شهر من العدوان على اليمن.. كيف صبت مكاسب "عاصفة الحزم" في رصيد القاعدة؟

يحكم تنظيم القاعدة من سيطرته على عاصمة محافظة حضرموت المكلا الساحلية على بحر العرب جنوب شرق اليمن مع خطوات توسعية متواترة على الأرض تسقط بيد المقاتلين المتشددين والتنظيم الإرهابي الخطر مزيدا من المعسكرات والألوية للجيش اليمني بعتادها العسكري والأسلحة الثقيلة تزامنا مع تحركات موازية ومتواترة في الاتجاه نفسه لحلف قبائل حضرموت التي تقاسمت وتوزعت المكاسب مع القاعدة لجهة السيطرة على الموانئ والمدن والمونات العسكرية على امتداد مساحات شاسعة ومترامية من الأراضي التابعة لحضرموت أكبر محافظات اليمن مساحة إلى جهتي الساحل والداخل بامتداد الوادي والصحراء.

خبير أمريكي:لنراقب ما تفعله السعودية

ويضع مراقبون وخبراء علامات استفهام كبيرة وكثيرة أمام المد المتزايد والطفرة الكبيرة للقاعدة وجماعات متشددة ومقاتلين متطرفين خلال فترة زمنية وجيزة تقاس بالأيام في أثناء الضربات الجوية المكثفة لطيران العدوان السعودي على اليمن أو ما يسمى "التحالف" بقيادة المملكة، والتي تركزت بصورة رئيسية ومكررة على استهداف مقار ومؤسسات ومرافق ومنشآت القوات المسلحة اليمنية والأمن ونعسكرات وألوية ووحدات الجيش اليمني بمكوناتها المتوزعة على خارطة انتشار المحافظات الشمالية والغربية والوسط مستثنية المحافظات الجنوبية أو أهم وأكبر المحافظات وخصوصا حضرموت، بينما كان القاعدة ومجاميع متشددة أعطيت لها أسماء وأوصاف متنوعة من بينها لجان هادي أو الموالين لعبدربه منصور والذين شكلوا والقاعدة فرقا ومجاميع منسقة شنت معظم العمليات ضد معسكرات ووحدات الجيش والأمن من عدن إلى حضرموت وشبوة فضلا عن لحج وأبين والضالع.

في مقابلة بثتها الشبكة الأمريكية مطلع أبريل قال المقدم المتقاعد ريك فرانكونا، الخبير العسكري لدى CNN، "إن الضربات الجوية السعودية ضد جماعة الحوثيين ومقراتهم في اليمن باتت أقل دقة من السابق ولم يعد لها التأثير نفسه، خاصة مع ظهور مشاكل إنسانية في البلاد، داعيا الرياض إلى التعامل مع مشكلة تمدد تنظيم القاعدة الذي اقتحم مؤخرا مدينة المكلا وسجنها المركزي."
مؤكدا أن "حالة الفوضى السائدة تفيد تنظيم القاعدة في اليمن، الذي يعتبر أقوى أذرع تنظيم القاعدة الخارجية ويتركز نشاطه في شرقي البلاد، وهم الآن لا يشاركون في القتال ويتفرغون للتمدد.. علينا مراقبة ما ستفعله السعودية بهذا الخصوص ولكن لا أظن أن هناك خطة حقيقية لذلك."

غير أن الأيام التالية أوضحت بصورة حاسمة أن السعودية لم تفعل شيئا وأن خطة السعوديين الوحيدة التي نجحت عمليا تجسدت في توسع وتزايد نفوذ التنظيم الخطر ومستويات خطورته.

"يتفرجون بابتهاج"

وكان محللون غربيون وأمريكيون والإعلام الأمريكي عرضوا شكوكا كثيرة تتحفظ على الضربات الجوية على اليمن من جهة ومن جهة أخرى تطال المغزى من وراء الانتشار والسيطرة العلنية والتوسع المتسارع للقاعدة في جنوب اليمن لا سيما حضرموت وغض الطرف من قبل المملكة العربية السعودية وطيران التحالف السعودي الذي يقتصر على قصف واستهداف وتدمير معسكرات ومقار وأسلحة ودفاعات ووحدات الجيش في المحافظات الشماليةمن اليمن بينما راح القاعدة والمتشددون يسقطون أهم وأكبر المعسكرات والألوية وعلى مستوى مناطق عسكرية مركزية وقطاعات كبرى في مدن جنوبية أبرزها وأهمها حضرموت واحتكموا على مئات الدبابات الحديثة وكميات كبيرة من الصواريخ وقطع المدفعية بينها مدفعية متطورة ذاتية الحركة وأسلحة مختلفة تشكل خطرا حقيقيا بيد القاعدة الذي مُكن عمليا وبمساعدة مخلصة من أصدقاء وحلفاء داخل وخارج الحدود من السيطرة وامتلاك ممكنات ومقدرات إمارة كبيرة ودولة منطوية تحت راية التنظيم الإرهابي الذي يشكل أحد أبرز وأخطر مصادر التهديدات في المنطقة والعالم بحسب البنتاجون والاستخبارات الأمريكية ذاتها.

نهاية مارس الماضي نشرت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية مقالا لكل من ريتشارد سبنسر محرر شؤون الشرق الأوسط ومقداد مجالي من اليمن بعنوان “زعماء القاعدة يتفرجون بابتهاج بينما يحترق اليمن”.

كان القصد أن الضربات الجوية المدمرة للطائرات السعودية وحلفاء الرياض على اليمن هي مبعث سعادة واامتنان لدى القاعد.
وتقول الصحيفة إن القاعدة في جزيرة العرب يستغل الفوضى في اليمن لاستعادة مناطق فقدها ولشن هجمات.

مساعدات.. من الجو والأرض

في واحدة من الحالات، 17 ابريل 2015، سيطر عناصر من تنظيم القاعدة على مقر اللواء 27 ميكا بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت، اهم واكبر المعسكرات بمحافظة حضرموت حيث يحتوي على اكثر من 70 دبابة وعدة عربات عسكرية ومخازن اسلحة.

واشار مصدر محلي لوكالة "خبر" الى ان ما يسمى بالمجلس الاهلي لمدينة المكلا، قام بوساطة بين القاعدة وقيادة اللواء 27 ميكا، قضىت بخروج منتسبي اللواء باسلحتهم الشخصية، ويقوم عناصر القاعدة بالدخول الى مقر المعسكر!

وكانت سيطرت مجاميع مسلحة تتبع القاعدة على قيادة المنطقة العسكرية الثانية الواقعة في منطقة خلف شرق مدينة المكلا عاصمة حضرموت الجمعة 3 أبريل 2015، بعد أن أحكم سيطرته على المدينة منذ منتصف ليل الخميس.

وقال مراسل وكالة "خبر"، في المدينة، أن عناصر التنظيم يستقلون المصفحات والمدرعات والأطقم التي استولوا عليها منذ سيطرتهم على المكلا أقدموا على اقتحام قيادة المنطقة العسكرية الثانية، وأن كثيراً من الجنود استسلموا، فيما فر آخرون.

كما قاموا باقتحام مقر الاستخبارات "الأمن القومي" بالمدينة.

وفي 14 ابريل الجاري تم العثور على 14 جثة لجنود تابعين للجيش اليمني من اللواء مشاة جبلي بعاصمة شبوة مدينة عتق بعد سيطرة القاعدة على كتيبة للجيش تمتلك مدفعية ودبابات متطورة.

ولاحظت القراءات والتحليلات الإعلامية والمتخصصة خلال الأسابيع الأربعة الماضية أن نسبة تحليق وعمليات الطيران السعودي وطيران التحالف بقيادة الرياض في مناطق انتشار وتوسع وسيطرة القاعدة ومتشددين تساوي صفرا بالمائة. فلم تنفذ غارة واحدة في طول وعرض انتشار القاعدة في حضرموت أو مستهدفة واحدا من المعسكرات التي يحتكم عليها علاوة على هذا فإن القاعدة الذي بات يدير السلطة والحكم في المكلا والميناء ينظم مهرجانات جهادية عامة ومشهودة وعلنية تشهدها قيادات قاعدية كبيرة ورؤوس مطلوبة وجموع من المقاتلين على مرأى ومسمع من السعودية وطيران الحرب الجوية على اليمن والبوارج والقطع الحربية التي تحكم حصارها حول سواحل اليمن ومياهه الإقليمية؟

وقال لوكالة خبر صحفي محلي في المكلا، طلب عدم نشر الإسم لأسباب تتعلق بالسلامة الشخصية، فإن الغارة الوحيدة التي نفذها طيران العدوان السعودي على اليمن في حضرموت وعاصمتها كانت مع بداية انطلاق الضربات الجوية في أواخر مارس الماضي واستهدفت بصورة مباشرة مبنى ومقر إذاعة المكلا وأحرقته بصورة كاملة وإرشيف أعمال تعود إلى خمسين عاما ماضية (..)

ما عدا ذلك كانت الضربات الجوية السعودية هي العامل الحاسم في مساعدة القاعدة على التحرك والانتشار والسيطرة في حضرموت خصوصا والاحتكام بسهولة على معسكرا ومقدرات وأسلحة الجيش والأمن بمساعدات أيضا كما يوثق ويشير صحفيون محليون ومصادر أهلية متطابقة لوكالة خبر من قبل رجال محسوبين على هادي وموالين له أو الموالين والمحيطين به مع إشارة مكثفة إلى دور لعبته قيادات ووجاهات حزبية دينية وموالين لمرجعيات سعودية.

تململ أمريكي... في الوقت الضائع

مؤخرا وخلال الأسبوع الأخير فقط بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تستشعر بشكل متزايد الخطر الذي بات يمثله القاعدة والجماعات المتطرفة والمتشددين في حضرموت على وجه الخصوص إلى شبوة وامتدادات تتفرع منها، وعاودت طائرات الدرونز بدون طيار القصف مرة واثنتان مستهدفة سيارات تقل عناصر من القاعدة. لكن هذا كله فات الوقت على جدواه أو الفائدة منه في ظل استقواء وتمكن القاعدة على الأرض ومكاسب خطيرة جدا استحوذ عليها في غفلة من الوقت مستفيدا من الضربات العسكرية والقتال في مناطق الشمال وهو ما صرخ به وزير الدفاع الأمريكي الأسبوع الماضي أن القاعدة ينتشر ويتوسع باعتباره المستفيد الأكبر من الأوضاع المضطربة في اليمن وهي نفسها تحذيرات وتصريحات لمسئولين وأجهزة أمنية واستخباراتية في الغرب.

واعتبر وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الأربعاء 8 أبريل/نيسان أن تنظيم القاعدة في اليمن استفاد من الصراع الدائر في تحقيق مكاسب على الأرض.

وأوضح كارتر خلال زيارته لطوكيو، أن واشنطن قلقة بشكل خاص من تنظيم القاعدة بجزيرة العرب مشيرا إلى أنه، إلى جانب طموحاته الإقليمية، يتوق لضرب أهداف غربية من بينها الولايات المتحدة.

وقال كارتر إن الوضع في اليمن غير مستقر في الوقت الراهن، وهو ما ساعد الأطراف المتقاتلة كجماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة، لاستغلال فرصة الاضطرابات وانهيار الحكومة المركزية.

وأشار وزير الدفاع الأمريكي إلى أن تنظيم القاعدة استفاد بشكل خاص من الاضطراب في اليمن.

في رصيد القاعدة

ختاما من المناسب أن نختم باقتباس معبر، كما جاء في مقال صحيفة صنداي تلغراف البريطانية سالف الإشارة، قال المتحدث باسم القاعدة في جزيرة العرب للصنداي تلغراف: “السعوديون سيضعفون الحوثيين بينما نجلس ونشاهد كما لو كنا نتابع فيلما. الطرفان يسديان لنا خدمة”.