن بعد حملات الاعتقالات التي طالت قيادات الجماعة في مصر, بالتزامن مع انتقال قيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بشكل كامل إلى اليمن.

وتضمن التقرير معلومات استخباراتية من المخابرات المصرية تقول فيه إن القيادة التي تدير عمليات خلايا جماعة الإخوان في مصر تتمركز في اليمن, وهي تدير أيضاً عمليات جماعة الإخوان في سوريا, وقطاع غزة, وليبيا وتونس- وفق ما أوردته يومية "الشارع".

وقال مصدر عسكري يمني حينها: «إن المخابرات المصرية توصلت إلى هذه المعلومات عبر عمليات تحقيق استخباراتية واسعة بينها انتزاع اعترافات من قيادات جماعة الإخوان المعتقلين لديها, والمسلحين الجهاديين الذين ألقت القبض عليهم في سيناء ورفح.

وأفاد المصدر بأن «المخابرات المصرية تمكنت من التقاط مكالمات تتم من اليمن عبر شبكة الثريا لإدارة خلايا جماعة الإخوان في مصر, وبقية البلدان, وتم ذلك بعد أن استعانت مصر بجهاز المخابرات الإماراتي؛ لأن مقر إدارة شبكة الثريا يقع في الإمارات, وقيادات الإخوان تستخدم هذه الشبكة للتواصل مع خلاياها».

وأضاف: «اكتشفت المخابرات المصرية أن قيادة جماعة الإخوان أصبحت بشكل كامل في مصر وليبيا وتونس وقطاع غزة وسوريا, لكن هذه القيادات لا تتحدث بشكل مباشر في الاتصالات, فمثلاً محمود عزت لا يتحدث بنفسه في تلك الاتصالات, بل يتحدث شخص بالنيابة عنه, يعطي توجيهاته إلى الشخص المتصل به وبكلمات مشفرة معروفة بينهم".

وأكدت المعلومات أن تركيا تلعب دوراً كبيراً لمساعدة جماعة الإخوان, وتقول المخابرات المصرية إن تركيا تقوم, منذ نحو شهرين, وعبر الخطوط الجوية الخاصة بها, بنقل مسلحين جهاديين من اليمن, ودول أخرى, إلى إسرائيل, التي تربطها علاقات جيدة مع أنقرة, ومن إسرائيل يتم دفع هؤلاء المقاتلين إلى دخول الأراضي المصرية لقتال الجيش المصري, ونشر الفوضى هناك, ويتم هذا بمعرفة وتسهيل تل أبيب. كذلك تتهم مصر جماعة الإخوان المسلمين في اليمن بتدريب مسلحين جهاديين وإرسالهم الى مصر للقيام بالمهمة ذاتها».

وأشار المصدر الى تورط قطر في العملية, والى أن السلطات المصرية تعتقل عشرات اليمنيين الذين تمكنت من القبض عليهم وهم يقومون بأعمال مسلحة ضد الجيش المصري في سيناء ورفح.

وتحدثت مصادر مصرية عن تجنيد يمنيين وإرسالهم للقتال في سيناء مطلع العام 2013.

وقال المصدر: إن "الاستخبارات المصرية تؤكد أن الدكتور محمود عزت, المرشد العام الجديد لجماعة الإخوان المسلمين المصرية, يتواجد في اليمن, بعد أن تمكن من الفرار إليها قادماً من مصر". وأوضح المصدر أن التقرير الأمني السري أكد أن كثيرا من قيادات جماعة الإخوان, وجهاديين ألقت السلطات المصرية القبض عليهم في سيناء, بينهم شقيق الدكتور أيمن الظواهري, زعيم تنظيم القاعدة, اعترفوا للمخابرات المصرية أن محمود عزت يتواجد في اليمن.

وأفاد المصدر بأنه بناءً على معلومات استخباراتية عدة تم تحديد ثلاثة أماكن يُرجح اختفاء محمود عزت فيها, مشيراً الى أن هذه الأماكن هي منطقة في حضرموت, أو منطقة أرحب, في محافظة صنعاء, أو داخل مزرعة في ريف محافظة الحديدة وتتبع قائدا عسكريا يمنيا كبيرا.

تحقيقًا من داخل المقر البريطاني الجديد للجماعة وصفت فيه لندن بأنها "المكان الطبيعي لتنظيم الإخوان خارج مصر"، مشيرة إلى أن عاصمة الضباب هي بالفعل المقر الرئيس لموقع "إخوان أون لاين" الذي ينطق بعدة لغات بهدف تقديم الجماعة كفصيل معتدل يحترم الغرب ويسعى لصداقته.

أيضًا فيها يقيم إبراهيم منير، المتحدث الرسمي باسم إخوان أوروبا.

وفي السياق ذاته نشرت مجلة فورين بوليسي، تحقيقاً لها حول سؤال دون إجابة هو: لماذا تقدم لندن كل هذا الدعم للإخوان؟

وحسب دراسات موثقة في هذا السياق، فإن نشأة الجماعة نفسها عام 1928 بمدينة الإسماعيلية تمت برعاية الاستخبارات الإنجليزية التي قدمت شيكًا بمبلغ 500 جنيه للشيخ حسن البنا عبر شركة قناة السويس، وتمثل الهدف الاستراتيجي من وراء ذلك في رغبة سلطات الاحتلال الإنجليزي في خلق فصيل شعبي مناوئ لحزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية طاغية آنذاك ويفسد تحركات الاحتلال لبسط نفوذه على المشهد السياسي، فضلاً عن رغبة الإنجليز في إيجاد ورقة ضغط جديدة على ملك البلاد.

وكانت السلطات السعودية، أعلنت مطلع مارس الماضي، قائمة للمنظمات والجماعات الإرهابية، تضمنت "تنظيم القاعدة"، والجماعات التابعة له، إضافة إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، وكذلك عدداً من الجماعات الشيعية، من بينها "حزب الله" في المملكة، وجماعة "الحوثي" في اليمن.