إجماع سياسي على إقالة الحكومة لتورطها بتفاقم أزمات اليمن

أجمع عدد من الشخصيات السياسية المختلفة على أن الأزمة الاقتصادية القائمة في اليمن تعود أسبابها إلى تفشي الفساد وليس في الدعم المالي المقدّم من الدول المانحة عبر مؤتمر أصدقاء اليمن المقرر انعقاده بالعاصمة البريطانية لندن في الـ29 من أبريل الجاري، بعد أن قُرر إرجاء موعده ومقر احتضانه من مطلع الشهر ذاته في العاصمة السعودية الرياض.

وأكدت الشخصيات في حديثها لـ"خبر" للأنباء، على ضرورة قيام الدولة برسم خطط عملية واضحة المعالم من شأنها القضاء على الفساد المستشري وتسخير الدعم الدولي في المشاريع المخصصة لها للمساهمة في عملية البناء والنهوض بعملية التنمية الشاملة.

ورأت أنه يجب على أي حكومة التركيز على الجانبين: "الأمني والسياسي" قبل الاقتصادي من أجل تحقيق أمن واستقرار البلد ومن ثم النهوض بالعملية التنموية بشكل عام، وأن ذلك لن يتحقق إلا بإقالة حكومة الوفاق واستبدالها بحكومة تكنوقراط مدنية جديدة.

وقال الرئيس الدوري لتكتل أحزاب اللقاء المشترك، حسن زيد: إذا صحت المعلومات التي تتحدث عن مطالبات الدول المانحة لليمن بضرورة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، فمن الطبيعي جداً مطالبة المانحين بإصلاحات اقتصادية في اليمن نظير ما يقدموه من منح مالية.

وأضاف أن المشكلة لا تكمن في الدعم المقدّم ولكن في تفشي واستشراء الفساد والوعاء المستفيد منه وتنامي الإنفاق في ظل عدم القدرة على تعزيز الموارد، ولذا ما دام الفساد والإنفاق قائمين فإن أي حلول لا يمكن أن تنعكس إلا سلباً على المواطن وتساهم في توسعهما.

ولفت إلى أن اليمنيين بحاجة إلى إرادة سياسية من أجل التصدي للفساد المستشري والذي يُشكل حالة أشد خطورة من الإرهاب على أوضاع اليمن المختلفة ولابد أن تكون معركتنا وأولوياتنا القادمة مع محاربة الفساد.

من جانبه أرجع أحد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل المنتهي وعضو جماعة أنصار الله (الحوثيين)، علي البخيتي، سبب عدم استفادة اليمنيين من مؤتمرات المانحين السابقة؛ إلى انتشار الفساد في أجهزة الدولة وعدم التزام ووفاء بعض الدول المانحة بتعهداتها المالية.

وأيد البخيتي، حسن زيد، بتأكيده أن الإجراءات الحكومية الخاصة بمنح أصدقاء اليمن دائماً ما يتضرر منها المواطن البسيط، كونه لو قامت الحكومة بإيقاف نزيف الأموال الناتج عن تفشي الفساد في الوزارات المختلفة لتوافرت أموال أكثر من المتوقعة توفيرها من وراء عملية رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

واستغرب سفر بعض الوزراء أكثر من عشر سفريات خارجية وتكاليفها التي تصل لملايين الدولارات في غضون العام الواحد ومحاولة الحكومة تعويض صرفيات وزرائها وعجزها عبر رفع دعم مشتقات النفط على المواطن البسيط.

بدوره نصح الأكاديمي والسياسي الدكتور، محمد عبدالملك المتوكل، الدولة والقائمين على الجانب الاقتصادي بعدم البحث عن الحلول من الدول الخارجية؛ لأنه سيكون مصيرها عدم الفلاح كون الخلل الأساس والجوهري ليس من في الخارج وإنما في الداخل، وبالتالي فالأحرى البحث عن إيجاد حلول داخلية.

واستشهد في ذلك بقوله تعالى: ((وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون))، وأشار إلى أنه ما يجب فعله لحل المشاكل الاقتصادية هو بناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية عادلة انطلاقاً من قوله عز وجل: ((إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)).

وأوضح أن المشكلة في الأحزاب التي تعتبر من يخالفها "عدواً" ولا تطبق الديمقراطية بمفهومها الحقيقي والصحيح داخل دوائرها، فكيف بالإمكان تطبيقها على مستوى اليمن ككل.

ودعا كافة الشباب الحزبيين والمستقلين إلى بذل الجهود والتعاون في ما بينهم والاتفاق في المشترك وتجنب المختلف كونهم المستقبل الذي نعول عليه في تحقيق نهضة وتقدم اليمن.

وذكر المتوكل أن الأحداث الجارية في الساحة اليمنية ومنها في عدن وعمران والضالع نتيجة لغياب الدولة والحكم الرشيد وعدم وجود قضاء مستقل وعادل يضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وعبّر عن أسفه لاهتمام مؤتمر الحوار الوطني بالظواهر وتجاهله الأسباب الرئيسة لمشاكل وقضايا اليمن واليمنيين.

من ناحيته رأى القيادي في الحراك الجنوبي، حسن زيد بن يحيى، أن المهمة الأساسية التي يجب أن تركز عليها الدول المانحة في الوقت الحالي هي الجانبان الأمني والسياسي قبل الحديث عن الجانب الاقتصادي من أجل تطور المجتمع وقيادة العملية السياسية بما يُمكن القوى المدنية الجديدة من النهوض بالبلد.

وقال: لدى اليمن حكومة فاشلة وفاسدة مرفوضة شعبياً ولابد من إقالتها واستبدالها بحكومة تكنوقراط مدنية جديدة بعيدة عن محاصصة القوى الرجعية التقليدية، وإن أي مساعدات يتم الاتفاق عليها وتقديمها عبر حكومة الوفاق لن تجري في مسارها الصحيح لعدم كفاءة الحكومة، وهو الأمر الذي من شأنه توريط البلاد في ديون إضافية وجديدة.

وأضاف زيد في تصريحه لـ"خبر" للأنباء: قبل كل شيء يجب البحث عن آلية شراكة جديدة بين اليمن والمانحين لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني، كون التنمية والديمقراطية لا يمكن قيامهما إلا في ظل أجواء آمنة ومستقرة وليس في ظل الاختلالات الأمنية التي يقودها (الإخوان المسلمون) عبر مسميات (القاعدة، أنصار الشريعة، الفرقة الأولى مدرع) وغيرها، حد قوله.

ومن جهته تساءل عضو مجلس النواب، نبيل صادق باشا، عن سر انعقاد المؤتمر أواخر الشهر الجاري في لندن بعدما كان من المقرر انعقاده في الرياض دون الكشف وتوضيح الأسباب والمبررات.

وقال: نأمل من الحكومة أن تستطيع استيعاب الأموال المقدّمة من الدول المانحة، واستغرب تلهف حكومة الوفاق للمنح والقروض بينما لم تستطع تسخير إنفاق الأموال السابقة في أماكنها الصحيحة.

ولفت إلى أنه من المعيب على الحكومة التفكير باتخاذ قرارات وصفها بـ"الموجعة" في حق المواطن الذي يُعاني كثيراً نظراً للظروف المعيشية الصعبة، في حين كان الأجدر بالحكومة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع كل من يعبث ويُهرب المشتقات النفطية، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات لإيقاف التصرف العبثي بالمشتقات لحساب وزارة الكهرباء والدفاع قبل تحميل الشعب مزيداً من الأعباء.

فيما حذر عضو البرلمان ورئيس حملة "إنقاذ"، أحمد سيف حاشد، من إقرار أي جرعة جديدة؛ كونه من الممكن أن تندلع بسببها ثورة قادمة، وأوضح أن أي إجراءات أو منح يقدمها المانحون لليمن لا يستفيد منها الشعب وإنما يستفيد منها الفاسدون ولا يجد لها أثر في الحياة المعيشية للمواطن البسيط.

وكشف بأن هناك الآلاف من الوظائف الوهمية والاختلالات وفساداً كبيراً ونهباً منظماً لخزينة الدولة يلتهم أي مساعدات لليمن التي لن تحتاج لأي مساعدة إذا نفذت وقفة جادة وصادقة واتخذت إجراءات ملموسة هدفها تصحيح الأوضاع والقضاء على الفساد.

وأكد تسليم سبعة تقارير فساد وزارات إلى كافة الجهات الرقابية ورئاستي الجمهورية والوزراء وهيئة مكافحة الفساد والمنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة وأثر الفساد على المجتمع، وأن عدم اتخاذ إجراءات بشأن ذلك يُعزز من شعوره بوجود تواطؤ مع الفاسدين.