صراع الأجنحة الحوثية في الضالع يعود مجدداً ويهدد بإطاحة قيادات واستقدام آخرين من شمال صنعاء
كشفت مصادر مطلعة، عن تحشيدات بشرية لمليشيا الحوثي الإرهابية على أطراف مديريتي الحشا وقعطبة، بمحافظة الضالع (جنوبي اليمن)، بناءً على توجيهات عليا تلقتها قيادات المليشيا بالمحافظة ركزت على الجوانب العسكرية والاقتصادية والإعلامية، بالتزامن مع ترتيبات لاستقدام قيادات جديدة من شمالي صنعاء.
المصادر أكدت لوكالة "خبر"، أن المشرف الحوثي على محافظة الضالع المدعو "أبو أحمد حطبة"، تلقى مؤخراً توجيهات "عاجلة وسرية"، من صنعاء، دعت إلى إعلان حالة استنفار قصوى أمنيا واقتصاديا وإعلاميا.
التوجيهات الحوثية جاءت عقب انهيارات كبيرة شهدتها جبهات قعطبة والحدودية مع مديرية الحشا، خلال مايو/ أيار الماضي، حيث تقول المصادر إن "حطبه" ألزم عدداً من قياداتهم في المنطقة أبرزهم "داوود النهام" المعيّن لديهم مدير عام قعطبة، ومسؤول الأمن الوقائي "أبو الحسن القحيف"، وآخرون بينهم قيادي يدعى "ابو جراح"، علاوة على من تطلق عليهم "القيادات المتعاونة"، والأخيرون ينحدرون من أبناء القبائل.
وتؤكد المصادر أن المشرف "حطبه"، قال لهم "إذا سقطت المنطقة ستسقط رؤوسكم"، في تهديد مباشر بتصفيتهم، فارضاً عليهم تحشيد مقاتلين والدفع بهم نحو معسكر "المشواس" على حدود مديرية الحشا الحدودية مع قعطبة من جهة الغرب، على بعد بضع كيلومترات من خطوط المواجهات.
بدوره تولى "النهام" مسؤولية التحشيد من مناطق غربي الفاخر، و"أبو جراح" على شمال الفاخر، بإسناد مباشر من القيادات المتعاونة، فيما أوكلت مهمة التحشيد من مديرية القفر إلى المسؤول بجهاز الاستخبارات الحوثي "الأمن الوقائي" لـ"أبو الحسن القحيف"، باعتباره ينحدر من ذات المديرية، علاوة على أنه أحد القيادات التي تُسند إليها مهمة التحشيد.
وخلال الأسابيع الماضية حشدت واستقدمت العشرات إلى معسكر "المشواس" التدريبي، وأخضعتهم لتدريبات، إلا أن صراع النفوذ بين القيادات الحوثية خلق حالة انقسام بين أوساطها داخل المعسكر.
زادت حدّة الانقسام الصراع الخفي بين النهام والقحيف على بسط النفوذ والجبايات، فالأول يعتبر نفسه الرجل الأول في المنطقة باعتباره مديراً لقعطبة، ويجني للمليشيا عشرات الملايين تحت مسميات "زكاة، ضرائب، دعم للجبهات... وغيرها"، فيما الآخر يرى أنه الأفضل، باعتباره مسؤولا بارزا في جهاز الاستخبارات، حد زراعته خلايا استخباراتية في كل مكان.
وفي الوقت الذي تستعد المليشيا لتجهيز عناصرها لشن هجمات قادمة واسعة على مواقع المشتركة والمقاومة في المشاريح، والجب، والفاخر، وباب غلق، انفجر الوضع، فجر الخميس 1 يوليو/تموز 2021م، بين قيادات وعناصر المليشيا داخل معسكر "المشواس"، وتطور إلى تبادل إطلاق النار.
مصادر مؤكدة قالت إن تبادل تهم الخيانة كانت السبب الرئيس بين أطراف المليشيا. غير مستبعدة وقوع خسائر بشرية بينية، إلا أنها تتكتم بشدة على ذلك خشية انهيار صفوفها أكثر في جبهات المحافظة التي تشهد تصدعا منذ أشهر.
المشرف "حطبة" الذي كان داعما قويا لـ"النهام" بعد استقطابه إليه وسحبه من تحت أجنحة الصريع "يحيى الشامي"، بدأ ينتابه شكوك ضده واستغلاله نفوذه في قعطبة التي تعتبر أكبر مديريات الضالع، وأكثرها إيرادات لصالحه، وبدأ يدرس مع قيادات عليا بصنعاء استبداله بآخر، يُعد "القحيف" واحداً ضمن آخرين من مناطق شمال صنعاء، لم يتم كشف أسمائهم، والمرجح أنهم الأبرز، خصوصا وأن بينهم من ستوكل إليه مهام قيادية على جبهات القتال، بحسب مصادر مطلعة.
وكانت قد شهدت جبهات قطاع الفاخر على المحور الغربي لقعطبة، الأسابيع الماضية، هجوما مباغتا للقوات المشتركة والمقاومة، أحرزت خلاله تقدما ميدانيا واسعا وسيطرت على عدة مواقع استراتيجية.
ففي جبهة المحور الغربي لقطاع الفاخر، سيطرت على مدينة الفاخر ولكمة عثمان ومفرق بيت الشرجي، والأخير يمثل نقطة التقاء هامة، تربط بين مدينة الفاخر ومنطقة "بيت الشرجي- عزاب" شمالا، والفاخر والقرين غربا على خط (الفاخر- إب).
الخسائر البشرية والميدانية كانت فادحة، حيث أكد شهود عيان من مناطق متعددة مشاهدة عناصر المليشيا يغادرون مواقعهم في الفاخر متجهين غربا باتجاه سوق منطقة القرين، إلا ان الوحدات القتالية للقوات المشتركة والمقاومة أوقفت زحفها عند مفرق بيت الشرجي لعدم تلقيها توجيهات بالتقدم، وفق ما أكدته مصادر ميدانية لـ"خبر".
وبحسب شيخ قبلي في عزلة "الوحج" التي ينحدر منها القيادي الحوثي "داوود النهام"، أصيب الأخير بحالة ذعر شديد حين تلقى نبأ الفرار الجماعي لعناصرهم إلى مواقع متأخرة بمحيط منطقة القرين التي تبعد بضع كيلومترات فقط عن مسقط رأسه، وأن زحف القوات المشتركة والمقاومة مستمر في عدّة محاور.
وأضاف الشيخ القبلي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن المليشيا الحوثية كانت تتوقع استمرار زحف القوات المشتركة والمقاومة لإدراكها المسبق بانهيار صفوف الأولى وغياب الحاضنة الشعبية بعد أن تزايدت عمليات النهب والجبايات والعنصرية الحوثية بالمنطقة، مما دفع القيادي "النهام" إلى الدفع بعدد من أبناء قبيلته وآخرين من ذات السلالة إلى تأمين طرق آمنة لانسحابه إن استدعت الحاجة، ومطالبتهم بمساندة العناصر الفارة لحين وصول تعزيزات. وغادر ليلا بصورة سرية إلى إحدى القرى المجاورة.
المحور الشمالي والشمال غربي لذات القطاع، شهد هو الآخر مواجهات عنيفة أحرزت خلاله القوات المشتركة تقدما ميدانيا واسعا وسيطرت على مواقع هامة أبرزها مدرسة حبيل العبدي وعدد من منازل المواطنين التي كانت تتمركز فيها المليشيا بعد أن غادرها أصحابها لمواقفهم المناوئة للحوثيين، بينهم الشيخ شايف ناجي.
وترجح مصادر عسكرية شن المليشيا هجمات واسعة خلال الساعات والأيام القادمة، في الجبهات الحدودية بين الحشا وقعطبة، شمال غربي المحافظة.