بعضهن فقدن النطق .. شهادات مروعة لنساء تعرضن للاغتصاب في تيغراي

تعاني النساء اللاتي يستطعن الوصول للعيادة المخصصة لمساعدة الناجيات من الإساءة الجنسية في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا للحديث عن جراحهن، لكن عندما لا يتمكنّ من الجلوس أو يلمسن بهدوء أجزاءهن الحساسة، يفهم طاقم التمريض هذا النوع من المعاناة، الذي لا يمكن الحديث عنه.

كان ذلك بعد ظهر أحد الأيام، عندما دخلت العيادة امرأة في حالة ذهول وبالكاد واعية عمرها 40 عاما التف جسدها بمناشف دامية، فقد تعرضت للاغتصاب الجماعي المتكرر شرجيا ومهبليا على يد 15 جنديا إرتيريا في ازيربر. لقد كانت محتجزة مع 10 فتيات ونساء أخريات بينهن امرأة في السبعين من عمرها.

انفجرت المرأة في البكاء بينما تذكرت محنتها في يناير على أيدي الجنود الذين سيطروا على أجزاء من الإقليم المتنازع عليه في إثيوبيا المجاورة. عادة ما يمارس الإرتيريون العنف الجنسي ضد ضحاياهم، وفقا لطاقم التمريض، وهي ممارسة يعتبرها المجتمع المسيحي الأرثوذكسي في تيغراي محرمة.

وقالت المرأة في مقلى، عاصمة تيغراي "إنهم يتحدثون مع بعضهم البعض. بعضهم يقول: نقتلها. وبعضهم يقول: لا، الاغتصاب يكفيها".

لا تنشر أسوشيتدبرس أسماء ضحايا الاعتداءات الجنسية، لكن الصحفيين اطلعوا على ملف حالتها.

وأوضحت المرأة أن أحد الجنود قال لها "هذا الموسم موسمنا، لا موسمكم. هذا زمننا".

بالرغم من مزاعم إثيوبيا وإرتيريا بأن قواتهما ستغادر، فإن القوات الإريترية أكثر ضلوعا من أي وقت مضى في الصراع في تيغراي، حيث ترتكب جرائم الاغتصاب الجماعي الوحشي للنساء، وقتل المدنيين ونهب المستشفيات ومنع المساعدات الغذائية والطبية، حسبما كشفت أسوشيتدبرس.

وقال العديد من الشهود والناجيات من الاغتصاب، ومسؤولون وعمال إغاثة إنه من الممكن رؤية الجنود الإرتيريين من على بعد من الحدود، متوغلين في شرق وحتى جنوب تيغراي، وبعضهم كان يرتدي الزي العسكري الإثيوبي. يسيطر الإرتيريون الآن على طرق رئيسية ويتمتعون بالوصول لبعض المجتمعات، وفقا للشهود.

وأكد تقريبا كل سكان تيغراي الذين التقتهم أسوشيتدبرس على أن السلام لن يحل دون رحيل الإرتيريين. لكن لا بوادر هناك على رحيل القوات الإريترية أو انسحابها، فيما تبدو الحكومة الإثيوبية عاجزة عن فرض النظام.

وقال مصدران على صلة بالحكومة لأسوشيتدبرس إن ارتيريا تسيطر على أجزاء من تيغراي، وهناك مخاوف من أنها تتعامل مباشرة مع المليشيات الأمهرية العرقية.

بإحباط يتحدث أبيبي غيبريهيوت، وهو من سكان الإقليم ويتولى منصب نائب الرئيس التنفيذي المعين من الحكومة المركزية في تيغراي ويقول "إنهم مازالوا هنا".

كان العنف بالفعل قد دفع العائلات للفرار من أماكن مثل مخيم النازحين بالداخل في مقلى الذي تتشاركه سمرة كالايو مع آلاف النازحين الآخرين.

وتقول وهي تتذكر هروبها من دينغلات "إذا كان الإرتيريون ما زالوا هناك، فأنا لا أخطط للعودة إلى الوطن." ويمتزج صوتها بالغضب وهي تقول "ماذا يمكنني أن أقول؟ إنهم أسوأ من الوحوش".

هناك عداوة راسخة بين إثيوبيا وإرتيريا منذ عقود، وقد استطاع قادة تيغراي النافذون آنذاك تولي أدوار رئيسية في الصراع الحدودي المثير للانقسام. بدأ هذا في التغير عام 2018، بعد تولي رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الحكم ونزوعه للسلام مع إرتيريا.

همش أبي أيضا قادة تيغراي الذين شككوا في حكمه وسلطته آنذاك. وفي بداية نوفمبر، اتهمت الحكومة الإثيوبية القوات في تيغراي بمهاجمة قوات اتحادية. ولاحقا، أطلق قادة تيغراي صواريخ على العاصمة الإريترية أسمرة.

وأرسل أبي قوات اتحادية لتيغراي لاعتقال قادتها المنشقين، واندلعت الحرب المستمرة منذ ستة أشهر وتسببت في نزوح أكثر من مليوني شخص من 6 ملايين كانوا يعيشون في المنطقة.

وأشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى عمليات تطهير عرقي" في غرب تيغراي، وهو مصطلح يشير لإجبار السكان على الفرار من منطقة بالعنف.

ونحى باللائمة في معظم الفظائع المرتكبة على القوات الإثيوبية وميليشيات أمهرة المتحالفة معها والأهم مقاتلين من إرتيريا.

وتقول النازحة إن قصفا بالمدفعية الإرتيرية استمر ذات مرة لمدة 13 ساعة وقتل 150 شخصا في قرية تيرهاس فيشاي في منطقة زالامبيسا، منتصف نوفمبر.

وتضيف "اختبأنا في كهف لمدة شهرين مع 200 شخص آخر. ثم عثر علينا الجيش الإرتيري وقتل 18 شخصا."

يوضح هايليسلاسي غيبريمريم، من سكان منطقة غولوماكيدا في تيغراي وتعرض لإطلاق نار على ساقه في يناير، أنه أحصى جثث 38 شخصا قتلتهم القوات الإرتيرية في كنيسة مدهين عالم هناك.

يتحرك الإرتيريون بدافع العداوة لقادة تيغراي، حسبما يفسر برهان كيدانيمريم، وهو دبلوماسي إثيوبي من تيغراي استقال من منصبه في وقت سابق من العام الجاري.

ويسعى رئيس إرتيريا، أسياس أفورقي، أيضا لإقامة منطقة عازلة بطول الحدود وضمان ألا يتمكن قادة تيغراي الهاربين الآن من العودة، وفقا لبرهان كيدانيمريم.

وأضاف "العقل المدبر للموقف في إثيوبيا هو أسياس".

في بداية أبريل، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أن القوات الإريترية "بدأت الإجلاء"، لكن الولايات المتحدة قالت إنها لم تر بعض أي مؤشرات على حدوث ذلك.

مازال معظم تيغراي منقطعا عن العالم، بالتالي لم يعد من الممكن سوى الاعتماد على ما يصف النازحون فقط حدوثه هناك.

يقول تيدروس عبادي، 38 عاما وصاحب متجر من سمرة والآن في مقلى، إن القوات الإرتيرية التي وصلت إلى قريته بداية من أبريل، أردت القساوسة قتلى بالرصاص أثناء عودتهم سيرا بعد قداس عصر الأحد، كما أحرقت نحو 20 منزلا.

وأضاف "لم يعد هناك أي شيء هنا."

لم يرد ممثلون عن الحكومتين الإثيوبية والإريترية على طلبات التعقيب.

ويبدو أن الإرتيريين عازمون على إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى، فدمروا مراكز صحية مثل مستشفى هاوزن الإبتدائي الذي لطخت جدرانه بدماء دجاج ذبحه الإرتيريون في أروقته. ودمرت أيضا حضانة الرعاية المركزة للرضع في المكان.

وبالمقارنة بكل الدمار الذي ألحقه الإرتيريون، يظل الاغتصاب الجماعي هو الأسوأ.

فقد استقبلت عيادة مقلى أكثر من 400 ناجية منذ نوفمبر، ومعظمهن ضحايا للقوات الإريترية، وفقا للممرضة مولو ميسفين.

وقالت إن 100 إلى 150 منهن تعرضن للاغتصاب، كما تحدثت عن مدى الألم والخزي الذي تشعر به الناجيات للدرجة التي تفقدهن النطق.

وقالت إن الناجيات اللاتي يصلن إلى العيادة يكن "مضطربات نفسيا" ويصعب أن يجدن الكلمات لوصف ما مررن به.