دراسة حديثة: الحوثيون يتحركون في ارتكاب الانتهاكات ضد السكان بمعزل عن أي ضوابط أو مخاوف

أكدت دراسة حديثة، أن المنظمات الحقوقية رصدت، ولا تزال، الكثير من انتهاكات الحوثيين التي يتم توثيقها، لكنها تبقى بلا حساب حتى الآن.

وقال مركز «المزماة للدراسات والبحوث» في دراسة صدرت مؤخرا، إن الحوثيين يستغلون هيمنتهم في مناطق سيطرتهم كسلطة أمر واقع، ويتحركون في ارتكاب الانتهاكات ضد السكان بمعزل عن أي ضوابط أو مخاوف.

ولفتت، أن جذر إشكالية انتهاكات الحوثيين يتربط بكونهم يسيطرون على بعض مؤسسات الدولة لكي يديروها من خارج منطق الدولة وقوانينها، وهذا حال أية ميليشيا في العالم، وخاصة عندما تفرض شروطها وتعاملاتها الخاصة على وقع زمن الحرب والفوضى، في ظل أولويات تفرض نفسها وتدفع المجتمع الدولي إلى تأخير النظر باهتمام في ملف الانتهاكات والجرائم الحقوقية، وفي ظل معاناة السكان ذات الأبعاد المختلفة، وأخطرها الصحية والغذائية، مما يزيح ملف الانتهاكات عن الأضواء رغم أهميته وخطورته.

وأكدت الدراسة أن هناك أدلة ومؤشرات كثيرة حول انتهاكات الحوثيين في اليمن ضد الدولة والمجتمع والفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء، التي تكشف ممارسات الحوثيين على أرض الواقع عن حجم وتعدد نوعية الانتهاكات التي يرتكبونها منذ سبتمبر 2014.

وبينت، أن الحوثيين تسببوا عملياً في تهجير مئات الآلاف من اليمنيين، وفي تدمير بنية الدولة الوظيفية والمالية والأمنية والقضائية والمؤسسية.

ونظراً لاعتماد مئات الآلاف على المرتبات الحكومية، وفي ظل سيطرة الحوثيين وابتلاعهم أموال البنك المركزي واحتياطياته من العملة الصعبة المقدرة بالمليارات، هناك أيضاً أموال صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي، وبعد انقلاب الحوثيين انهارت حياة أغلب اليمنيين. وهناك انتهاكات طالت أيضاً التجار وأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة الذين يتعرضون للجباية بالإكراه بذريعة دعم المجهود الحربي للحوثيين.

وكشفت الدراسة تداعيات وأضرار الانتهاكات اليومية التي يمارسها الانقلاب الحوثي في اليمن، من تغييب النظام والقانون، ونشر المظاهر المسلحة والفوضى وبيع السلاح المنهوب من معسكرات الجيش بشكل علني، وانفلات الأمن وانعدام تنفيذ القانون، وإشاعة ثقافة طائفية مذهبية متطرفة، والتضييق على حياة المدنيين والتمترس بهم وتحويلهم إلى دروع بشرية، وتغيير المناهج التعليمية في المدارس، ونهب ومصادرة مرتبات المدرسين، وترديد الشعارات والصرخات الإيرانية في المدارس وإلزام الطلاب برفعها ورسمها وترديدها، وإلحاق صغار السن بدورات تحريضية تمهد للزج بهم في جبهات القتال.

وأردفت إن الانقلاب الحوثي يقوم على نار هادئة بالتضييق المتدرج على حياة المجتمع، مثل التضييق على طلاب الجامعة من الجنسين، وحملة إغلاق المقاهي والأماكن العامة، وملاحقات لم يعلن عنها طالت فئات وشرائح مهنية كثيرة أبرزها شريحة الصحفيين، حيث يعتقل الحوثيون العشرات منهم في أماكن مجهولة يتعرضون فيها للتعذيب بحسب مصادر في نقابة الصحفيين اليمنيين ومنظمات دولية تتابع ملفات المعتقلين من الوسط الصحفي.

وأشارت أن أكبر انتهاك حوثي على الإطلاق هو تخريب كيان الدولة في اليمن وإطلاق يد ما يسمى بالمشرفين الحوثيين، وخلق كيان إداري وأمني مواز يخص الحوثيين، ووظيفته هي ابتلاع مؤسسات الدولة اليمنية ومحوها والحلول مكانها. وبالتالي استنساخ شكل جديد من الهيمنة يلحق مناطق سيطرة الحوثيين بإيران بشكل مباشر.

وأضافت الدراسة إن من بين انتهاكات الحوثيين أيضاً، التحكم في إدارة المساجد وإقصاء المخالفين، كما قاموا باستخدام المتفجرات لنسف منازل المعارضين لهم، وشمل التهجير والعنف كل من يخالفهم أو يرفض أفكارهم الطائفية. ويعتاد الحوثيون على التمترس خلف المدنيين في الأحياء والمدن، سواء في المناطق السكنية المأهولة، أو باعتقال مواطنين والتمترس بهم في معسكرات وأماكن تدريب الحوثيين لعناصرهم. وبالإضافة إلى تفجير منازل الخصوم يقوم الحوثيون باعتقال الكبار والصغار، بمن فيهم الشيوخ والأطفال من عائلات من يعارضونهم. ويقومون بسجنهم في معسكراتهم وأماكن مليشياتهم، وهم يعلمون أن تلك المواقع ضمن الأهداف العسكرية المحتملة للجيش الوطني اليمني وتحالف مساندة الشرعية. وهكذا يتمترسون بالمدنيين الأبرياء ويجعلونهم دروعاً بشرية، في اختراق واضح للقوانين والأعراف الدولية التي تحرم استخدام المدنيين دروعاً بشرية.

وبحسب الدراسة، يقوم الحوثيون كذلك في نهج مستمر منذ بداية انقلابهم بتجنيد الأطفال والزج بهم في معارك يقتلون فيها ويعودون إلى أهاليهم في صناديق جثثاً هامدة، ويتم أيضاً استخدام جثثهم وتشييعها في مراسيم القصد منها تشجيع آخرين على الالتحاق بالمعارك وتزيين الموت والقتل في عيون الشباب والمراهقين لصالح تقوية نفوذ الجماعة وإطالة أمد سيطرتها.

ووفقاً للدراسة، استولى الحوثيون على العديد من المساعدات الخارجية التي تتكون من مواد غذائية، يقوم الحوثيون بعد نهبها ببيعها في السوق السوداء وحرمان المحتاجين والمتضررين منها. ويتهم السكان في اليمن عدداً من قيادات الحوثيين بالإثراء غير المشروع من خلال المتاجرة بالمشتقات النفطية وبيعها بأسعار خيالية في السوق السوداء في مناطق سيطرتهم. كما يتاجر الحوثيون بالأسلحة الخفيفة والثقيلة التي استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني. واستمرت حملة حوثية قاسية في ظروف الحرب من خلال جباية الأموال من المواطنين والتجار الصغار تحت اسم (دعم المجهود الحربي) واستخدام تلك الأموال لأغراض مشبوهة.

كما لجأ الحوثيون في بعض المناطق إلى القصف العشوائي وتزايدت أعداد ضحايا القنص والقصف الحوثي العشوائي بأعداد كبيرة، مما أثار غضب السكان المدنيين في أكثر من منطقة يمنية، وبالذات في محافظة تعز، على مستوى المدينة وبعض مناطق ومديريات ريف تعز والضالع والحديدة والساحل الغربي لليمن.

واختتمت الدراسة توثيق انتهاكات المليشيا الحوثية ونهبها  المساعدات العينية، والتقطع للقوافل الغذائية، حيث عمل الحوثيون على سرقة مساعدات مالية مباشرة، وانكشفت هذه الفضيحة عقب تصاعد حدة الخلافات بين قيادات ميليشيا الحوثي على خلفية اتهامات باختلاس ملايين الدولارات قدمتها الأمم المتحدة للميليشيا تحت غطاء برامج مكافحة زراعة الألغام في اليمن. إلى جانب مبررات أخرى حصلت من ورائها جماعة الحوثي على مساعدات عينية صادرتها لمصلحتها وحرمت المستحقين من الحصول إلا على الفتات، لشرعنة النهب المنظم والمعتاد من قبل الجماعة، لكل الإمكانيات المالية والمادية التي تصل إلى مناطق نفوذها.

وفي أحدث انتهاكات قام بها الحوثيون قبل بدء العام الميلادي الجديد 2020، أكد مسؤول بمطاحن البحر الأحمر في مدينة الحديدة اليمنية أن القصف الذي شنته ميليشيا الحوثي على المطاحن مؤخراً، تسبب في تعطيل ثلاثة خطوط تعبئة بشكل نهائي، كما أتلفت وعطلت خطوط نقل المواد نهائياً. في استهداف واضح لمنشأة هامة تتعلق بتزويد السكان بمادة أساسية، ويشكل نقصها سبباً في نقص الغذاء وزيادة معاناة السكان.