صحيفة: كورونا يغير خطط إسرائيل ضد إيران بسوريا

تعاني إيران من ضعف بعد مقتل قاسم سليماني والعقوبات الأميركية الصارمة وأزمتها الاقتصادية المتداعية، إلى جانب وباء كورونا الذي أحدث تغييرا في الاستراتيجية إسرائيل في مطاردة الوجود الإيراني في سوريا، وفق ما أوردته صحيفة هآرتس.

وغداة غارات أسفرت عن مقتل 14 مقاتلا من المجموعات الإيرانية والعراقية في سوريا، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، الثلاثاء، أن بلاده عاقدة العزم على منع تمركز إيران في سوريا وأنها "لن تتهاون أو تسمح بإقامة قواعد إيرانية أمامية في سوريا".

ووجه بينيت تحذيرا للجنود الإيرانيين الموجودين في الأراضي السورية قائلا "نحن عاقدون العزم ومصممون أكثر، وأقول لكم بالنسبة لإيران سوريا تعد مغامرة ولكن بالنسبة لنا فهي الحياة".

وليل الاثنين، استهدفت غارات، رجح المرصد السوري أن مقاتلات إسرائيلية نفذته، مواقع في بادية مدينة الميادين وبلدتي الصالحية والقورية في محافظة دير الزور شرقي سوريا.

وجاء القصف بعد وقت قصير من قصف آخر استهدف مستودعات عسكرية في منطقة السفيرة في محافظة حلب شمالا، واتهمت دمشق إسرائيل بتنفيذه.

الصحيفة أشارت في تحليل للتطورات، إلى أن الغارات المنسوبة لإسرائيل في منطقة حلب، "تبدو مهمة بالنظر إلى نطاقها وبعدها الجغرافي نسبيا والهدف نفسه، وهو وكالة سورية يقال إنها مكون أساسي في جهود إيران لتسليح حزب الله".

وتكرر إسرائيل أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى حزب الله، لكنها نادرا ما تؤكد وقوفها وراء ضربات عسكرية في سوريا، وتشير في كل مرة إلى أنها لا تعلق على تقارير إعلامية أجنبية.

وفي هذه الأيام، التقارير القادمة من سوريا تأتي عدة مرات في الأسبوع، وفق هآرتس.

وبحسب وسائل الإعلام السورية، يهاجم سلاح الجو الإسرائيلي باستمرار أهدافا عسكرية مختلفة في مناطق واسعة من البلاد تشمل مخازن ومصانع الأسلحة، وبطاريات صواريخ أرض جو، ومراكز المراقبة على طول الحدود مع إسرائيل.

أما على خط النار، فيوجد كل عضو في المحور الشيعي الذي تقوده إيران ويشمل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية الأجنبية وحزب الله ووحدات الجيش السوري، وفق الصحيفة.

هآرتس نسبت إلى تقارير وسائل الإعلام العربية، أن الموقع المستهدف هذه المرة يتبع لمركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا، الذي يعد أهم وكالة صناعة دفاع في البلاد وهي مسؤولة عن تطوير الأسلحة بما فيعها الكيميائية والبيولوجية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن غارة إسرائيلية على منشآت مركز الأبحاث السوري.

ووصفت مصادر استخباراتية غربية الوكالة بأنها تلعب دورا رئيسيا في دعم طهران لحزب الله اللبناني، وخاصة في تحسين دقة صواريخه، وفق ما أوردته هآرتس.

وتقول الصحيفة إنه "على عكس عادتها في السنوات الأخيرة، يبدو أن إسرائيل خففت قليلا من السرية الإعلامية لهجماتها".

وأشارت إلى أن الضربات الجوية في سوريا بدأت في عام 2012 في وقت مبكر من الحرب الأهلية لكنها اشتدت بشكل كبير في النصف الثاني من ذلك العقد.

وأوضحت أن الغارات استهدفت في البداية قوافل تهريب الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا بشكل رئيسي. ثم، اعتبارا من أواخر 2017، بدأت الهجمات على القواعد التي تخدم الحرس الثوري والميليشيات الشيعية، كجزء من الجهود المبذولة لمنع ترسخ وجود إيران العسكري في سوريا.

الهجمات الإسرائيلية كانت في بادئ الأمر محاطة بالغموض بشكل متعمد، وذلك في محاولة لمنع النظام السوري من تشديد تحالفه مع إيران وحزب الله ولعدم إغراق إسرائيل في الوقت ذاته في الحرب السورية.

فيروس كورونا

لكن خلال السنتين الماضيتين، بدأت إسرائيل تنشر تلميحات أوسع، وفق الصحيفة التي أشارت في تحليلها إلى أن فيروس كورونا المستجد أملى على ما يبدو تغييرا في الاستراتيجية الاسرائيلية.

وقالت إنه في حين لم يتم الإبلاغ عن أي غارة في مارس تقريبا، أفاد الإعلام السوري بوقوع هجمات مرة أو مرتين في الأسبوع في شرق ووسط وجنوب سوريا.

"هذه المرة، لم تقل إسرائيل الكثير عن تلك التقارير، وعلى أي حال لا يعطي الإعلام الإسرائيلي ولا الغربي اهتماما كبيرا بالأحداث في سوريا لأن فيروس كورونا يهيمن على تغطيته. ومن وجهة نظر إسرائيل، قد يكون ذلك إيجابيا".

الهجمات ضد المحور الإيراني، تأتي في لحظة ضعف نسبي للأخير، في ظل تعرض إيران لضغوط جمة بينها العقوبات الأميركية المتزايدة والضربة القاصمة التي تلقتها بتصفية سليماني فضلا عن انهيار ثقة الشعب الإيراني في النظام إثر إسقاط الطائرة الأوكرانية، ثم الأزمة الصحية التي سببها كورونا إلى جانب تراجع أسعار النفط.

أما حزب الله فرأى أن تقلص الدعم الإيراني المالي بسبب المشاكل التي تواجه طهران، وفي الوقت ذاته أضعفت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان الجماعة الشيعية.

ووفق الصحيفة، هناك علاقة متوترة بين بشار الأسد وضيوفه، إذ يرى أن نظامه بدأ يتضرر من إصرار إيران على البقاء. وبحسب التقارير الإعلامية فإن الكثير من الغارات الأخيرة استهدفت البطاريات السورية المضادة للطائرات.

وجاء في تحليل هآرتس "تحت غطاء فيروس كورونا يبدو أن حكومة نتانياهو أعطت قائد الجيش أفيف كوخافي شيكا فارغا لمواصلة الضربات ضد إيران في سوريا وحتى تكثيفها".

ويضيف أنه "بالنظر إلى التشتت الجغرافي للهجمات المبلغ عنها، فإن هذه الحرب تدور في كل مسرح- في الجبهة أي على الحدود السورية الإسرائيلية في مرتفعات الجولان حيث يتم قصف مواقع أقامها حزب الله عبر شركائه المحليين، وفي قواعد في عمق سوريا بعيدة عن الحدود الإسرائيلية".

وتنتشر القوات الإيرانية والعراقية الداعمة لقوات الأسد في منطقة واسعة في ريف دير الزور الشرقي خصوصا بين مدينتي البوكمال الحدودية والميادين.

وتم استهدافها مرارا في ضربات جوية، تسببت إحداها وقد تكون الأكثر دموية في يونيو 2018، في قتل 55 عنصرا مواليا للنظام من السوريين والعراقيين. وقال مسؤول أميركي حينها إن إسرائيل تقف خلفها، من دون أن يصدر تعليق عن الأخيرة.