القاضي العمراني.. أحبّهُ اللهُ فأحبَّهُ الناس

حينما تفقد الأمّةُ عَلماً من أعلامها الحقيقيين المؤمنين الصادقين، فهنا تتجلى الخسارة الكبيرة ويعمُّ الحزن والوجوم قلوب الناس وافئدتهم.

القاضي محمد بن إسماعليل العمراني، رمز الوسطية والاعتدال وصاحب أكبر قاعدة جماهيرية في اليمن يغادر دنيانا الفانية إلى دار الآخرة الباقية.

محبة الناس من محبة الله ذلك ما تجلى عقب سماع اليمنيين نبأ وفاة عَلَمٍ كبيرٍ ونبراسٍ مضيء ارتبط اسمه بهم على مدى عقود وظل الأقرب إلى قلوبهم.

القاضي العلامة محمد بن اسماعيل العمراني عالم العصر والأوان ورمز الطهر والشرف والنزاهة والإيمان، العالم الذي تخرَّج على يديه الآلاف من طلاب العلم واستفاد من علمه الملايين.

لم يهتز يوما ولم يبع علمه أو رأيه أو فتواه لشيخ أوسلطان، بل كان صادحاً بالحق واقفاً إلى جواره نابضاً بدين الوسطية والاعتدال دين الرحمة والمحبة والجَمال.

خرج الآلاف لتشييع جثمانه الطاهر في العاصمة صنعاء وبكته القلوب والأفئدة ، الصغير والكبير ، الرجل والمرأة، كيف لا وقد كانوا مرتبطين به وبعلمه الزاخر وجدانياً واتضح ذلك بجلاء في موجة الحزن الكبيرة التي عمّت وسائل التواصل الاجتماعي من جميع المكونات والأحزاب والأطراف عقب سماعهم نبأ وفاته.

لم يكن يوما ذا مال أو سلطان بل كان عالماً نيراً منيراً يُفقّهُ الناس في أمور دينهم ودنياهم يُذكّرهم ويرشدهم إلى طريق الحق، طريق الاعتدال والوسطية وحُبِّ الآخر والقبول به والتعايش معه.

لم تُرقْ قطرةُ دمٍ واحدةٍ بسببه، كونه حريصاً على حقن دماء الناس لذلك دائما ما كان يدعو إلى وحدة الصف ونبذ العنف والتطرف أينما حل.

القاضي محمد بن اسماعيل العمراني منحه الله عمراً طويلاً لكي تستفيد منه الأمة وينهل طلاب العلم من علمه الوفير وخيره الكثير.

كان يكرهُ الفرقة والشتات بين المسلمين، ومن أكثر الناس حرصاً على لم الشمل وتوحيد الصفوف وتكاتف الجهود نحو البناء والعلم وليس التفرقة والهدم، حتى فتنة 2011 كان له موقف مناهض لها لأنه يرى بعين العالم المدرك لحقائق الأمور المُبصرِ لما تخفيه مؤامرات بعض القصور وإلى اين ستؤول الأوضاع وتصيب الأوطان هذه الشرور.

رحل القاضي محمد بن اسماعيل العمراني جسداً، لكن روحه الطاهرة وعلمه الزاخر وما خلَّفهُ من أمهات الكتب ستظلُّ حاضرةً بين أبناء اليمن خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة، فلروحه المجدُ والسلام، ولتاريخه وعلمه الإجلال والاحترام.