غلاب يدعو "النخبة" إلى إعادة قراءة مصالحها ونبذ الأساليب التآمرية

أشار الباحث والسياسي اليمني، نجيب غلاب إلى أن التغيير يتحرك كآلة عاقلة رغم الإشكاليات المعقدة والصراعات التي تجرنا إلى هاوية السقوط. 

  وقال غلاب في إفادة خاصة لوكالة "خبر" للأنباء، بمناسبة حلول عيد الفطر ، "إن اليمن يمشي بإرادات ممسوسة بالخوف والقلق والأمل، وهناك ارتباك واضطرابات في رسم صياغة معالم التحولات والقوى الشعبية تعيش حالة ذهول وهي تتابع المشاكل التي تتراكم وتعيق حركة الفعل الايجابي، وستجد الجميع يصرخ دون انتاج الفعل النافع..لافتاً إلى أنه صراخ بلا فاعلية، أو مضمون.
  وأضاف رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات: لا يمكن لليمن ان يخرج من معضلاته الراهنة الا بائتلاف واسع يؤسس مصالحة وطنية جامعة تبنيها خبرتنا التاريخية. مضيفاً :" وهذا الائتلاف يحتاج قادة بحجم المسئولية التاريخية قادرين على المراهنة على المستقبل وتجاوز الماضي، ولديهم القدرة على عقد صفقات تركز على المصلحة الوطنية التي تحمي مصالح الأطراف وتنهي العنف والنزاعات المعيقة لتعمير التغيير بحيث تتوحد الإرادة الوطنية وتكون طاقة ايجابية لتحقيق السلام"..
  وأشار غلاب إلى أن بناء التوافق وتجديده لن ينجح ما لم يمتلك القادة القدرة على اقناع تابعيهم وانصارهم وجعلهم سند وقوة دفع ايجابية.
  ونوه الباحث نجيب غلاب إلى أن التناقضات التي ولدتها الصراعات تزداد تعقيدا ولا تعمل من اجل تسويات بل تسير باتجاه الانقسامات وإعادة إنتاج الماضي بكل صراعاته، بل وتراكم تناقضات أكثر خطرا على مستقبل اليمن. حد قوله.
  وأكد رئيس مركز درسات الجزيرة العربية في معرض حديثه لـ"خبر" أن اغلب القيادات تعيش الصراع في أبراج مصالحها الذاتية ومعزولة عن الجمهور الذي يعيش تسييس معمم برؤى إعلامية مثيرة وتأسس لفوضى مدمرة، مضيفاً أنه كلما زادت تناقضات بين القيادات توسعت عزلتها عن مؤيدها وفقد الرأي العام قدرته على بناء إرادة جمعية.
  وتابع الباحث غلاب: "إن الوقائع في اليمن يبدو أنها تعيد صياغة نفسها بآليات داخلية تعمق من النزاع مع وجود إرادة خارجية ضاغطة لا تفقه الواقع اليمني، وهذا خلق فوضى مائعة، فبعض الدول ليست مهمومة بالواقع وحاجته بل تبني صفقات عرجاء مثيرة للتناقضات وباعثة للعنف.
  وأردف :" بل ان بعضها لا يريد بناء مصالحات واقعية بل مركزة على طرح مثالي في بلد يبحث عن مخارج تلملم الصفوف وتبني مصالحة جامعة لتجاوز الصراعات التي تهدد بقاء الدولة".
  وفيما شدد على ضرورة إدارك ان بناء الدول الهشة عبر الإرادات المتنازعة والتخبط في فهم حاجات وبرؤى مثالية سيكون مستحيلا، أشار إلى أن الصراع مستمر والمشاريع الخارجية متناقضة مع عجز أي طرف من حسم المعركة، رغم التسوية السياسية.
  وأكد غلاب أن الأمر يزداد تعقيدا مع الوصاية الخارجية التي تبدو عصى جاهلة لواقع اليمن وتعقيدات الصراعات وتركيبة القوى الفاعلة في الواقع، منوهاً أن "واقع المجتمع تديره نخب بلا مشاريع واضحة فاقدة للخيال والرؤية فان الوصاية الخارجية المرتبكة تغدو لاعبا قهريا لن ينتج غير التعقيدات والأطروحات الفوقية دون حدوث أي تغيير فعلي، وهذا الأمر قد يقود اليمن الى انقسام جغرافي حاد ينهي الدولة اليمنية كخيار داخلي وخارجي!!"- حسب تعبيره
  وقال إن "التاريخ لا يرحم أحد، وحركته تحكمها ارادات الفاعلين وحاجات الواقع، والواقع يعيد صياغة نفسه وحاجاته بناء على طبيعة التحولات و لما ينفع حتى لو تناقضت تلك الصياغة مع الاهداف والقيم الكبرى. وفشل النخبة اليمنية بكافة تفاصيلها سيقود الجميع الى خسائر فادحة ".
  وأشار إلى وجود جمود في الطرح وكل قوة متمسكة برؤيتها متجاهلين طبيعة السياسة التي تحكمها المتغيرات المتلاحقة، والجمود في موقف ثابت تجاه التحولات يفقدها عقلانيتها وروحها اللاعقلانية، وتتحول الى عقيدة صارمة لا إلى مصالح متغيرة، وحسابات متقنة، وبناء صراعي تصيغة تسويات متجددة".
  وأضاف : "السياسة هي رهان الممكنات الواقعية لا خيالات مراهقة بالمقولات النضالية، هي فن وعلم، فلا عداوة دائمة بل خيارات متعددة لنسج المصالح، والصداقة في السياسة ليست محكومة بأخلاق العلاقات الفردية والاجتماعية بل بأخلاق المنافع المتبادلة المبنية على قيم سامية لتجذير تلك المنافع، فالثقة والالتزام ضرورة في بناء تسويات ما، إلا أن التسويات متغيرة وتحكمها متغيرات الواقع لذا فان إعادة صياغة المنافع في قلب الصراع السياسي يحتاج إلى الصدق عند القفز إلى خيارات أخرى حتى وان كانت مناهضة لتسوية لم تعد قادرة على الاستمرار، حتى لا تفقد الثقة في رقعة الصراع السياسي قيمتها كقيمة عليا فقدانها يقود الى فوضى مدمرة لمصالح اطراف الصراع وبالذات عندما تحدث ازمات كبرى مهددة للكيان الوطني ."
  وقال غلاب في سياق افادته للوكالة، إن أكثر الحلول مثالية يدافع عنها قادة غوغاء لا يؤمنون إلا بأنفسهم، وهي طريقهم لتسويق أنفسهم، والأهم ما هو النافع المتاح الذي بإمكانه ان يعمل ويتقدم مع الوقت.
  وأكد الأكاديمي في جامعة صنعاء، أن التطرف واحد فالمدني الذي يبحث عن النموذج المثال مثل الاسلاموي المتطرف الذي يحدثك عن الحق، كلاهما يجعل من حلوله تسويق، وفي السعي من اجل المثال يخربوا الواقع بالعنف فلا يتم اصلاح الخلل ويظل النموذج الحق أداة دائمة لإثارة الفوضى.
  وفي سؤال للوكالة عن أمنياته في ليلة العيد تمنى الباحث السياسي ورئيس مركز الجزيرة للدراسات، أن يتمكن أبناء اليمن من تجاوز مشاكلهم التي تبدو بل حل وتزداد تعقيدا كلما بحثوا عن حلول خارج متطابات وحاجات الواقع، وكذا تمكن القوى السياسية والاجتماعية من الانتقال إلى أفق جديد يبني لحمة السلام والتعايش.
  مشيراً إلى إن ذلك لن يكون الا بابتكار إستراتيجية جديدة تحمي الجميع وتجعلهم شركاء في صناعة التغيير.
  وأضاف أن النخبة اليمنية بحاجة الى مغادرة تجربتها التاريخية وتكرار أخطائها التي أنتجت الفشل والنزاع وأصلت للفساد والخرابـ معبراً عن أمنيته في ان تعيد هذه النخبة قراءتها لمصالحها وللمصالح الوطنية وتنبذ أساليبها التآمرية والتصفوية ووعيها المقنع بالتنظير والكلام المبجل وتخرج من صناديقها البالية وتجدد من نفسها وتسمح بإعادة تركيب القوة لصالح الأجيال الجديدة".
  وقال : كم أتمنى أن تسود الحكمة ونبني مصالحة جامعة بلا حذلقة وصياغات تبدو نظيفة وهي في بطانتها جحيم.. فالساسة يعقدون الانتقالات المهمة عبر فذلكات تعقد السهل والممكن، ساسة خبرتهم مركزة في بناء حلول فوقية معقدة لإعاقة الحلول الاكثر فاعلية".
  واختتم غلاب تصريحه لوكالة "خبر" بالتعبير عن أمنيته في "أن نبعث وجودنا وفق خياراتنا النافعة والممكنة ونتمكن من تفعيل الطاقات الايجابية التي راكمتها تجربتنا الحضارية التي راكمتها آلاف السنين والاستفادة من العصر لابتكار الحلول الكفيلة بمساعدتنا لتخطي واقع منهار لا يمكن تجاوزة الا بإرادة يمنية مستوعبة للمشاكل ولطبيعة الواقع ولحاجاتها ومتطلبات المستقبل