شكل الدولة في اليمن.. مرحلة فاصلة من متاهة الهوية..!!

في ظل تجاذبات سياسية على المستوى الداخلي والإقليمي تدخل البلد في مرحلة حاسمة لمستقبل الهوية الوطنية على المستوى الجغرافي في ظل انقسامات حادة في رؤى مكونات الحوار الوطني حول شكل الدولة ونظام الحكم وعدد الأقاليم الفيدرالية. وعقد الفريق المصغر "8+8" المنبثق عن فريق القضية الجنوبية والمكلف بإعداد الحلول والضمانات للقضية الجنوبية الاثنين الماضي اجتماعا بإشراف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره إلى اليمن جمال بنعمر وحضور الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الدكتور أحمد عوض بن مبارك. وبحث الفريق في مقترح توفيقي يقضي بالتقريب بين الخيارين اللذين تم عرضهما في اجتماع الأحد كحل للقضية الجنوبية وهما خيارا دولة اتحادية من إقليمين أو خمسة أقاليم. وبعد نقاشات مستفيضة ومحاولات حثيثة من المبعوث الأممي للتقريب بين وجهات النظر، توافق المشاركون على مواصلة النقاش على الخيارين للوصول إلى الخيار الذي يمكن أن تتفق حوله الأطراف والضمانات التي يجب أن ترفق بهذا الخيار، كما ناقش عددا من المبادئ المتعلقة بتحديد الأقاليم بشكل شفاف ودقيق. حسب موقع المؤتمر. واتفق الفريق في ختام اجتماعه الذي امتد إلى ساعة متأخرة من ليل الاثنين-الثلاثاء إلى الالتئام مجددا عشية الثلاثاء للنظر في الصيغة الجديدة لوثيقة المبادئ والضمانات لحل القضية الجنوبية بعد تضمينها مختلف التعديلات والملاحظات التي أبداها المشاركون في الاجتماعات. وفيما لا يزال الخلاف محتدما بين أعضاء لجنة الـ(16) بين مطلبي الإقليمين والخمسة أقاليم لشكل الدولة اليمنية المقبلة، حيث يقف ممثلو الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي والحوثيون مع خيار الإقليمين، بينما تطالب القوى الأخرى الممثلة بحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وحزب الإصلاح والحزب الناصري بخيار الخمسة الأقاليم. وكانت قوى سياسية قد رفضت مقترحا لممثلي الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي يقضي بتقسيم اليمن إلى إقليمين، ووضعت مقترحات بتقسيم البلاد من خمسة إلى سبعة أقاليم وفق توزيع يراعي المعايير السكانية والاقتصادية، بما يحافظ على وحدة اليمن. وأثارت "وثيقة" المبعوث ألأممي جمال بنعمر التي قدمت للجنة (16) المكلفة بتحديد شكل عاصفة وجدلا سياسي بعد اعتراض مكون المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وتعليق مشاركته في اللجنة استنادا إلى ما يقول إنها مضامين "شطرية" و"انفصالية" حملتها الوثيقة قبل نجاحه في انتزاع تعديلات في نص الوثيقة التي شملت عدد الأقاليم، مشيرا إلى أن الاتفاق نص على أن لا يقل عدد الأقاليم عن أربعة أقاليم، بعد أن كان العدد مفتوحا في وثيقة بن عمر، وأن أن تكون المناصفة بين الشمال والجنوب في الهياكل القيادية الصادرة بقرارات جمهورية، فيما نصت الوثيقة، على أن تسري المناصفة على كل الهياكل. إضافة إلى أن التعديلات طالت بند"توزيع الثروة" وأكدت على إجراء الانتخابات، وشطبت المطالبة بتمديد بن عمر. وكان المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني قد توافقوا على طرح مقترح الدولة الاتحادية ذات الإقليمين جانبا بشكل مؤقت ودراسة مقترح الأقاليم الخمسة وإدخال التعديلات اللازمة عليه بحيث يصبح مقبولا من جميع الأطراف بعد نقاشات مستفيضة ومحاولات حثيثة من المبعوث ألأممي للتقريب بين وجهات النظر، كما أورد الموقع الإلكتروني للمؤتمر. والتقى السفير الفرنسي باليمن "فرانك جُله" في وقت سابق بصنعاء عددا من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية في إطار جهود حثيثة يقوم بها المبعوث ألأممي الخاص إلى اليمن جمال بن عمر وسفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية للتقريب بين وجهات نظر ومساعدة القوى السياسية على تجاوز خلافاتهم والتوافق على الشكل النهائي لعدد الأقاليم. وفيما لا يزال الخلاف شديداً داخل لجنة الـ16 المنبثقة عن فريق القضية الجنوبية بالحوار، بسبب تعنت رئيس "مكون الحراك" محمد على أحمد بمسألة الإقليمين أو الانفصال، الأمر الذي يخشى مراقبون من أن ذلك قد يعيد الوضع إلى المربع الأول، ما يعني أن ذلك سيخلق كارثة حقيقية لليمن والإقليم والعالم بأسره، ولذلك فإن الجميع يبحث عن الوسيلة المثلى لإخراج اليمن من وضعه الحالي إلى وضع يمكنه من استعادة دوره كعامل استقرار لأبنائه وجيرانه وأصدقائه. ويرى أكاديميون أن بناء النظام السياسي وتحديد شكل الدولة، يجب أن يحتكم للمعايير العلمية والموضوعية المعبرة عن عمق الهوية اليمنية الجامعة، وعن الحقوق والأولويات الأساسية للمجتمع اليمني، وتنوعه الثقافي والجهوي، وفي طليعتها حقه في إعمال رأيه في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية على المستويين المركزي والمحلي، وبما يضمن استدامة النظام السياسي وفعاليته، ويضمن أيضاً الحد الأمثل للتوازن بين قوى المجتمع، وعلى نحو ما تقضي به الموجهات العامة. وكانت الساحة السياسية قد شهدت جدلا واسعا حول وجود صفقة سياسية أبرمت بين الرئيس هادي و"حزب الإصلاح" الذي يمثّل جماعة «الإخوان المسلمين» في اليمن. وتتضمن هذه الصفقة التمديد للرئيس هادي وتحويل مؤتمر الحوار إلى جمعية تأسيسية خلال فترة انتقالية جديدة.