جماعة الاخوان تكتوي بنار البراغماتية التركية في التقارب مع مصر

لقاء قيادات الإخوان المقيمين في تركيا بحزب السعادة المعارض لاردوغان يظهر بحث الجماعة عن حليف جديد في ظل التقارب المصري التركي واستجابة أنقرة لشروط القاهرة بإغلاق وسائل إعلام إخوانية وإمكانية تسليم المطلوبين لدى السلطات المصرية.

سارعت جماعة الإخوان المسلمين المقيمة في تركيا بعد لقاء هو الأول جمعها بحزب السعادة التركي المعارض، إلى تصحيح خطوة وُصفت بأنها خروج عن سياسة الحكومة التي توفر لها الحماية، مؤكدة "احترامها للدستور والقانون وتقديرها للرئيس رجب طيب إردوغان وحرصها أيضا على استقرار الوضع السياسي في البلاد".

وقالت الجماعة على لسان مرشدها العام إبراهيم منير، إنها "تعترف بفضل تركيا رئيسا وحكومة وشعبا، مؤكدة التزامها باحترام كافة قوانينها وأعرافها وعدم المساس باستقرارها وأمنها".

وأشاد منير بحسن ضيافة تركيا لهم قائلا إنها "الأرض الطيبة التي وجدوا عليها الأمن والأمان، وشعبها صاحب تاريخ عريق ومشهود له بالتعامل الكريم مع من يستغيث به بعد الله سبحانه وتعالى".

وتشير هذه التصريحات إلى سعي الجماعة لتبرير لقاء قياداتها مع رئيس حزب السعادة المعارض كرم الله أوغلو، حيث أثار اللقاء جدلا واسعا لتزامنه مع خطوات متسارعة تقودها أنقرة على طريق التقارب مع القاهرة.

ودفعت مؤشرات التقارب المصري التركي جماعة الإخوان في تركيا إلى التفكير في مصيرهم في ظل مخاوف من ان يقدمهم اردوغان كبش فداء لاسترضاء مصر وأغلبهم مطلوب لدى العدالة المصرية، فيما تسعى أنقرة لخفض التوتر مع دول المنطقة لتلافي عزلة تهددها.

ويرى مراقبون أن لقاء الإخوان بحزب معارض لاردوغان يعكس محاولة منظمة من الجماعة للضغط على الحكومة التركية التي استجابت مؤخرا لشروط القاهرة بإغلاق وسائل إعلام إخوانية لضمان تحسن العلاقات.

وفي مارس/آذار الماضي طلبت أنقرة من قنوات التلفزيون المصرية المعارضة العاملة في تركيا تخفيف حدة الانتقادات الموجهة للقاهرة في أول خطوة ملموسة لتخفيف التوتر. كما عرضت تقديم المساعدة لمصر في حل أزمة السفينة التي جنحت في قناة السويس وتسببت في إغلاق الممر الملاحي لأيام.

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي طارق أبو السعد، أن "اللقاء بين الإخوان وحزب السعادة المعارض، يهدف لإعادة ترتيب أوضاع عناصر الجماعة المتواجدة في تركيا"، مشيرا إلى أن "الإخوان تفكيرهم براغماتي. ليس لهم حليف دائم، لكن حسب المصلحة ومن يقدمها لهم".

ويبدو أن الجماعة تبحث في الوقت الراهن عن بدائل جدد عن العدالة والتنمية بعد خطوات الحزب التركي التي بدأتها للتقارب مع مصر واستجابة اردوغان لمطالب القاهرة.

وأوضح أبو السعد في حديث لسكاي نيوز عربية، أن "الرئيس التركي الذي كان حليفا قويا للتنظيم لم يعد معهم، فقد أصبح على الضفة الأخرى، يسعى إلى التواصل والتقارب مع مصر، ولا يمانع في إغلاق المنصات الإعلامية الإخوانية، كما لا يرفض تسليم المطلوبين، وتجاهل وضع الإخوان ضمن المناقشات التفاوضية مع القاهرة وهو أمر يزعج التنظيم بشكل كبير"

ويفسر محللون ان اللقاء بين الإخوان وحزب السعادة يأتي في إطار البحث عن حليف جديد، إلا أن الحزب التركي لا يمثل بديلا قويا لعدم امتلاكه شعبية كبيرة في تركيا ولا يحظى بتأثير كبير.

ويأتي اللقاء كمحاولة للضغط على أنقرة قبل أسابيع قليلة من اجتماع مرتقب بين مسؤولين في أجهزة الأمن والاستخبارات بين البلدين مطلع مايو/أيار المقبل بهدف وضع المصالحة المصرية مع الإخوان كأحد بنود التفاوض للتراجع عن تسليم القيادات الإخوانية المطلوبة لدى تركيا.

وكشفت مصادر إعلامية أن اللقاء جاء بعد أيام من رفض ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي ومسؤول ملف الإخوان، لقاء عدد من قيادات الجماعة مرات عدة.

وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو، بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر، مشيرا إلى أن لقاءً سيعقد على مستوى نواب وزيري الخارجية البلدين خلال الأسبوع الأول من مايو/أيار الجاري.

وأوضح تشاووش أوغلو في مقابلة تلفزيونية على 'قناة تورك' التركية، أنه سيلتقي لاحقا نظيره المصري سامح شكري، ويبحث معه تعيين السفراء وسبل الارتقاء بالعلاقات إلى نقطة أفضل في المستقبل.

وتحدثا الوزيران في أبريل/نيسان هاتفيا في أول اتصال مباشر بينهما منذ أن بدأت تركيا مساعي لتحسين العلاقات المتوترة بين البلدين بعد سنوات من التوتر منذ أن عزل الجيش المصري في عام 2013 الرئيس آنذاك محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي كان مقربا أردوغان.

وشهدت العلاقات المصرية التركية توترا بسبب دعم تركيا لجماعة الإخوان ووفرت لقيادات الفارين من مصر ملاذا، فيما تصنف القاهرة الجماعة إرهابية وتتهمها بزعزة استقر البلاد.