كم مرة سقطت "ميدي" اليمنية في "RT" الروسية بين 7 يناير و7 فبراير؟

ميدي اليمنية، كمثال لما يحدث إعلامياً ويُقال عن مناطق كثيرة في اليمن. و (آر تي) كمثال لتعاطٍ إعلامي عالمي مع اليمن بطريقة مجحفة لا تتيح حتى فرصة سطر لعرض الرأي والطرف الآخر.

صدت قوات الجيش اليمني، مجدداً يوم الأحد، محاولة جديدة لقوات التحالف السعودية مسنودة بمئات المرتزقة للزحف على مدينة ومرفأ ميدي غرب اليمن بمحافظة حجة الحدودية، بعد يوم واحد على كسر زحف مشابه، السبت، وقبلها بيوم انكسر زحف قوي بمساندة القطع البحرية والطائرات بعد أكثر من 10 ساعات من المعارك. والأحد، أبلغ مصدر عسكري يمني وكالة خبر بإصابة اللواء علي محسن الأحمر وعدد من مساعديه في معارك جبهة ميدي.

ميدي، المدينة الصغيرة والميناء الساحلي، كان وعلى مدى أكثر من 10 أشهر هدفاً للغارات الجوية والقصف الصاروخي والمدفعي، استعصى أمام محاولات متكررة وكثيرة لانتزاعه والسيطرة عليه من قبل قوات سعودية وخليجية بمشاركة مئات المقاتلين المرتزقة من جنسيات مختلفة، علاوة على نظراء لهم من اليمنيين. لكن المدينة سقطت مراراً في الإعلام.

- "المندهشون" ماتوا!

وخلال جولات ومحاولات متتابعة ومتباعدة، كان التحالف السعودي وعبر المتحدث باسمه "عسيري" أو مصادر ومتحدثين باسم حكومة هادي ومسميات مختلفة، تعلن في كل مرة السيطرة التامة على مدينة وميناء ميدي. ولايبدو أن شيئاً أو عنواناً استطاع أن يوحد ويجمع نقائض وسائل إعلام الشرق والغرب والعرب أكثر من عنوان ميدي ومناطق يمنية أخرى تحت نفس المعطيات وتخضع لذات المتوالية الروتينية من النشر الموجه، ما يوحي بأن الجميع مرتبط بـ(مطبخ) ومصدر واحد. دون أية علامات تفاوت تشير إلى مجهود من أي نوع يبذله المعنيون ومصادر هذه الوسيلة أو تلك المحطة.

ولا يبدو أن أحداً يمتلك حاسة الاندهاش أو الحرج حتى من القائمين على الوسائل، وهو يعيد ويكرر نشر نفس العنوان والمضمون مراراً متتالية، رغماً عن مدونة سلوك وأخلاقيات الصحافة والنشر والمصداقية (..). المندهشون ماتوا، كما جاء في فيلم كارتون قديم!

لكن هذه ليست سوى نقطة صغيرة في بحر التعتيم والتعمية التي يمارسها الإعلام على الأحداث والحرب والجرائم والانتهاكات والفظائع، فضلاً عن الحقائق والمعطيات الميدانية في اليمن.

ليس مثيراً - مثلاً- أو لم يعد كذلك، أن الإعلام الروسي يتخلى تماماً- أو كثيراً عن الاستثناء فيما خص اليمن والحرب السعودية في اليمن. من وقت مبكر لاحظ مراقبون ومعلقون صحفيون، أوردت لهم مرات وكالة خبر إفادات في هذا الموضوع، أن وسائل الإعلام الروسي بالعربية، ربما تكون الأكثر من بين نظيراتها في العالم تساهلاً واستخفافاً لجهة الاعتماد على والإسناد إلى مصادر أحادية غير محايدة، وأكثر من هذا إفراد الواجهة والعنوان والسياق بتكرار مثير لمصادر ومنصات، خارج كراسة أوليات المهنة والمهنية، وداخل "العلائقية" فقط (..)

- ميدي في روسيا اليوم: 7 يناير - 7 فبراير

على صلة وفي موضوع ميدي، تعاقبت - على سبيل المثال واستشهاداً ليس إلاّ ودون تخصيص - في تلفزيون وموقع "روسيا اليوم" خلال الأسابيع القليلة الماضية وإلى اليوم ثلاثة عناوين ومضامين نشر متشابهة، بل متطابقة، جميعها تسقط ميدي بيد قوات التحالف السعودي.

بتاريخ نشر: 06.01.2016 | 22:24 GMT، عنونت (RT) تقريراً مطولاً مكتوباً وبالفيديو: "اليمن.. القوات الموالية لهادي تسيطر على مدينة ميدي شمال حجة". وفي التفاصيل ترد أشياء منسوجة على منوال عجيب من الجرأة في التحدث بيقينية وتسرد تفاصيل وقائع اقتحام وسيطرة ومعارك شوارع في المدينة والميناء وغيرها مما لم يحدث أصلاً؛ لأن المدينة أصلاً لم تسقط (..) ويبني التقرير، أيضاً، على سابقة هي سيطرة القوات على "حرض" - التي بدورها، أبداً، لم تسقط إلى اليوم.

بعدها بيوم، ذهب المدى أوسع في إسقاط ما بعد ميدي بتاريخ النشر:07.01.2016 | 16:48 GMT ، تحدثت (RT) بتقرير تحت عنوان "قوات هادي تتقدم في حجة غرب اليمن"، عن "سيطرة القوات على مدينة كرش بمحافظة حجة غرب اليمن، وذلك بعد إحكام قبضتها على مدينة ميدي ومينائها".

ومن الواضح أن ما بعد ميدي كان بعيداً عن المعارك البرية التي لم تضع قدمأ في ميدي وساحلها.

كان هذا في اليوم السابع من شهر يناير/ كانون الثاني 2016.

وفي اليوم السابع من شهر فبراير/ شباط 2016، بتاريخ النشر:07.02.2016 | 17:35 GMT، الأحد، أعادت (RT) العنوان بنصاعته: "جيش هادي يعلن السيطرة على ميدي في محافظة حجة اليمنية".

وفي التفاصيل لن تجد فارقاً كبيراً عن سابقتها قبل شهر.

شهر كامل وميدي تسقط في روسيا اليوم، وتصمد في ميدي، وتصد وتكسر الزحوف التي لم تتوقف.

- "السقوط"

هذا مثال ليس إلاّ من وسيلة يحبذها الجمهور في اليمن- حتى لا نقول كان - وهي وسيلة عالمية تخاطب العالم وضمنه اليمنيين.

فكيف سيكون الحال مع غير المحبذة وغير الروسية؟

اليمن ضحية جناة كُثر في العالم وفي اليمن. ما من شك أن من بينهم وفي الصفوف الأولى الإعلام والصحافة العالمية.

التعمية والتضليل والتحيز والعلائقية الخاصة لا تجني على اليمن واليمنيين وفي غير بلد، بل وعلى الإعلام والمهنة التي تبتعد، باستمرار، عن المهنية.

بشأن السقوط؛ حتماً ثمة ما و من سقط مراراً وتكراراً، لكنها ـ حتماًـ ليست ميدي.