صدق أو لا تصدق.. هذا ما يعرفه مجلس الأمن عن اليمن: حكومة وصلت إلى السلطة عبر انتخابات شباط 2012!

عمد مجلس الأمن الدولي, أعلى هرم السلطة والإدارة السياسية في العالم, مؤخراً إلى إدراج اليمن تحت طائلة عقوبات ومواد الفصل السابع - بقرار رقم 2140, بتأريخ 26 شباط فبراير.

وجاء القرار والتصعيد المفاجئ برأي مراقبين في وقت يشيد المجلس ودوله والخمسة الكبار الدائمون والمنظمة الدولية، علاوة على دول الإقليم بتفرد إيجابي اكتسبته الحالة اليمنية التي شذت عن فوضى وعنف وحرائق الربيع العربي واختطت اليمن لنفسها تجربة خاصة تكللت بنقل السلطة سلمياً وانتخابات رئاسية مبكرة وتسوية سياسية أفضت إلى وفاق حكومي وحوار وطني شامل.

> تناقض بنيوي

نص القرار انطوى، بحسب قراءات وتحليلات منشورة, وكما يوضح في حديث لوكالة "خبر" للأنباء، خبير في القانون الدولي, على قدر من التناقض الداخلي بين مواد انعكس على استنتاجات واستخلاصات أراد الوصول إليها لتبرير الإجراءات المقرة. فيما يبدو جلياً أن النتائج مقرة سلفاً والاستخلاصات مسبقة للوصول إلى الغاية المراد توجيهها تحت الفصل السابع.

فبينما يشدد القرار والمجلس على طي صفحة الرئيس (السابق) علي عبدالله صالح، الذي طوى صفحة حكمه بتسليم السلطة والرئاسة للخلف في شباط فبراير 2012 أي قبل عامين تماماً إثر انتخابات رئاسية مبكرة أقرتها اتفاقية التسوية برعاية دولية (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة). نجده يتحدث بإسهاب عن التقيد بتنفيذ صارم وشامل لبنود ومواد اتفاقية التسوية والمبادرة الخليجية التي يتشارك الرئيس السابق وحزبه المؤتمر الشعبي العام بصورة رئيسية ومباشرة في التوقيع عليها وفي مكون الحكومة الانتقالية التوافقية الناتجة عنها ؟!

وسوف يستمر ويطول النقاش والجدل اليمني السياسي والقانوني حول القرار الدولي الذي وضع اليمن تحت الوصاية الدولية بحسب المنتقدين بينما يخالفهم آخرون الرأي إلى الترحيب بالقرار والفصل السابع بوصفه لصالح اليمن والعملية السياسية, في هذا البلد العربي المثقل بالمعاناة الاقتصادية والفشل الحكومي الذي شهرت به المنظمات الدولية نفسها!

> "هذا محبط للغاية"

بعيداً عن فحوى وأجواء النقاش الحاد حول القرار بالفصل السابع, توقف مراسل وكالة "خبر" للأنباء كثيراً أمام ما يبثه وينشره الموقع الرسمي لمجلس الأمن الدولي على شبكة الانترنت, ومواقع أنباء الأمم المتحدة, حول اليمن من أنباء وتقارير إخبارية مواكبة للحدث. وكان على المراسل أن ينقل بعضاً من مفارقات وأخطاء جلية يقع فيها إعلام وسكرتارية الصحافة التابعة لمجلس الأمن الدولي والمنظمة الدولية. ويسأل مراسلنا: هل يعقل أن يكون مجلس الأمن غير ملم إلى هذه الدرجة بمعلومات بسيطة وأولية، جداً، بشأن العملية السياسية التي يرعاها ويشرف عليها ويتصرف حيالها بإصدار قرار تحت الفصل السابع في اليمن؟

يورد موقع المجلس، في تقرير إخباري بعد دقائق قليلة من انتهاء جلسة 26شباط فبراير بشأن اليمن وإعلان التصويت بالإجماع على القرار 2140 تحت الفصل السابع, معلومات بائسة ومحبطة تجاه العملية السياسية والانتقالية وخلفيات قرار المجلس على صلة بالتسوية وناتجها في السلطة والحكومة.

فالمجلس أو موقعه الإعلامي الرسمي ونافذته الصحفية الأولى, على سبيل المثال، يتحدث عن حكومة يمنية "منتخبة" جاءت بها انتخابات إلى السلطة. وهو، أيضاً، يذكر تأريخاً لِمَقْدَم الحكومة اليمنية المنتخبة إلى السلطة في انتخابات شباط فبراير 2012م!!

"هذا مدعاة للإحباط بالفعل" يعلق صحفي يمني لوكالة "خبر" للأنباء. ويضيف: "كيف يمكن الوثوق بقرارات خطيرة تصدر بناءً على معلومات مغلوطة وخاطئة في أشياء بسيطة حد التأريخ والظروف وطبيعة السلطات ومجيئها برعاية المجلس نفسه وإشرافه؟؟".

معروف بالضرورة أن الحكومة اليمنية الحالية هي حكومة وفاق, غير انتخابية, أقرتها المبادرة الخليجية واتفاق التسوية وفي 27 نوفمبر 2011م أصدر نائب الرئيس اليمني في حينه عبدربه منصور هادي, الذي أصبح هو الرئيس التوافقي فيما بعد, قراراً رئاسياً بتكليف محمد باسندوة من طرف المعارضة يومها بتشكيل حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق التسوية.

وفي 7 ديسمبر من العام نفسه أصدر نائب الرئيس مرسوماً بتشكيل حكومة الوفاق برئاسة باسندوة.

إلا أن معلومات موقع مجلس الأمن في الخبر المذكور تورد: "... ويمر اليمن بمرحلة انتقالية ديمقراطية، في ظل حكومة الوفاق الوطني، التي جاءت إلى السلطة في انتخابات شباط/ فبراير 2012 بعد استقالة الرئيس السابق علي عبدالله صالح"!!

في 21 فبراير من العام التالي 2012م, جرت انتخابات رئاسية مبكرة بالتصويت لمرشح وحيد, مرشح توافقي بموجب المبادرة الخليجية, هو نائب الرئيس عبدربه منصور الذي تم التصويت/ الاستفتاء لتوليه الرئاسة خلفاً للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي سلمه السلطة في مراسيم رسمية جرت يوم 27 من الشهر نفسه.