أكبر عملية سطو في القرن.. عاش العقل المدبر لها حراً بعد أن غير ملامحه بعملية تجميلية

استطاعت عصابة يُطلق عليها اسم «جرذان المجاري» بالقيام بعملية سرقة لأكبر وأهم بنك في مدينة نيس الفرنسية، العقل المدبر للجريمة لم يكن متوقعاً وبالرغم من أنه تعاون مع الشرطة لتوريط العديد من رؤساء العصابات، فإنه استطاع الفرار لاحقاً ليعيش حراً بقية حياته بوجه مستعار بعد أن أجرى عملية تجميلية لتغيير شكله.

تعرف على ما أطلق عليه «أكبر عملية سطو في القرن».. عملية جرذان المجاري:

عملية جرذان المجاري

في عام 1976 كان المواطنون والسياح الأجانب والأثرياء يحمون ممتلكاتهم في أكبر البنوك وأكثرها تحصيناً وأغناها آنذاك Societe Generale .

باب الخزينة كان يزن 20 طناً والجدران المحيطة ممنعة بالإسمنت المسلح، كيف لا وهي تحوي ملايين الفرنكات الفرنسية، إضافة إلى أربعة آلاف صندوق للأمانات.

وفي يوم عمل عادي، حاول أحد موظفي البنك فتح باب الخزانة البالغ من العمر 75 عاماً، إلا أن الباب كان عالقاً.

استدعى البنك شخصاً مختصاً للتحقق من الأقفال التي كانت عصيّة على الفتح، وبالرغم من أن ريش الأقفال تتحرك بسهولة فإن الباب بقي مغلقاً ولم تكن هناك أي مؤشرات تدل على الخلع.

محاولات الفتح استمرت حتى بعد منتصف الظهر حين قررت إدارة البنك حفر الجدار الجانبي لمعرفة المشكلة، وعندما انتهوا أخيراً وألقوا نظرة إلى الداخل، كانت الخزينة فارغة من النقود، لا يوجد سوى أوراق تغطي الأرض ومعدات يبدو أن اللصوص استخدموها في السرقة.

بعد التحريات تم اكتشاف الطريقة التي دخل اللصوص منها، إذ تم فتح ثقب في جدار الخزينة يؤدي إلى نفق طوله 30 قدماً يؤدي إلى شبكة الصرف الصحي الرئيسية في المدينة.

ومع حدوث أكبر عملية سطو في القرن، بدأت أكبر عملية تحريات للوصول إلى اللصوص الذين باتوا يعرفون بـ «جرذان المجاري».

بدء التحريات

أثناء التحريات والبحث، وجدت الشرطة 2500 رطل من المعدات التي خلفها اللصوص داخل الخزينة، وخلفوا أكثر منها في النفق أيضاً، إذ عثرت الشرطة على 27 أسطوانة إستيلين استخدمت وقوداً للمشاعل.

عرض المصرف جائزة قيمتها ربع مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى الإمساك بجرذان المجاري.

فقد سرق أولئك اللصوص حوالي 10 ملايين دولار بين قطع نقدية وجواهر، وتطلب الأمر 12 تحرياً لتصنيف جميع محتويات الخزينة، من دون أن يعثر أي منهم على بصمة واحدة قد تؤدي إلى القبض على الفاعلين.

شاهد أحد الضباط إزميلاً أحمر أثناء تفحص الأدلة، وقد كان هذا الإزميل مألوفاً للغاية، إذ اعتاد المجرم الشهير دانييل ميكيلوتشي استخدام مثل هذه الأزاميل.

لكن الإزميل الأحمر لم يكن كافياً لإدانة ميكيلوتشي الذي نفى أن يكون له أي صلة بهذه العملية.

مع ذلك بدأت عمليات التحري حول نشاطات ميكيلوتشي فهو الخيط الوحيد الذي استطاعت الشرطة الإمساك به.

استطاعت الشرطة إيجاد خيط آخر عندما وصلهم بلاغ أن ميكيلوتشي كان مجتمعاً بعدة رجال مشبوهين في منزل بقرية ريفية قبل أسبوعين من تنفيذ عملية السطو.

داهمت الشرطة المنزل، ووجدت ميكيلوتشي مجتمعاً بأناس قالوا إنهم سيقيمون الليلة حفلاً في المنزل، وبعد التفتيش الدقيق بحثاً عن أدلة وجدت الشرطة ضوء بطارية مضاد للماء ملطخ بوحل كذلك الذي عثر في المجاري.

ألقت الشرطة القبض على جميع الموجودين في المنزل على أمل أن يعترف أحدهم بالجريمة.

من هو العقل المدبر؟

من بين المقبوض عليهم، مجرم واحد فقط أشارت اعترافاته إلى أن ألبرت سباجياري هو العقل المدبر لهذه الجريمة.

كان من المستغرب أن يكون ألبرت هو العقل المدبر لجريمة كهذه، فقد كان مصوراً فوتوغرافياً متواضعاً ولم يكن لديه تاريخ إجرامي على الإطلاق.

اعتقل سباجياري بكل الأحوال للتحقيق معه بتلك الحادثة، وبعد 36 ساعة من الاستجواب أصر الرجل على أنه بريء تماماً من فعلة كهذه.

وحافظ سباجياري على هدوئه طوال الوقت مستنفذاً الحيل التي يعرفها المحققون في محاولة انتزاع اعتراف منه.

لكن ما ورّط سباجياري هو احتفاظه بمتفجرات وأسلحة غير مشروعة في كوخه الذي أغارت عليه الشرطة أثناء استجواب سباجياري من قبل المحققين.

اضطر العقل المدبر للاعتراف أخيراً بالجريمة راوياً تفاصيل تحضيره لها.

تفاصيل الجريمة

بالرغم من عدم وجود سوابق لسباجياري في عالم الجريمة، فإن الفكرة راودته قبل عامين عندما أخبره جاره الذي يعمل في المصرف أنه ليس للخزينة جهاز إنذار.

فذهب سباجياري إلى البنك واستأجر صندوق أمانات، وقام بتصوير الخزينة من الداخل، وقدر أنه يحتاج إلى عدة ساعات لفتح كل صناديق الأمانات وبالتالي يجب أن يعتمد طريقة عبقرية وغير ملحوظة للدخول إلى الخزينة.

ما ساعده في إتمام عملية السطو هذه أن مدينة نيس تملك شبكة مجارٍ واسعة، واستطاع العثور على فرع المجرى المؤدي للبنك.

رسم سباجياري خطة دقيقة تعتمد على حفر نفق من داخل شبكة المجاري إلى الخزينة، كل ما ينقصه هو المعدات والعمال.

للحصول على المعدات والعمال، كانت وجهته مدينة مارسيا المجاورة التي كانت مركزاً لأشهر العصابات الإجرامية التي اجتمع سباجياري برؤسائها طارحاً خطته الطموحة.

البعض من جرذان المجاري مهندسون وكهربائيون

نحن هنا نتحدث عن بنك Societe Generale الذي يحلم كل رئيس عصابة بسرقته، دعا ذلك رؤساء العصابات إلى الموافقة على خطة سباجياري على أن تكون لهم نسبة معتبرة من المسروقات، وسيمدون سباجياري بالرجال والمعدات.

بعض جرذان المجاري كانوا مهندسين وكهربائيين، الأمر الذي جعل المهمة متقنة التنفيذ، وبالرغم من أن النفق كان سيئ التهوية وشديد الحرارة، استطاع جرذان المجاري بعد عمل مضنٍ تنفيذ مهمتهم بعد 9 أسابيع كاملة من الحفر.

أول مهمة قام بها جرذان المجاري هي لحم الباب الأساسي للخزينة، كي يتسنى لهم الهروب في حال حاول أحد من داخل المصرف فتحها.

بعد ذلك بدؤوا بتحطيم علب الأمانات واحدة تلو الأخرى، وعثروا على مبالغ خيالية وجوهر وسبائك ذهبية وفضية، إضافة إلى تأمينات حكومية وأسهم وشيكات مصرفية.

وقبل 4 ساعات من موعد فتح المصرف كان جرذان المجاري قد أتموا مهمتهم ولاذوا بالفرار.

هروب درامي وجراحة تجميلية غيرت شكله

كان سباجياري قد حصل على وعد بعدم سجنه لأكثر من عامين إذا تعاون كلياً مع السلطات ودلهم على أماكن تواجد جميع من ساهم في هذه العملية، خصوصاً أن جريمته لم تتسم بالعنف.

لكن سباجياري لم يكن ينوي إمضاء يوم واحد وراء القضبان، وفي جلسة محاكمته الأخيرة، اقترب سباجياري من قاضي التحقيق وقدم له ثلاثة أوراق رسم فيها شبكة نيس للصرف الصحي، كان سباجياري شديد الهدوء، وقف خلف القاضي وشرح له من أين بدأ مع عصابته بالحفر وإلى أين توجهوا وكيف وصلوا في النهاية إلى جدران الخزينة.

وبعد أن انتهى من الشرح، استدار بلمح البصر وفتح نافذة المحكمة وقفز منها فوق سيارة كانت تحت النافذة ثم استقل دراجة هوائية واختفى بأقل من 10 ثوانٍ عن الأنظار.

استعادت السلطات الأموال التي سرقها جميع المشاركين في الجريمة وقبضت عليهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من استعادة حصة سباجياري أو العثور عليه.

عاش سباجياري بقية حياته حراً في الأرجنتين على الأرجح حتى توفي متأثراً بالسرطان، وقيل إنه أجرى جراحة تجميلية لتغيير شكله وزار فرنسا سراً للقاء والدته.

مع ذلك سباجياري لم يكن رجلاً سيئاً، فقد أرسل مبلغ 600 دولار لصاحب السيارة التي قفز فوقها يوم هروبه من المحكمة.