المبعوث الأممي.. علامــات استفهام!!

لمع نجم السيد جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، بعد نجاحه في نزع فتيل الأزمة في عام 2011، حيث جمع الخصوم السياسيين وتمكن من الحصول على توقيعاتهم على التسوية السياسية لنقل السلطة (المبادرة الخليجية)، منهياً بذلك أزمة سياسية طاحنة عصفت بالبلد، ومنهياً معها حلم البعض بالثورة، وفي رأي العديد من المحللين أن هذا هو النجاح الوحيد الذي حققه ويحسب له، وإن كانت الأطراف الموقعة قد وصلت إلى التوقيع بعد اقتناعها أن لن ينجح أحد في كسر عظم الآخر، وأن الخاسر الوحيد هو اليمن.


بعد ذلك تغول بن عمر وكان أول من انقلب على المبادرة الخليجية، من خلال تجاهل أو تعمد عدم تشكيل لجنة تفسير المبادرة لحل الخلافات التي قد تطرأ نتيجة لتفسير المبادرة كل حسب أهوائه، وبالتالي كان هو المفسر والمشرف والمراقب، ونتيجة لضعف رئيس الدولة الذي كان لا يستطيع الحل أو الربط إلا في وجوده وبدعم منه، جمع بن عمر كل خيوط اللعبة في يده وحصل على دعم إقليمي ودولي له شخصياً وبالتالي انحرف عن الطريق، من خلال دخوله كطرف في المعركة بين اليمنيين.

بن عمر وأجنداته!!

بعد إعطاء خلفية عن بن عمر، ودوره منذ البداية، نستطيع أن ندخل إلى النقاط التي جعلت العديد من المراقبين يشتمون رائحة غير طيبة لما يقوم به في اليمن، والشواهد كثيرة، ومنها:


انتزاع عدد من القرارات الخطيرة من مجلس الأمن، أهمها إدخال اليمن تحت الوصاية الدولية بموجب البند السابع، وكان هذا من أخطر القرارات، كما تولى بنفسه مهاجمة أحد أطراف التسوية بهدف نسف التسوية السياسة، وبالتالي الهيمنة أكثر على القرار في البلد.
عمل مع مجموعة من المقربين الذين اختارهم بتزكية منه وقدمهم إلى صدارة المشهد، وهم معروفون للشعب اليمني وبالاسم، على الوقيعة بين مختلف الأطراف وتوسيع هوة الخلافات بينهم. أسهم بشكل فعال في تسليم البلد للإخوان المسلمون، وهذا القرار كان بدعمٍ أمريكي – تركي – قطري..


لم يكن يوماً وسيطاً أميناً، وكان ما ينقله إلى مجلس الأمن لا يعدو عن كونه نم سياسي لا يخدم اليمن ولا اليمنيين، وكانت وثيقة الضمانات للقضية الجنوبية التي أضافها بنفسه واحدة من أخطر المؤامرات على وحدة وأمن واستقرار اليمن، وبحسب خبراء قانونيين أسهموا في تعديلها بعد أن رفضت العديد من الأحزاب التوقيع عليها، أنها كانت ستتسبب بنتائج كارثية وحرب أهلية لا نهاية لها. كما أصّل للانفصال من خلال دعمه وتبنيه حوارات مباشرة بين ممثلين عن الشمال والجنوب، بالرغم من أن المبادرة الخليجية كانت تنص على أن الحوار تحت سقف الوحدة..


وأخيراً، كان له إسهام مباشر في إسقاط صنعاء بيد الحوثيين، من خلال تدخله المباشر وتأثيره على الرئيس في تغيير الفريق الرئاسي المفاوض مع الحوثيين د. عبدالكريم الإرياني - مستشار الرئيس، وعبدالقادر هلال - أمين العاصمة، والذين كانوا قد توصلوا إلى نتائج مرضية ولم يتبق إلا التوقيع على الاتفاقية، وفجأة يتدخل ويخبرهم بأنه تم تغيير الفريق المفاوض بإشرافه وضم الوفد الجديد صديقه الحميم د. أحمد عوض بن مبارك - مدير مكتب الرئيس، وجلال الرويشان- رئيس جهاز الأمن القومي.. وهذا ما حدا بالسياسي المخضرم د. عبدالكريم الإرياني إلى إخباره بأنه سيتحمل المسئولية في حال حدوث حرب، وهو ما حدث، حيث بدأت المفاوضات من جديد وبشكل بطيء يشي بانتظار لحدوث شيء على الأرض قد تكون إشارة للحوثيين في التغيير على الأرض بغرض تقوية موقفهم التفاوضي، مراقبون قالوا إن ذلك من أجل سحب البساط من تحت الإخوان، وهو موقف دولي بإخراجهم بعدما كان الموقف ذاته هو من أوصلهم إلى السلطة، ولكن ما لا يكترث له المبعوث الأممي أن هناك دماء يمنية سالت هو المسئول عنها أمام اليمنيين وأمام الله.


وأخيراً، ما يحسب لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، أنها قلصت صلاحياته في حدود المراقبة وتقديم الدعم بدلاً من الإشراف على التنفيذ، كما في المبادرة الخليجية، ويبدو أنهم قد تنبهوا لدوره أخيراً أو أنهم لا يريدون أن يلحقوا بسابقيهم على يد السيد بن عمر وأجنداته التي سينتهي اليمنيون ولا تنتهي.

جمال شيبان
مدير مكتب وكالة أنباء
الصحافة العربية والإفريقية في اليمن