أكاديمي وباحث سياسي يكشف النقاب: من وراء.. وما وراء "حديث الانقلاب" ؟؟

قال الباحث الأكاديمي والسياسي اليمني، نجيب غلاب: إن الحديث عن وجود مخطط "انقلابي" ليس إلا خيالاً صحفياً وأماني للأصوليات بعد فشلها الذريع.. وأنه لا معنى له، بل هو تحريك ملفات أخرى ورغبة جامعة في معالجة الفشل الذي أضعف وحاصر الإسلام السياسي "الإخواني الحوثي".

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء لوكالة "خبر"، أنهما نقيضان يتآكلان لتنمو قوة كل طرف على حساب الباقي، منوهاً إلى وجود نزعات انقلابية لن تنجح إلا في حالة تصارع خصومهما وضعفت الدولة وأنهكت قوة المؤسسة الرئاسية الضامن للتغيير والشرعية المهابة والمسنودة.

وأشار رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات إلى أن كلاهما يسعى للهيمنة على الدولة وتوظيفها في ضرب الأعداء والخصوم.

وأكد غلاب، "أن الحديث عن الانقلاب في واقع "نابذ" للانقلابات، ليس إلا تدميراً للمستقبل ولليمن، ونتاج أمانٍ مكبوتة، واستدعاء لفكرة عدمية، مشدداً على ضرورة أن يدركوا أن الانقلاب في ظل التحولات التي يعيشها اليمن أمر مستحيل ولا يفكر فيه إلا مؤدلج عقائدي أو سياسي لا يفقه من السياسة شيئاً، أو مراهق مهووس بالتجارب الثورجية، ومحاصر بوعي معزول عن واقعه."

وأردف: "من يتحدث عن "انقلاب"، مقتنعاً، يبدو لي أنه غارق في نظرية المؤامرات، ومتجاهل طبيعة الواقع، ولا يدرك استحالة نجاح أي انقلاب.. فكل المؤشرات تقول إن فكرة الانقلاب معدومة.. الحالة اليمنية واضحة ومحكومة بتوافقات داخلية محسومة من الجميع ومراقبة بآليات وقرارات إقليمية ودولية، ولا مصلحة فعلية لأي طرف بالانقلاب حتى في حالة إمكانية نجاحه، فالتغيير يرسم مساره والجميع شركاء فيه."

ونوه إلى أن الحديث عن الانقلاب في الإعلام ومحاولة إثبات وجود مخطط انقلابي نتاج طبيعي لإدارة الصراعات بأدوات مثيرة للجدل تعقد المشاكل ولا تقدم أي حلول، بمعنى افتعال الأزمات لا لمعالجة أزمة موجودة، بل لتعقيدها ومراكمة الأزمات، وهذا يؤدي إلى تنامي الغضب وإشعال الوقود الذي يشعل الرغبات في تحريك خيارات العنف.

وأكد وجود أطراف مستفيدة من الحديث عن الانقلاب، كالتيار الإخواني والحوثيين، وربما اختلاق حركات لإثبات ما ليس موجوداً لتفجير صراعات عبثية في الوسط الأكثر صلابة على مواجهة أي تمرد للإسلام السياسي..

لكنه استدرك حديثه للوكالة بالتنويه على وجود توظيف متقن بهدف إما تبرير الأخطاء وتغطية للمشاكل التي يعاني منها الواقع وتبرير القمع لأي تمردات معترضة على فشل الحكومة في تأمين الحد الأدنى من الخدمات ولمواجهة أي احتجاجات مثيرة للشغب معترضة على الفشل الحكومي ونشر ضبابية على الأفعال الأمنية المتعارضة مع حقوق الإنسان وشرعنة الأفعال العنيفة للحكومة في المرحلة القادمة..

وقال: إن خططاً كثيرة استخدمت خلال الفترة الماضية لتفجير حروب عبثية بين الكتل الوطنية الحيوية؛ لإضعاف المؤسسة وتوريطها في صراعات لا علاقة لها بوظيفتها لتشويهها وإنهاك شرعيتها القوية وإضعاف الثقة بها..

وتابع: بعض التيارات السياسية توقد أوار الصراع لضرب الخصوم من داخل بعض المؤسسات المدنية والحزبية والرسمية، فالاختراقات كثيرة والمال السياسي خرب الضمائر، والتحيزات العقائدية تعمي البعض، ولا هدف للبعض إلا تفكيك صفوف خصومهم وإدخالهم في نزاعات تعيق قدراتهم في التركيز على المشاكل الفعلية والواقعية..

وأكد أن الهدف إفشال أي تقدم في تعمير المؤتمر وأي مسارات لترتيب وضعه باعتباره اللحمة المعبرة لإحداث المستقبل، وكذا وجود تشظٍ يهزه ويزعزع أركانه.. ويمكن الحديث، أيضاً، أن التكرار المتلاحق عن الانقلاب خلال اليومين الماضيين وحتى اللحظة، له علاقة بالصراع السياسي والاقتصادي وخلق مشكلة تعمي الخصم عن واقعه الفعلي، ففي الصراعات الاستراتيجية بين القوى المتنافسة والمتخاصمة يتم تخليق قضية وهمية لإنهاك الأعداء ومحاصرتهم في فضاء مختلق مربك يؤدي إلى تنامي القلق والاضطراب .

وأكد أنه لا وجود لـ"انقلاب" ولا أي مؤشرات لذلك، بل العكس فالعملية السياسية التي أسست لها المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن راسخة ومحمية بقوة داخلية وخارجية، ونتائجها تتحرك في الواقع وتبني مساراتها بثقة وتنسج إنجازات متلاحقة..

وتابع حديثه بالقول: إن الإجماع الوطني اليوم بعد مؤتمر الحوار يزيد العملية السياسية تجذراً رغم المشاكل التي تنتجها المسألة الاقتصادية، وهي أم المشاكل التي تهدد الأمل بالتغيير الذي امتلك خارطة طريق ومشروعاً متماسكاً خلقت الإرادة اليمنية في مؤتمر الحوار.. من يقود هذا الانقلاب ومن يخطط له وما هي مؤشرات..

وقال: من الواضح أن أي سياسي مبتدئ وحتى مغامر ومجنون لا يمكن أن يفكر بالانقلاب؛ لأن أرضية نجاحه معدومة.. وإذا كان هناك اختلاف في بعض القضايا، فلابد من مناقشتها بوضوح؛ لأن "الحوكلة" وإدارة السياسية بالخداع والتمويه واختراع قضايا لتنفيذ أجندة خفية هي الانقلاب الذي يدمر واقع التحول الإيجابي.