وكالة أمريكية: "قاتل خفي" يتربص باليمنيين لأجيال قادمة

وصفت وكالة اسوشييتد برس، في تقرير لها، الألغام التي زرعها الحوثيون في أنحاء اليمن بـ"القاتل الخفي" الذي ينتظر اليمنيين حتى بعد عقود من انتهاء الحرب.

وقالت الوكالة واصفة الألغام الحوثية: "إنها تتربص بالمدنيين تحت رمال الصحراء المتغيرة، ووسط حطام الطرق في المناطق الحضرية وداخل المدارس المهجورة، وبعضها ينفجر من أخف لمسة".

ويقول نازعو الالغام، إن ألغام الحوثيين الأرضية المتناثرة في اليمن "ليس لها خرائط" إلى حد كبير وستظل تشكل تهديداً حتى إذا نجحت المفاوضات من أجل السلام في وقف الصراع.

وتقول الوكالة إنه في الوقت الذي يجذب فيه انتباه استخدام الحوثيين لصواريخ "سكود" وغيرها من الصواريخ الباليستية المعدّلة المطورة لتستهدف بها الأراضي السعودية، إلا أن استخدامها على نطاق واسع للألغام يمثل خطراً يمتد لأجيال قادمة في اليمن.

ونقلت "أسوشيتد بريس" عن أسامة القصيبي، مدير عام المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام" تأكيده بوجود الألغام "بكل مكان في اليمن. إنها لا تستخدم كآلية للدفاع أو للهجوم، بل لإرهاب السكان المحليين في أنحاء اليمن".

واعترف مسؤول حوثي كبير لوكالة أسوشيتد برس بأن المتمردين يستخدمون الألغام على نطاق واسع.. لكنه قال إن الضربات الجوية التي تقودها السعودية تركت وراءها اثرا قاتلا بنفس القدر.

ومن بين المخاطر التي تواجه المقاتلين والمدنيين على حد سواء ألغام الحوثيين الأرضية.

وما جعل الأمور تزداد سوءاً هو أن ثلث المنشآت الطبية في اليمن مغلقة على حد قول ناصر باعوم، وزير الصحة اليمني، حيث نقلت "أسوشيتد برس" قوله: "لقد تسببت الألغام في مشكلة كبيرة. لا بأس بأن يصاب فرد في الجيش أثناء معركة أو أن يضربه لغم، لكن أن تصاب طفلة بلغم في حقل أو في طريقها لجلب الماء، فهذا يمثل مأساة".

وقال فريق خبراء الأمم المتحدة في عام 2016، إن الحوثيين استخدموا ألغاماً أرضية بعد انسحابهم إثر دحرهم من مدينة عدن جنوبي اليمن.

وبحسب "مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها ACLED" الدولي الذي يتتبع النزاعات في العالم، فإنه منذ عام 2016، تسببت الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات التي زرعها الحوثيون في مقتل ما لا يقل عن 222 مدنياً وإصابة آخرين في 114 حادثة فقط.

ووفقاً للمشروع: "بسبب صعوبة الحصول على تقديرات دقيقة، من المرجح أن تشكل هذه الأرقام جزءاً ضئيلاً من جميع عمليات تفجير الألغام التي يشارك فيها المدنيون في اليمن".

الألغام التي زرعها الحوثيون، والتي تشبه نموذجاً تم عرضه سابقاً في إيران، تم العثور عليها أيضاً في البحر الأحمر، وفقاً لتقرير صادر عام 2018 عن خبراء الأمم المتحدة. وحذر التقرير من أن تلك الألغام "تمثل خطراً على سفن الشحن التجارية وخطوط الاتصال البحرية التي يمكن أن تظل لمدة تتراوح ما بين ست إلى عشر سنوات".

وأشار تقرير أعدته مجموعة "أبحاث تسليح النزاعات" في مارس إلى تمويه القنابل، التي توضع على جانب الطريق، على هيئة صخور في اليمن، وأن هذا يشبه طرقاً تستخدمها جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران في جنوب لبنان، ومتمردون على علاقة بإيران في كل من العراق والبحرين.

وأقر يحيى الحوثي، المدير السابق لـ"المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام" في اليمن، وهو مركز لنزع الألغام تابع للحوثيين، باستخدام الجماعة للألغام المضادة للدبابات، لكنه أنكر التلاعب فيها أو تعديلها لاستهداف أفراد. كذلك زعم أن الحوثيين لم يستخدموا يوماً ألغاماً مضادة للأفراد رغم وجود أدلة كثيرة تدل على عكس ذلك.

وكشف أسامة القصيبي، مدير عام المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام"، عن إعادة الحوثيين ضبط وتعديل الألغام المضادة للدبابات، التي كان يتطلب انفجارها في السابق ضغط بوزن يزيد على مائة كغم، بحيث تنفجر عند الضغط عليها بوزن يقل عن 10 كغم، مما يعني أنها قد تنفجر إذا خطا طفل عليها.

ويتهم القصيبي الحوثيين باستخدام تكنولوجيا توفرها إيران مثل أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، وتتبع طرقاً مثل إخفاء القنابل داخل صخور وهمية.

ووصف القصيبي اليمن بأنها الدول الأكثر احتواءً على ألغام منذ الحرب العالمية الثانية استنادًا إلى تقدير مجموعته لعدد الألغام التي زرعها المتمردون.

وأوضح القصيبي قائلاً: "سيستغرق الأمر سنوات. لا يمكن إعادة إعمار اليمن دون معالجة مشكلة الألغام. يجب أن نكون على الأرض أولاً قبل بدء عملية إعادة الإعمار".