دور الصين الغامض في وباء كورونا.. واشنطن أمام "مهمة صعبة"

منذ ظهور فيروس كورونا قبل نحو عامين وحتى اليوم، لا يكاد يمر يوم واحد على العالم بدون خبر تذكر فيه الصين، سواء لكونها البلد الأول الذي اكتشف فيه الفيروس، أو بسبب اتهامات دول لها بإساءة التعامل مع الملف الذي غير حياة المليارات من البشر.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية" إنه من بين كل دول العالم، ظهر فيروس كورونا في "الدولة الخطأ"، فالصين، ليست الأكبر في العالم من حيث السكان فحسب، وإنما أيضا تمتلك تواصلا كبيرا مع كل دول العالم أسهم بشكل كبير في نقل الفيروس كما أنها تفتقر إلى الشفافية حينما يتعلق الموضوع "بمكانتها العالمية"، من وجهة نظر قيادة البلاد.

وتقول الصحيفة إن الإدارة الأميركية الحالية تواجه "خيارات صعبة" خاصة بعد أن تزايدت قوة النظرية التي تقول إن منشأ فيروس كورونا كان من مدينة ووهان الصينية.

هناك نظرية تشير إلى امكانية حدوث تسرب من "معهد ووهان لعلوم الفيروسات" أدت إلى انتشار كورونا

وتلقي نظريات ودراسات عدة اللوم على الصين بسبب "نزوعها لإخفاء المعلومات المتعلقة بانتشار الفيروس"، وتعمدها "تأخير كشف حقيقة الفيروس إلى وقت متأخر".

لكن، وبحسب الصحيفة، فإن "حملة ضغط علنية" من قبل البيت الأبيض "ليس الخيار الأفضل" للتعامل مع الصين.

ويصف خبير العلاقات الدولية المقيم في الولايات المتحدة، هيثم غالي، الصين بإنها "عملاق حساس"، مضيفا لموقع "الحرة" أن "من السهل كما يبدو، جدا، جرح مشاعر الصينين ودفعهم للانغلاق أو – وهذا أكثر خطورة – للتصرف بعدائية".

وتقول صحيفة واشنطن بوست إن خط الإدارة الأميركية السياسي الجديد يميل "نحو الجزرة أكثر من العصا" وإلى المكافأة أكثر من العقوبة".

ويوم أمس، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن "من مصلحة الصين الكشف عن أصل فيروس كورونا"، وأكد في مقابلة مع شبكة HBO الأميركية "في نهاية المطاف، من مصلحة الصين أن تفعل ذلك أيضا، لأنها عانت أيضا من تفشي هذا الوباء.  ويفترض أن لها مصلحة أيضا".

كما أن كبير خبراء الأمراض المعدية الأميركي، أنتوني فاوتشي، قال إنه "من الواضح أن من مصلحة الصين أن تعرف بالضبط كيف حدث الفيروس".

وتقول الصحيفة إن هذه الفكرة التي تحاول إقناع الصين بوجود مصلحة لها في إجراء تحقيق شفاف "قد تم تكرارها أكثر من مرة من قبل أكثر من مسؤول أميركي".

لكن الخبير غالي يقول إن "تكرار شيء ما لفترة طويلة لا يؤدي بالضرورة إلى اقتناع الطرف المقابل".

وتقول واشنطن بوست "أن هناك حقيقة واضحة جدا، هي أن الصين لديها حافز للتستر على تفاصيل حدوث تسرب من مختبر ووهان"، مضيفة أن الصين "لديها مصلحة بإخفاء المعلومات".

ويمكن للصين، بحسب بوست، أن تجري تحقيقا ولاتشارك نتائجه مع العالم.

مع هذا، يقول الدكتور، زياد العراقي، وهو خبير في الأمراض المعدية درس في جامعة ووهان الصينية لسنوات لموقع "الحرة" إن "انكشاف وجود تسرب محتمل في المختبر سيحمل اتهاما للصين إذا ما كان الكشف من جهة غير صينية، ستبدو الصين وكأنها كانت منخرطة في مؤامرة تستر".

وتقول واشنطن بوست إن "الانكشاف في حال حصل من جهات غير صينية سيطلق دعوات عالمية للمساءلة".

بل أن من الممكن أن تطالب الكثير من الدول بتعويضات إذا كانت تصرف خاطئ أو تستر من قبل الصين قد أدى بشكل مثبت إلى انتشار الفيروس أو إلى حرمان العالم من فرصة لتقليل الخسائر.

وقال وزير الخارجية الأميركي إن "الصين إذا كانت تزعم أنها فاعل دولي مسؤول، فعليها بذل كل ما وسعها لتقديم كافة المعلومات لديها للتأكد من أن هذا لن يحدث مرة أخرى".

مع هذا لم يلوح وزير الخارجية بفرض عقوبات على الصين في حال عزفت عن التعاون.

والاثنين، تم سؤال السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين ساكي، عن الخطوات التي يجري اتخاذها للضغط على الصين.

وقالت ساكي إنه يجب الضغط مع الشركاء الدوليين والعمل مع منظمة الصحة العالمية للضغط على الصين من أجل مشاركة معلوماتها مضيفة "لن نقف مكتوفي الأيدي" ونقبل قولهم إنهم لن يشاركوا المعلومات.

وتقول الصحيفة "هذا التلميح الغامض بالضغط والكف عن إحراج الصين علنا هو بالضبط ما ينبغي أن يفعل" لكنها تستدرك "مع هذا يبدو أن الصين محافظة على موقفها الصارم".

ومرت ثلاثة أشهر منذ ان انتقدت منظمة الصحة العالمية، الصين لعدم مشاركتها التحقيقات في أصول الفيروس.

وتقول الصحيفة إن "صعود نظرية تسريب المختبر" و"الديبلوماسية الخفية والخاصة" من شأنه أن يدفع الصين إلى تغيير أساليبها، مع أن هناك أيضا أسبابا للشك بأن هذا سيحصل.