اكتشاف نجمين يتجهان نحو انفجار مذهل

يتجه نجم ثنائي يبعد 1500 سنة ضوئية نحو دمار مذهل. يتألف HD265435 من نوع من قزم أبيض وشريكه، يدوران بالقرب من بعضهما لدرجة أن القزم الأبيض يلتهم مواد من شريكه، ما سيؤدي في نهاية المطاف وفقًا للنظرية، إلى اكتساب القزم الأبيض كتلة كبيرة لدرجة عدم الاستقرار، ومن ثم انفجاره في شكل مستعر أعظم. يقول فريق من العلماء بقيادة عالمة الفلك إنغريد بيليسولي من جامعة وارويك في المملكة المتحدة: «لن يحدث هذا الانفجار قبل فترة من الزمن، لكن اكتشاف هذا الثنائي النجمي يعد نادرًا جدًا، ويمكن أن يساعدنا على فهمٍ أفضل للعمليات التي تؤدي إلى هذه الظواهر الرائعة».

هذا أمر مهم، لأن هذا النجم غير المستقر سيُحدث نوعًا من المستعرات العظمى يستخدم سطوعه شمعةً قياسية لقياس المسافات الكونية.

تقضي النجوم حياتها -ما نطلق عليها الدورة الأساسية- بصهر العناصر، منتجة عناصر بنواة أثقل، لكنها لا تملك كمية لا نهائية من العناصر. في نهاية المطاف، سينتهي مخزون المواد التي يمكن للنجم صهرها ويموت، قاذفًا طبقته الخارجية، وبحسب كتلة النجم، يمكن أن تحدث عدة أشياء في هذه المرحلة.

بالنسبة لمعظم النجوم سوف تنهار النواة مشكلةً جسمًا شديد الكثافة، وتعتمد ماهية هذا الجسم على كتلة النجم قبل الانفجار.

بالنسبة للنجوم التي تفوق كتلتها كتلة الشمس ثلاثين مرة، سوف تتحول إلى ثقوب سوداء. أما النجوم ذات الكتلة بين 8 و 30 كتلة شمسية ستصبح نجمًا نيوترونيًا. أما النجوم التي كتلتها أقل من 8 كتل شمسية، -ومن ضمنها شمسنا- فسوف تتحول إلى قزم أبيض.

تشع هذه النجوم بواسطة الحرارة المتبقية، وتحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تبرد ويختفي نورها. الشيء الوحيد الذي يمنع انهيار النجوم كليًا بقوة جاذبيتها هو ضغط التحلل الإلكتروني، فعند مستوى ضغطٍ معين تُجرد الإلكترونات من نواتها الذرية، وبما أنه لا يمكن لإلكترونين متشابهين أن يشغلا نفس المساحة، ينتج عن هذه الإلكترونات ضغط نحو الخارج يُبقي النجم متماسكًا.

هذا محدود أيضًا، فإذا كانت كتلة القزم الأبيض تتجاوز 1.4 مرة كتلة شمسنا -أو ما يسمى حد شاندراسيخار- فإن القزم الأبيض يصبح غير مستقر لدرجة الموت مرة أخرى، وينفجر في شكل مستعر أعظم من نوع (لا-la). يمكن أن يحدث هذا عندما يدور قزم أبيض بالقرب من شريكه لدرجة يسحب فيها مواد من النجم الآخر، فيتجاوز الأخير حد شاندراسيخار.

يوجد تناقض مثير للفضول بين عدد الآثار المرصودة للمستعرات العظمى من نوع (لا- la) وعدد السلالات المرشحة المتوقع أن توجد من هذا النوع. ببساطة نحن لم نجد عدد المرشحين المتوقع بناءً على عدد الآثار الموجودة.

ولذلك فإن HD265435 يعد مثيرًا للاهتمام. بما أنه يبعد فقط 1500 سنة ضوئية، يُعتبر أقرب مرشح لمستعر أعظم من النوع la، ما يعني أننا نملك الفرصة لدراسته عن قرب.

تقول إنغريد بيليسولي: «نستطيع تقدير عدد المستعرات العظمى التي سوف توجد في مجرتنا بمراقبة المجرات، أو بواسطة ما نعرفه عن التطور الكوني. لكن إذا بحثنا عن الأجسام التي يمكن أن تصبح مستعرات عظمى، فإننا لا نملك ما يكفي. هذا الاكتشاف كان مفيدًا لوضع تقدير عما يمكن أن يساهم به ثنائي نجمي مكون من قزم أبيض وقزم فرعي ساخن. ما تزال مساهمتهم صغيرة، فلا يبدو أن ما لاحظناه يعطي معلومات كافية».

الثنائي النجمي بحد ذاته رائع، إذ يتكون من قزم أبيض وقزم فرعي ساخن يتحوّل إلى عملاق أحمر بعد أن قذف طبقاته الخارجية وسيبدأ بدمج الهيليوم لنفاد مخزون الهيدروجين. هذا القزم الفرعي الساخن صغير، فكتلته تساوي 0.6 من كتلة الشمس، لكنه شديد السطوع، لدرجة تغطية ضوء القزم الأبيض بالكامل، فلا يمكننا رؤية القزم الأبيض.

تعرّفت بيليسولي وفريقها الثنائي النجمي عبر تغيرات في سطوع القزم الفرعي. تُشير هذه التغيرات إلى أنه يتم سحبه إلى شكل دمعة عبر شيء ضخم قريب منه.

استنتج العلماء ما يحدث من خلال تحليل تغيرات السطوع بدقة. يدور قزم أبيض لديه كتلة الشمس تقريبًا حول القزم الفرعي مرة كل 100 دقيقة، وهو قريب كفاية ليسحب مواد منه ويشوه شكل غلافه.

تتخطى كتلة النجمين مجتمعين حد شاندراسيخار، ما يعني أن مستعرًا أعظم من النوع la يجب أن يحدث بعد حوالي 70 مليون سنة. قبل حدوث ذلك، سوف ينفد مخزون القزم الفرعي الأبيض من المواد للصهر، ويتحول إلى قزم أبيض ثانٍ.

سيساعدنا هذا الاكتشاف على فهم مشكلة ضخمة في علم الكون، فكتلة شاندراسيخار مجالها معروف، وللمستعرات العظمى من نوع la سطوع مميز قابل للقياس. هذا يعني أنه يمكننا استخدامها لقياس مسافات في الكون المحلي. لكننا نستخدم عدة طرق للقيام بذلك، وكل طريقة تعطينا نتيجة مختلفة لمستوى توسع الكون.

أضافت بيليسولي: «كلما عرفنا أكثر عن المستعرات العظمى، يمكننا معايرة الشموع القياسية بشكل أفضل. هذا مهم جدًا الآن لوجود تناقض بين ما نحصل عليه من هذه الشمعات القياسية، وما نجده عبر طرق أخرى. وكلما ازداد فهمنا لكيفية تشكل المستعرات العظمى، استطعنا فهم ما إذا كان هذا التناقض بسبب فيزياء جديدة لا نعرفها غير موجودة في حساباتنا أو ببساطة لأننا نستهين بعدم معرفتنا لتلك المسافات».