البطريرك الماروني يوسع الجبهة المعارضة لحزب الله

تكثّفت تحركات السياسيين في لبنان، الذين باتوا يستنجدون في المدة الأخيرة بالبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي عبر مؤخرا عن وجوب “حياد لبنان”. وفي هذا الإطار، صنفت أوساط لبنانية زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للبطريرك وتأكيده الاستعداد للدخول في أي مبادرة لقاء وطني للإنقاذ في خانة بداية ميلاد جبهة معارضة لسطوة حزب الله ومساندة لمطالب الشارع المحتج.
 
توسعت الجبهة السياسية المعارضة لحزب الله والداعمة لموقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي عبر مؤخرا عن وجوب “حياد لبنان”.
 
وأكد هذا الحراك السياسي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الذي قال لدى زيارته للبطريرك الماروني في الصرح البطريركي في الديمان، إنّه “جاهزٌ لأي لقاء وطني ينقذ لبنان ويحمل رؤية واضحة للخروج من الوضع الراهن”.
 
وقال فرنجية “جئنا لزيارة البطريرك الراعي في الديمان، وهي زيارة طبيعية سنوية، الودّ الذي نراه هو ود أبوي، ودائماً نأتي لنعطي رأينا ونسمع رأي سيدنا”.
 
وشدد في سؤال عن إمكانية عقد لقاء وطني جامع بالقول “نحن حاضرون لأيّ أمر يمكن أن يؤدي إلى إنقاذ لبنان ويتضمن رؤية واضحة للخروج مما نحن فيه”.
 
ولفت إلى أنّ “الهواجس الموجودة عند البطريرك الراعي موجودة عند كل شخص حريص على هذا البلد ومستقبله، وقد جرى حوار حول هذا الموضوع، وأكدنا أنّنا إلى جانب غبطته بأغلبية الأمور وخوفنا على مستقبل هذا البلد هو نفسه، ولكن كل واحد على طريقته”.
 
وشدّد فرنجية على أنّ “الأهم أن يخرج البلد ممّا هو فيه ويصل إلى مكان يصبح فيه الشعب راضيا. يجب أن تكون هناك مسؤولية وطنية في هذه الظروف للخروج من هذا الجو، جو المحاسبة والانتقام وإلقاء اللوم على فلان أو علان لا يؤدي إلى نتيجة”.
 
وأكد أن الوضع الحالي في لبنان يستدعي دفع الأمور إلى الأمام وهذا ما يؤدي إلى تهدئة الوضع وخصوصا الوضع الاقتصادي اللبناني الذي يعتبر الأساس، مضيفا أن “المشكلة الاقتصادية مسؤولية جامعة وطنية على الجميع تحمّلها، وهي الأساس اليوم لإعادة الثقة ولجلب الاستثمارات، وعلينا كلّنا التعاون في هذا الموضوع”.
 
ورغم أن فرنجية أبقى بحسب المراقبين باب المناورة مفتوحا مع حزب الله بتأكيده على وجوب معالجة أزمة لبنان بلا انتقام ولا لوم، فإن تحركه في المقابل يدخل في خانة حساباته السياسية بعد كل ما قيل عن تخلي حزب الله عنه في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2022.
 
وتقول الكثير من المصادر السياسية اللبنانية إن فرنجية المساند لمبادرة البطريرك الماروني، يحاول التعويض عن خسائره السياسية التي راهنت سابقا على دعم من حزب الله الذي فضل عليه جبران باسيل في الكثير من الخطوات، ما جعل الأخير يسجل نقاطا سياسية هامة مكنته من حصد تأييد شعبي مقارنة بفرنجية.
 
وبحسب المتابعين للشأن اللبناني، فإن الطبقة السياسية المعارضة لحزب الله والتي بقيت مشتتة وغير موحدة الصف لإيجاد حلول تخرج البلد من أزمته الخانقة باتت تجد في مرجعية البطريرك الماروني أرضية سانحة لتشكيل تصورات سياسية جديدة تكون قادرة على الحد من نفوذ حزب الله وسطوته على الحكم.
 
وفي الوقت الذي يجد فيه لبنان صعوبات كبيرة في إقناع دول صديقة وغربية للحصول على مساعدات مالية تخرجه من أسوأ أزمة مالية يعرفها البلد منذ الحرب الأهلية، تشير كل التحركات نحو الصرح البطريركي إلى بوادر ميلاد جبهة معارضة موحدة قد تخرج من رحم البطريركية.
 
وتراهن الأطراف السياسية على هذا المستجد واضعة في الحسبان ما كشفه توافر المعطيات التي تؤكد أن مواقف البطريرك الماروني الداعية لـ”حياد لبنان” باتت تحظى بإسناد غربي سببه الجهود التي بذلها الفاتيكان لإخراج لبنان من مشاكله الداخلية في ظلّ الصراعات التي تشهدها المنطقة.
 
ويفسر المراقبون في لبنان، اقتراب خطوات البطريرك من خط المعارضة، بالاستناد على توالي الزيارات إليه والتي شملت مؤخرا، لا فقط أحزابا لبنانية بل شملت أيضا السفير السعودي وليد بن عبدالله بخاري في مطلع شهر يوليو الجاري. وزار أيضا مؤخرا كل من سعد الحريري ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ووفد “قواتي”، الكاردينال بشارة بطرس الراعي في إطار مباحثات لإخراج لبنان من أزمته.
 
ووصفت تقارير إعلامية هذه الخطوات بأنها تفسر اقتراب البطريرك الماروني من المعارضة في المقابل الابتعاد عن العهد ورئيس الجمهورية ميشال عون وكذلك حزب “التيار الوطني الحر” بعدما ظلت العلاقة بينهما وطيدة في السنوات الأخيرة.
 
وتقر مصادر سياسية لبنانية بأن البطريرك الراعي بات يسلك نهجا سياسيا مغايرا بعد استشعاره حدة التهديدات الموجهة للبنان عموما من قبل حزب الله وللوجود المسيحي بشكل خاص، بعدما تأكد من أن سياسة العهد وقيادة التيار الوطني الحر لن تدفع للمحافظة على الوجود المسيحي كمكوّن رئيسي في البلاد. وأطلق البطريرك منذ الأسبوع الماضي دعوته إلى “حياد” لبنان”، التي شدّد فيها على ضرورة أن يعمل رئيس الجمهورية ميشال عون على “فكّ الحصار عن الشرعية”.
 
وصنفت مصادر سياسية لبنانية الدعوة إلى “الحياد” وإلى “فكّ الحصار عن الشرعية” على أنها إشارة واضحة إلى رفض الكنيسة المارونية في لبنان لتحكّم حزب الله في مؤسسات الدولة.
 
وقال البطريرك “اللبنانيون يريدون الخروج من معاناة التفرد والإهمال ويريدون دولة حرة تنطق باسم الشعب ولا يريدون دولة تتخلى عن سيادتها ويريدون قرارات حرة”.
 
وأضاف الراعي، في رسالة واضحة إلى حزب الله، “اللبنانيون لا يريدون أن تعبث أية أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور أو القانون وأن تعزله عن أصدقائه من الدول والشعوب وأن تنقله من رقي إلى تخلف ومن وفرة إلى عوز”.