فرنسا تعيد الاعتبار لمحاربين أفارقة بينهم مغاربيون ماتوا دفاعا عنها خلال الحرب العالمية الثانية

أبرمت وزارة الجيوش الفرنسية وجمعية رؤساء بلديات فرنسا اتفاقا بمناسبة انعقاد المؤتمر 102 لهذه الهيئة في باريس بين 18 و21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، يقضي بوضع الوزارة قائمة تضم أسماء 100 محارب أفريقي بينهم مغاربيون شاركوا في تحرير فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية تحت تصرف البلديات. والهدف من الاتفاق إطلاق أسماء هؤلاء المحاربين على شوارع ومباني وساحات تقع في مختلف مدن وبلدات منطقة بروفانس (جنوب شرق البلاد).
 
في 15 آب/أغسطس الماضي، وبمناسبة الذكرى الـ75 لإنزال (منطقة) بروفانس في جنوب شرق فرنسا، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إطلاق أسماء الجنود الأفارقة (بينهم مغاربيون) الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحرير المنطقة على شوارع ومباني وساحات تقع في بلدياتها، وذلك تكريما لتضحياتهم.
 
وشدد ماكرون في خطاب تكريمي لجنود المستعمرات الفرنسية السابقة بأفريقيا الذين شاركوا في تحرير البروفانس، على الدور البارز الذي لعبه هؤلاء المقاومون، وبينهم عدد كبير من المغاربيين، في عملية التحرير إلى جانب القوات الأمريكية والكندية.
 
وعلى خلفية النداء الذي أطلقه الرئيس الفرنسي من بلدة سان رفاييل، أبرمت وزارة الجيوش الفرنسية وجمعية رؤساء بلديات فرنسا اتفاقا بمناسبة انعقاد المؤتمر 102 لهذه الهيئة في باريس بين 18 و21 نوفمبر/كانون الثاني 2019، يقضي بوضع الوزارة قائمة تضم أسماء 100 محارب أفريقي بينهم مغاربيون شاركوا في تحرير فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية تحت تصرف البلديات.
 
والهدف من الاتفاق إطلاق أسماء هؤلاء المحاربين على شوارع ومباني وساحات البلديات عبر التراب الفرنسي. لكن الاتفاق ليس إلزاميا. ويعود تاريخ تأسيس جمعية رؤساء بلديات فرنسا إلى عام 1907، وتضم 34 ألف عضو.
 
وتضم القائمة محاربين قدموا من مختلف بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، مثل مالي وتشاد والسنغال، إلى جانب مقاتلين من المغرب والجزائر وتونس، شاركوا ضمن ما يسمى "جيش أفريقيا" (250 ألف شخص) في إنزال بروفانس في 15 أغسطس/آب 1944 الذي استمر حتى خريف العام نفسه.
 
وقد بدأت عملية تحرير الأراضي الفرنسية من القوات النازية من الشمال بعملية إنزال النورماندي الشهيرة في 6 يونيو/حزيران، ثم تواصلت جنوبا في منطقة بروفانس في صيف 1944.
 
وبين الأسماء الواردة في قائمة وزارة الجيوش الفرنسية، قاسم بن حطاب الهادي المولود بتونس في 1915 والمتوفى في 15 يناير/كانون الثاني 1944 بسان إليا الإيطالية، وسالم ناصر المولود بالجزائر في 1918 والذي سقط في 13 سبتمبر/أيلول 1944 بمنطقة سافوا (شرق فرنسا)، وعلال ولد محمد بن سميرس المولود في 1920 بالمغرب والذي قتل في أكتوبر/تشرين الأول 1944 بمنطقة بريونسون (شرق).
 
ونجد في القائمة أيضا إدريس دورسان من تشاد ونوكوم كوني من مالي ودياسو بوتي كال من بوركينا فاسو وجان باتيست نتشوريري من الغابون... كلهم ماتوا لأجل تحرير فرنسا من قبضة ألمانيا النازية.
 
وتأتي هذه الخطوة لدفع رؤساء البلديات والهيئات الإدارية المحلية أو الإقليمية في فرنسا لإعطاء أسماء المحاربين الأفارقة على الشوارع والساحات العمومية، وذلك أمام تقاعس غالبيتهم للاستجابة إلى النداء الذي أطلقه إيمانويل ماكرون في سان رفاييل. وقال أنطوان غراند، وهو رئيس قسم الذاكرة الوطنية في هيئة قدامى المحاربين وضحايا الحرب، في تصريح لفرانس24 إن "جميع المناطق الفرنسية تقريبا لديها علاقة بجيش أفريقيا". وأضاف: "لذاكرة المحاربين الأفارقة أثر في مختلف الأقاليم الفرنسية، إذ إنهم كانوا في مناطق القتال أو في المقابر، فضلا عن ميادين التدريب" السابقة.
 
وانتشرت مراكز الجنود الأفارقة المعتقلين لدى النازيين بمختلف مناطق فرنسا. وكانت بروتاني (غرب البلاد) إحدى هذه المناطق، لاسيما مدينتي رين وكامبير. وفي منطقة ليون (وسط) تم اغتيال المئات من هؤلاء المحاربين في يونيو/حزيران 1940، وتم دفن 188 منهم في المقبرة الكبيرة بمدينة شاسلي.
 
وفي منطقة ليفوج (شرق فرنسا)، كان أول من أسس مجموعة مقاومين ضد القوات النازية، الغيني أدي با، فيما ظل اسم بول كودوساراني من جمهورية أفريقيا الوسطى مرتبطا بتحرير ما يسمى "جيب روايون" (جنوب غرب) في فبراير/شباط 1945.
 
وبالرغم من أن هذه القصص البطولية في فرنسا عديدة، غير أن قلة قليلة تعرفها وخصوصا أولئك المهتمين بتاريخ بلدهم. وأقر أنطوان غراند، رئيس قسم الذاكرة الوطنية في هيئة المحاربين القدامى وضحايا الحرب، بأن قوائم المقاتلين الأفارقة (وضمنهم المغاربيين) الذين ماتوا لأجل فرنسا غالبا ما تفتقد لبعض العناصر الأساسية مثل تواريخ الميلاد، "ما جعل مهمة تحريري سيرهم الذاتية مقعدة".
 
لكن أنطوان غراند أشار إلى أن الأهم يبقى إحصاء كل من شاركوا في تحرير فرنسا قدر المستطاع، سواء "هنا أو في القارة الأفريقية وإبلاغ مسؤولي البلديات عن أسمائهم".
 
وبالتالي، تسعى هيئة المحاربين القدامى وضحايا الحرب إلى تقديم الدعم لأي جهة تريد الحصول على معلومات عن محارب أفريقي ضحى بحياته لأجل بلدية أو منطقة ما. كما أنها مستعدة لمساعدة طلاب المدارس في مهمة البحث عن التاريخ أو الذاكرة. وقال أنطوان غارد إن "تاريخ هؤلاء المقاتلين الأفارقة يدخل ضمن تاريخ أفريقيا وكذلك في تاريخ فرنسا على حد سواء".
 
وكانت صحيفة "لوباريزيان" نشرت مقالا في 8 نوفمبر/تشرين الثاني حول هوية المقاتلين، الفرنسيين أوالمنتسبين، الذين ضحوا بأنفسهم لأجل فرنسا ظهر من خلاله أن نسبة أسماء "محمد" الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الثانية (1717) يفوق فئة أسماء "مارتان"، حسب الصحيفة الفرنسية، وقد ولد (غالبية) هؤلاء المحاربين في الجزائر (1204) والمغرب (467) وتونس (18).