حان الوقت للمملكة المتحدة أن تدين جرائم السعودية في اليمن

* ترجمة لمقال السيدة بلقيس ويلي- الباحثة في شؤون اليمن والكويت وممثلة منظمة هيومن رايتس ووتش في اليمن، نشرته صحيفة International Business Times الأمريكية

يجب على وزارة الخارجية البريطانية أن تدين جرائم حرب المملكة العربية السعودية في اليمن.

على مدى الأشهر الـ16 الماضية، قمت برحلات عديدة إلى اليمن؛ لتوثيق حرب مدمرة مستمرة، حيث المقاتلين على الأرض والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية من الجو، ارتكبوا جرائم حرب وانتهاكات خطيرة لقوانين الحرب.

هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وثقتا، معاً، أكثر من 69 غارات جوية لقوات التحالف غير القانونية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 900 مدني، بالإضافة إلى 19 هجوماً آخر باستخدام الذخائر العنقودية المحظورة دولياً.

وبعد كل هذه الرحلات التي قمت بها إلى اليمن للتوثيق، ذهبت إلى واشنطن ولندن وباريس وبروكسل وجنيف وعواصم أخرى، لدفع صناع القرار في الضغط على حلفاء المملكة العربية السعودية للمساعدة في وقف الانتهاكات.

من كل اجتماعات بمسئولي تلك الدول، كانت أكثر الأمور إحباطاً تلك التي مع مسؤولين في المملكة المتحدة. في أغسطس من العام الماضي، بعد تقديم تقرير جديد لهيومن رايتس ووتش، التي وثقت 12 ضربة جوية غير قانونية وقتل فيها 59 مدنياً، على الأقل، في اليمن، قال لي الدبلوماسيون من وزارة الخارجية والكومنولث، إنهم قد قرأوا تقريرنا باهتمام، لكن تحليلهم كان مختلفاً تماماً.

وحين فحص مسؤولون بوزارة الخارجية كلاً من هذه الحوادث التي قمنا بتوثيقها، على حد قولهم، ومن وجهة نظرهم، قالوا إن التحالف الذي تقوده السعودية لم يرتكب حتى واحدة من انتهاك الحرب منذ دخول الصراع في مارس من العام الماضي.

في حين قال مسؤولون بريطانيون إنهم لا يستطيعون تأكيد النتائج التي توصلنا إليها؛ لأن سفارتهم في صنعاء عاصمة اليمن، تم إغلاقها، مما يجعل من الصعب رصد الأحداث على أرض الواقع.

لكن مسؤولي وزارة الخارجية ذهبوا أبعد من ذلك بكثير، حيث قالوا إنهم فحصوا نفس الحوادث التي حققنا فيها ووجدوا أن التحالف لم يرتكب أي انتهاك فيها. لقد كان هذا مذهلاً، نظراً للأدلة الكثيرة على الانتهاكات التي وثقتها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات ووسائل الإعلام.

ومنذ ذلك الحين، ازدادت الأدلة على هجمات التحالف غير المشروعة، واستخدام قوات التحالف للقنابل البريطانية والذخائر العنقودية، والتي أسفرت عن قتل مدنيين وتدمير المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والشركات والمساجد.

والأسبوع الماضي، فقط، أصدرت الحكومة البريطانية، 6 تصحيحات لوزراء كانوا قد صرحوا بأن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لم ينتهك أي خروقات للقانون الإنساني الدولي، ولم يرتكب جرائم حرب.

واعترفت وزراة الخارجية البريطانية، أن تصريحات وزراء المملكة المتحدة بأن قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن لم تنتهك أي خروقات للقانون الإنساني الدولي، غير دقيقة، وأن الحكومة لم تصل إلى تقييم ختامي بذلك.

وبناءً على محادثاتي مع المسؤولين البريطانيين، على مدى العام والنصف الماضية، فإنه من الصعب تجنب استنتاج تلك التصحيحات سوى أنها لحفظ ماء الوجه لمحو موقف لا يمكن الدفاع عنه، وهو أن حكومة المملكة المتحدة صمتت في حين حلفائهم السعوديين يستخدمون الذخائر البريطانية المصنعة، بشكل عشوائي، دون مراعاة كافية لأرواح المدنيين وممتلكاتهم، والتي ساهمت في مقتل أكثر من 3500 مدني.

هذه التصحيحات هي خطوة إلى الأمام، لكنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة. في حين لم يعد مسؤولون بريطانيون يدعون بأن التحالف الذي ساعدوهم بالتسلح لم ينتهك قوانين الحرب، لكنهم ما زالوا يرفضون الاعتراف بأنها انتهكت قوانين الحرب.

يجب على الحكومة البريطانية الآن، أن تذهب أبعد من ذلك، وتتخذ الخطوات اللازمة للضغط على التحالف الذي تقوده السعودية لوقف انتهاكاته الفظيعة، وضمان تقديم أولئك الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات إلى العدالة.