يتنازعه انتهازيون ويأكلون الثوم بفمه..

تتنازع المحافظات الجنوبية لوبيات لها أجندات اقتصادية وسياسية مستقبلية، لا علاقة لها بالحقوق والمطالب التي رُفعت، ومنذ وقت مبكّر، والمتعلقة بتسوية أوضاع الناس، باعتبارهم ينتمون إلى جغرافية واحدة، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس. الجنوب يتنازعه انتهازيون، "يأكلون الثوم بفم الحراك"، ويسعون للاستحواذ على المساحات الشاسعة من الأرض، ويعملون بكل حقارة لتشويه صورة الجنوبي المواطن، الذي لا يرجو سوى وطن يتسع للجميع. يُفزعون القادمين من الشمال ويُلصقون جرائمهم بالحراك، الذي يعلن، صراحة، موقفه الرافض لوحدة اختُزلت مفاهيمها الكبيرة والعميقة في سطحية لا تتعدى البسط والتسوير..!! يرتكبون الجرائم، ويكيّفون السخط الناتج عن الفقر لمصالحهم وطموحاتهم، ويظهرون امتعاضهم من اللغة العنصرية والتشطيرية والمذهبية، فيما هم في الحقيقة يغذُّونها ويُشعلون أوَارَها. الجنوب يتجاذبه حزب الإصلاح الطامح للسلطة، وسيتعامل مع هذا الملف كورقة رابحة، لاستجلاب عواطف الشماليين المُحاطين بخشية الانفصال، وما قد ينجم عنه من فقر في ظل تحققه، نظراً لتركُّز الثروات في المحافظات الجنوبية، ناهيك عن كون التمترُس، خلف الوحدة والوحدوية، برنامجاً كافياً لإخراس كثير من الأفواه وتمرير العديد من الصفقات. يتناهب الجنوب، أيضاً، المهربون والوحدويون ممن هم على شاكلة "العم ناصر" الذي لا يفكر، أبداً، بالانفصال ولا يريده؛ لأن طموحاته أكبر من هذا الانفعال، لذلك فهو يمتلك استراتيجية تتمثل في تشويه صورة الحراك الجنوبي السلمي، من خلال استغلال خطابه في ارتكاب الحماقات والجرائم ضد الشماليين وتحميله المسؤولية، وهو بذلك يضمن تحويل المحافظات الجنوبية إلى أماكن غير آمنة، أو طاردة للشماليين، في الوقت الذي يزج بعناصر في الحراك لرفع سقف المطالب، وإقحام الخطاب الحراكي في سفاهات هو في غنى عنها. الهدف من كل هذا هو الاستفراد بالجنوب، ونهب أكبر قدر من الأراضي، وتعميق التسلُّط المناطقي، ومن ثَمَّ إعادة صياغة الوحدة بعد تشكُّل قوة جديدة مسنودة بالإقطاع والمال، ستتضاءل أمامها أية قوة محتملة في الشمال أو الجنوب.. وحينها ستضمن الاستمرار بفعل الاستقواء بالعوامل المذكورة. الحراك الجنوبي السلمي هو الأرقى والأنقى والأنبل.. فحين ارتكب عناصر محسوبون عليه جرائم ضد الشماليين تخلّص وبرَّأ ساحته منهم. الخوف على مستقبل الحراك هو عدم إدراكه لما يدور حوله، أما إذا كان مدركاً، فالبلاد بكل جهاتها تسير صوب توازن من شأنه بناء دولة قوية تسودها العدالة والحريَّة.