مأزق أخلاقي وقانوني للرئيس: مصادر قبلية تكشف "الثمن الفادح" لإطلاق "روديغر" وتتعهد: لن نسكت.. (تفاصيل)

يبدو أن الرئيس والرئاسة اليمنية، بصدد مأزق أخلاقي وقانوني، فضلاً عن مشكلة اجتماعية وقبلية تتشكل ملامحها الرئيسة بسرعة، كما تعبر ردود الأفعال الأولية حتى الآن مع انقضاء 24 ساعة لا غير من إعلان تحرير المختطف الألماني بمحافظة مأرب، وتكشف تفاصيل صفقة عقدتها السلطات وعبر وسيطها محافظ الجوف، بن عبود، مع الخاطفين القبليين.

مثار الاستياء والغضب المحلي والقبلي هو نزول السلطات على شروط الخاطفين مقابل الإفراج عن المختطف الأجنبي، وعلى رأسها إطلاق سراح متهمين قبليين محتجزين على ذمة قضايا وجرائم جنائية جسيمة تعود إحداها إلى فترة أحداث أزمة 2011 وهي جريمة قتل مثبتة, كما قال لوكالة "خبر" مصدر محلي بمأرب واعداً بإظهار الإثباتات الدامغة. ولكن الأخطر والأكثر فداحة, بتعبير وجاهة محلية وقبلية بمراد مأرب وعضو برلمان في اتصال مع "خبر" للأنباء يوم الأربعاء, هو إطلاق متهمين (متورطين ثبوتاً) في جريمة راح ضحيتها قائد عسكري كبير و10 جنود، على الأقل، بمن فيهم 3 هم طاقم طائرة هيلو كبتر عسكرية كانت تقلهم قبل إسقاطها.

ووفقاً لمعلومات وشهادات متطابقة جمعتها "خبر" للأنباء, تضمنت صفقة الإفراج عن الألماني "روديغر شفيت" المختطف منذ 4 أشهر لدى قبائل "آل حريقدان" بمأرب؛ إطلاق سراح متهمين قبليين في مقتل العميد حسين صالح مشعبة- قائد اللواء107مشاة المرابط بصافر, والذي قتل وعشرة من رفاقه بإسقاط طائرتهم العسكرية, بينما كانت الطائرة في مهمة غير قتالية، كما أوضحت، في حينه، بيانات الدفاع اليمنية, في وادي عبيدة بمأرب, أغسطس الماضي. إضافة إلى منحهم وخاطفي الإيطالي مبلغ 20 مليون ريال.

وتساءل ناشط وإعلامي يمني: "هل هذه صفقة تحرير مختطف أجنبي؟ أم صفقة بيع لدماء قادة وجنود وضباط وشهداء وتصرف بحقوق وسلطات حصرية لأولياء الدم وحدهم وإسقاط رسمي مدوٍ لعدالة التقاضي وسلطات القضاء؟؟".

وأفضت وساطة قبلية برئاسة محافظ الجوف، محمد سالم بن عبود، إلى إطلاق سراح المُختطَف الألماني لدى قبائل "حريقدان" بمأرب .

وقال المحافظ، بن عبود، لوكالة "خبر", مساء الثلاثاء: إن الإفراج عن المختطف الألماني، تم بعد توجيه رئاسي بإطلاق سراح معتقل من أبناء القبيلة، دون أن يشير إلى مزيد من التفاصيل.

لكن مصادر قبلية أكدت أن هناك متهمين في تلك القضية وقضايا أخرى تم إطلاق سراحهم، بالإضافة إلى دفع مبلغ 20 مليون ريال.

الشيخ حسين حازب، أحد وجاهات ومشايخ قبيلة مراد، سياسي معروف, كتب في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مساء الثلاثاء، تساؤلات للرئيس هادي والحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية على خلفية وذمة القضية.

وقال: "ما الذي ستقولونه لربنا سبحانه وتعالى عندما يسألكم عن تفريطكم بدماء وحق شهداء الطائرة التي أسقطت في مأرب في أغسطس الماضي وعلى متنها القائد البطل حسين المشعبة ورفاقه العشرة، وكذلك الشهداء من "القبسه" مراد، الذين قتلوا في الخط قبل حادث الطائرة بعام أو أكثر؟؟؟".

وتساءل: "وما الذي ستقولونه، أيضاً، لأولاد وأولياء دم هؤلاء المظلومين، عندما يعرفون أنكم أطلقتم سراح المتهمين بقتل هؤلاء الشهداء قبل تبرئتهم أو إدانتهم من القضاء؟؟؟".

وفي اتصال مع وكالة "خبر" عبر أقارب شهداء في مأرب عن مرارة الشعور بالخذلان والظلم؛ نتيجة إطلاق متهمين بقتل ذويهم. وأكدوا تصعيد التظلم ومتابعة القضية وكشف أولياتها وملفاً موثقاً بإدانة المفرج عنهم. وستتابع وكالة "خبر" النشر بتوافر المعلومات والأوليات.

بدوره، أبو فيصل حازب، نشر تعليقات، بمرارة وحسرة، حول نبأ الإفراج عن المعتقلين على ذمة حادثة إسقاط طائرة قائد اللواء 107 حسين مشعبة.

وكتب: "هل تذكرون العميد حسين صالح مشعبة، قائد اللواء107مشاة، المرابط بصافر، الذي قتل هو ورفاقه بوادي عبيدة بمأرب في شهر أغسطس العام الماضي، عندما أُسقطت طائرتهم من قبل مخربين. احترقت جثث العميد ورفاقه؛ ولأن ذاكرة اليمنيين مخرومة ولكثرة مشاكلنا، نسيناه"..

وأضاف: "لكن ما آلمني الليلة خبر الإفراج عن المختطف الألماني بمأرب مقابل الإفراج عن متهمين من آل حريقدان في إسقاط طائرة العميد مشعبة!!!".

وتابع بالقول: إضافة إلى إطلاق الجناة، دفعت لهم الحكومة مبلغ عشرين مليون ريال كتعويض، دفعته عن طريق محافظ الجوف الإصلاحي الذي تربطه بالجناة مصالح حزبية وتجارية.. وكذلك وفرت لهم الحكومة طائرة لنقلهم من صنعاء إلي مأرب، وطبعاً بواسطة محافظ الجوف الذي حصل على نصيبه من الصفقة"، كما قال في منشوره بصفحته الشخصية.

واختتم: "بالله عليكم، أي عصابة تدير البلد؟ أليس لجنوده قيمة، كيف يجرؤ هادي وباسندوة على المساومة بدماء جنودنا؟! وأي نفسية ستكون للجنود في حماية تراب هذا الوطن..؟!".

واستشهد العميد مشعبة وطاقم الطائرة (هيلوكبتر) التي استهدفتها نيران عناصر تخريبية أدت إلى سقوطها، أثناء عملية استطلاع وقت قيام فرق فنية بإصلاح أنبوب النفط بتاريخ 6/8/2013.

وأكد مصدر رسمي، حينها، أن الوحدات العسكرية بالمنطقة الثالثة سوف تلاحق ما أسماها "العناصر التي قامت بهذا العمل الإجرامي" والتي وصفها بـ"الجبانة"، وأشار إلى أن الوحدات العسكرية ستلقي القبض عليها لتقديمها للقضاء لتنال جزاءها.