رئاسيا وحكومياً: قـرار «الجـرعـة» اتُـخـذَ.. وإعلان في الانتظار

عزز مجلس الوزراء اليمني، الذي انعقد الخميس، استثنائياً، الاحتمالات الأقرب إلى اليقين منها إلى الشك تجاه ما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي عشية العيد الوطني الرابع والعشرين (22 مايو)، من إشارات دالة على قرار اتخذ في الرئاستين (الجمهورية والحكومة) بالمضي في رفع الدعم عن المشتقات النفطية وإنفاذ "الجرعة" التي دأبت السلطات وتسابقت أطرافها إلى النفي خلال الأسابيع الماضية مع توارد وتوالد المؤكدات بنفاذها لا محالة رسمياً.

ويبدو من المعطيات كافة، أن على أحدهم, هكذا, أن يتطوع إلى القول صراحة ونيابة عن السلطات المتحرجة من التصريح والمراوحة بين التلويح والتلميح, بأن الفرقاء اتفقوا على تمرير القرار "توافقياً" والإعلان في الانتظار.

واعتبر حديث الرئيس هادي، عن استعداده اتخاذ إجراءات "قاسية" تحول دون تدهور الاقتصاد، بمثابة إشارة إلى إقرار جرعة سعرية جديدة.

واللافت تالياً هو ما صدر عن اجتماع استثنائي للحكومة، يوم الخميس، من ترحيب وإشادة بخطاب الرئيس هادي، وقطع تعهد والتزام فوري، بتنفيذ ما ورد فيه من توجيهات، داعياً إلى مساندته إعلامياً وحزبياً.

وقال الرئيس في خطابه, الأربعاء, بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ24 لإعادة تحقيق الوحدة: إن واجبي يحتم عليَّ مصارحتكم بالصعوبات الكبيرة التي تواجهها البلاد على الصعيد الاقتصادي خلال السنوات الماضية والتي ازدادت حدة هذا العام.. فالموازنة العامة للدولة تواجه عجزاً في الموارد المالية، وجزء كبير من هذه الموارد يذهب في دعم المشتقات النفطية.

وأضاف: "سنبذل قصارى جهدنا في التخفيف من معاناتكم، وأننا لن نعمل إلا من أجل المصلحة الوطنية العليا، وسنتخذ من الإجراءات ما يحول دون حدوث أي تدهور اقتصادي وأي تراجع لسعر عملتنا الوطنية حتى وإن كانت بعضها تبدو قاسية أو صعبة".

مجلس الوزراء بدوره "أثنى المجلس عالياً على ما تضمنه خطاب الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، إلى جماهير الشعب اليمني في الداخل والخارج بمناسبة العيد الوطني الـ24 للجمهورية اليمنية، والذي لامس بشفافية ومسئولية وطنية وتاريخية التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يعيشها الوطن في الظروف الراهنة والسبل الكفيلة بتجاوزها".

وإذا ذاك دعا المجلس الإعلام والأحزاب والفعاليات السياسية إلى دعمه ومؤازرته في الإجراءات التي في الصدد.

"مؤكداً أن الحكومة ستقوم بواجبها ومسئوليتها في تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية التي تضمنها هذا الخطاب الهام وستباشر في وضع الإجراءات التنفيذية والعملية لتطبيقها على ارض الواقع.. لافتاً إلى المسئولية التضامنية والمساندة المطلوبة من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمكونات المجتمعية المختلفة وفي مقدمتها وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، في الاضطلاع بدور إيجابي ومؤازرة هذه الإجراءات، وكل ما من شأنه تحقيق المصلحة الوطنية العليا".

وأكد الاجتماع أن مجلس الوزراء سيكون في حالة انعقاد مستمر.

ورفض مسئول حكومي يمني بمكتب رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، إعطاء وكالة "خبر" التي اتصلت به إجابة نهائية شافية حول ما إذا كان الكلام يصدق بعضه بعضاً إلى قرار مشابه برفع الدعم كما تقول معطيات الخطابين الرئاسي والحكومي بوضوح. لكنه اكتفى بالقول: "القيادة والحكومة كما هو واضح اتفقتا على اتخاذ ما يجب لمنع الوضع الاقتصادي من الانهيار".

وتكاد هذه الإجابة المغلفة بالتحفظ المعنوي تعطي إفادة مادية صريحة بأن القرار قد اتخذ بالفعل وسيعلن خلال أيام قلائل لن تطول.

بدوره كان نصح الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، الدكتور سيف العسلي، الرئيس عبدربه منصور هادي، بعدم الانجرار وراء من يريدون خلق جرعة جديدة، معتبراً ذلك قطع "أكسجين" على الشعب.

وقال العسلي، في تصريح لوكالة "خبر" للأنباء: "أنصح الرئيس عبد ربه منصور هادي، بأن لا ينجر وراء من يريدون خلق جرعة جديدة؛ لأن الشعب اليمني وصلت حالته إلى مستوى سيئ جداً، وكأنه بغرفة الإنعاش ولا يستطيع التنفس، فإن قطع عنه الأكسجين سيموت."

وأضاف، أن الإقدام على إقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية "جرعة" ستكون بمثابة قطع مادة "الأكسجين" عن المواطن، ما سيؤدي ـ حتماًـ إلى موته، داعياً الرئيس هادي إلى التوجيه بترشيد النفقات، وعدم إضافة مسؤولين جدد، ومنح عطاءات جديدة للمتنفذين.

وأكد الخبير الاقتصادي اليمني، أن الوضع الحالي للاقتصاد الوطني، الذي وصفه بـ"المريض"، لا يحتمل رفع أسعار المشتقات، منوهاً أن على الرئيس خلق وظائف جديدة ورفع الأجور والمرتبات حتى يتعافى الاقتصاد.

وقال: "عندما يتم ذلك، حينها فقط يمكن رفع أسعار المشتقات النفطية".