الجنوب السوري.. روسيا تقطع رواتب "الفيلق" والنظام يحاصر "درعا البلد"

تشهد مناطق الجنوب السوري تطورات متسارعة، ويقول ناشطون سوريون إنها قد تزيد من التوتر الأمني والعسكري في الأيام المقبلة، وخاصة في محافظة درعا التي رفض الأهالي فيها في الأيام الماضية المشاركة بالانتخابات الرئاسية التي نظمها نظام الأسد في 26 من شهر مايو الماضي.

وتخضع درعا لسيطرة أمنية وعسكرية "هشّة" من جانب قوات الأسد، منذ أواخر 2018 وتعتبر من أبرز مناطق "التسويات". وهو وصف يرتبط بالاتفاقيات التي فرضتها روسيا في الأعوام الماضية، وقضت بمغادرة مقاتلي المعارضة منها إلى الشمال السوري، مع تسوية أوضاع المطلوبين أمنيا وجنائيا.

وكان المرجو من اتفاق "التسوية" حين توقيعه في الجنوب السوري، فرض حالة من الاستقرار في المحافظة التي كانت أجزاء كبيرة منها خارجة عن سيطرة نظام الأسد، على أن يتبع ذلك تسوية أوضاع المطلوبين أمنيا، وإعادة الخدمات وإصلاح البنى التحتية.

لكن جميع ما سبق لم يطبّق على أرض الواقع، على خلفية عدة أسباب، أبرزها عدم التزام النظام السوري بأيٍ من المطالب، وخاصة الإفراج عن المعتقلين ووقف عمليات المداهمة والاقتحام.

"رواتب الفيلق مقطوعة"

وفي تطور نادر ومثير قالت مصادر إعلامية من مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي إن روسيا أوقفت رواتب مقاتلي قوات القيادي السابق في المعارضة أحمد العودة، بسبب رفض الأخير تثبيت نقاط عسكرية في منطقة البادية السورية لقتال تنظيم "داعش".

ويبلغ عدد مقاتلي "العودة" ما يقارب 2000 مقاتل، وينشطون تحت اسم "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس"، وهو التشكيل العسكري الذي تأسس منذ سنوات بدعم ورعاية من جانب موسكو.

وتضيف المصادر في تصريحات لموقع "الحرة" أن القيادي العودة كان قد أرسل دفعات من مقاتليه إلى البادية السورية، خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، لكنه أقدم على سحبهم، بسبب تعرضهم لكمائن "داعش"، واصطدامهم بجغرافيا وتضاريس المنطقة.

وتتابع المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها: "بعد سحب القوات طلبت موسكو من العودة الذي يشتغل منصب قائد اللواء الثامن تثبيت نقاط عسكرية لكنه رفض الطلب، وعلى إثر ذلك تم قطع رواتب مقاتليه منذ قرابة شهر".

ومنذ أكثر من عامين يتلقى كل عنصر من مقاتلي "اللواء الثامن" 200 دولار أمريكي من جانب موسكو، بالإضافة إلى إجازات شهرية تصل إلى حد الأسبوع.

وهذه هي المرة الأولى التي تتجه فيها روسيا لزج هؤلاء المقاتلين في معارك البادية السورية، بعد أن ركّزت عملهم العسكري في السابق ضمن حدود محافظة درعا.

وكان العودة يقود مجموعة "شباب السنة" في "الجيش السوري الحر" سابقا. لكن بعد اتفاق "التسوية" في عام 2018 تحول إلى "قائد مدلل" لدى موسكو، في خطوة أثارت تكهنات وإشارات استفهام.

ويحيط بشخصية ذلك القيادي كثير من الغرابة، فعلى الرغم من تبعيته المباشرة لروسيا وولائه لها، إلا أنه عمل في الأيام الماضية على تنظيم مظاهرات مناهضة لنظام الأسد، ورافضة أيضا للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الأسد في تصويت "محسوم سابقا" بحسب معارضين.

"النظام ينتقم من درعا البلد"

بموازاة الحدث المذكور سابقا أقدمت قوات الأسد منذ الثلاثاء على فرض طوق أمني في محيط أحياء درعا البلد، في خطوة ربطها صحفيون وناشطون من المحافظة بالمظاهرات التي خرج بها المئات في ذات اليوم الذي نظم فيه نظام الأسد الانتخابات الرئاسية. 

ويقول ناشط إعلامي من درعا البلد في تصريحات لموقع "الحرة" إن قوات الأسد رفعت سواتر ترابية في محيط الأحياء، كما أغلقت مداخلها بشكل كامل من جهة أحياء "درعا المحطة".

ويضيف الناشط الإعلامي: "القوات الأمنية التابعة للنظام تمنع عبور المدنيين من أحياء درعا البلد وتحصر خروج البعض منهم فقط من حاجز سجنة الأمني. الأمر نراه بأنه عملية انتقام لرفض الأهالي التصويت في الانتخابات الرئاسية".

وامتلأت جدران بلدات وقرى درعا في السادس والعشرين من مايو الماضي بعبارات مناوئة لنظام الأسد مثل "درعا البلد لن تموت. الثورة لن تموت"، "لا مستقبل للسوريين مع القاتل"، "لا شرعية للأسد وانتخاباته".

وعلى عكس باقي المحافظات السورية التي شاركت في الانتخابات الرئاسية لم تشهد درعا أي مشاركة تذكر، عدا عن بعض المناطق فيها التي تعتبر ذات سيطرة أمنية خالصة من جانب نظام الأسد.

وجاء ذلك عقب بيان أصدرته "اللجان المركزية في درعا"، في 23 من مايو الماضي دعت فيه إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وجاء فيه أن "حوران تعتبر يوم الانتخابات حزن وحداد، والمشاركة بها خزي وعار".

وفي مقابل الطوق الأمني المفروض على أحياء درعا البلد كان هناك أحداث مثيرة أخرى، حيث تصاعدت حدة الاغتيالات والتفجيرات في المحافظة على نحو غير مسبوق، ما أسفر عن مقتل مدنيين وعسكريين.

وصباح الأربعاء ذكرت وسائل إعلام سورية مقربة من النظام السوري أن عبوة ناسفة انفجرت بحي شمال الخط، وهو أحد أحياء درعا المدينة، في حادثة سبقتها انفجار 3 عبوات ناسفة في أحياء متفرقة من المدينة.

وسبق وأن قالت مصادر حقوقية من الجنوب السوري لموقع "الحرة" إن محافظة درعا تشهد بشكل وسطي وفي كل شهر من 30 إلى 60 عملية اغتيال. وإذا ما تم أخذ المتوسط الحسابي لها وقورنت بالأشهر السابقة من اتفاق "التسوية" فقد يزيد عدد القتلى من جميع الفئات عن ألف شخص.

وتتنوع الاغتيالات ما بين إطلاق الرصاص المباشر والاستهدافات بالعبوات الناسفة والألغام، بالإضافة إلى اغتيالات تأتي بعد عمليات خطف لعدة أيام.