الرئيس التونسي يحذر حركة النهضة من التوظيف السياسي لملف الهجرة

حذر الرئيس التونسي قيس سعيّد الأحد من محاولات التوظيف السياسي لملف الهجرة غير الشرعية في "الظرف الدقيق من تاريخ البلاد".

وقال سعيّد "انطلاقا من نفس المبادئ نتصبب عرقا، لكن جباهنا مرفوعة في السماء.. وسنواصل بنفس العزيمة التصدي للتوظيف السياسي لهذا الملف في هذا الظرف الدقيق من تاريخ بلادنا".

وتأتي تصريحات سعيّد كرد مبطن على راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية، الذي سبق أن حذر الدول الأوروبية من أنها ستواجه طوفانا هائلا من مئات الآلاف من المهاجرين إن لم تتدخل في تونس.

وكان الغنوشي، وهو رئيس البرلمان المجمد عمله منذ 25 يوليو الماضي بأمر رئاسي، قال في تصريحات لصحيفة "كورياري دلا سيرا" الإيطالية الجمعة، "إذا لم تعد الديمقراطية إلى تونس في أقرب وقت هناك أكثر من 500 ألف مهاجر محتمل سيتوجهون إلى السواحل الإيطالية في وقت سريع".

وملف الهجرة غير الشرعية هو من بين أكثر الملفات تعقيدا في علاقات تونس بإيطاليا وشركائها الأوروبيين، الذين يسعون إلى تعاون أكبر في مسائل تخص تسريع عمليات الترحيل والمزيد من ضبط السواحل أمام الأنشطة السرية لقوارب الهجرة.

وقال الرئيس سعيّد "سيتم وضع حد لشبكات التهريب سواء في تونس أو في الشمال. ما حصل في شهر فبراير 2011 يريدونه أن يحصل مرة أخرى في هذه الظروف بالذات وليتحمل كل فرد مسؤوليته".

ويشير الرئيس التونسي ضمنا إلى الهجرات واسعة النطاق التي أعقبت أحداث الثورة وسقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011، حين وصل إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية وحدها خلال أيام 20 ألف مهاجر تونسي عبر البحر.

وأضاف سعيّد "من بين المناورات التي سيتم التصدي لها هي الهجرة غير النظامية. تحدثت إلى مسؤولين وإلى السفير الإيطالي ورأيت أن الأمر لا يتعلق بالانطلاق بصفة طبيعية إلى إيطاليا والسواحل الأوروبية، ولكن هناك شبكات تهريب".

وقدر "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" الذي يعنى بمسائل الهجرة، عدد التونسيين الذين وصلوا في 2020 إلى السواحل الإيطالية، بنحو 13 ألفا وهو أعلى رقم منذ 2011.

وتضبط الوحدات البحرية التونسية على طول السواحل بشكل يومي قوارب على متنها شبان يائسون، يبحثون عن فرص أفضل في الضفة الشمالية للبحر المتوسط.

وجاء رد سعيّد على الغنوشي خلال تسلم بلاده الأحد مليونا و500 ألف جرعة من التلاقيح ضد فايروس كوفيد - 19 من قبل إيطاليا، وذلك بحضور لورانزو فانارا، سفير إيطاليا بتونس.

وقال الرئيس التونسي "انتهى دور كل من قايض الناس في صحتهم للوصول إلى مآرب سياسية".

وأضاف "من يتاجر بصحة التونسيين ليس له مكان في الدولة التونسية، وهناك شرفاء ووطنيون يعملون ليل نهار في هذا الحر القائض".

وأكد الرئيس التونسي للسفير الإيطالي أهمية هذا الدعم التضامني من إيطاليا، والذي يعطي دفعا جديدا لعلاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين، ويرسخ قيم التآزر والتعاضد بين الشعبين التونسي والإيطالي.

وفرض الرئيس سعيّد منذ أسبوع تدابير استثنائية في البلاد بتجميد جميع اختصاصات البرلمان لمدة شهر، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتوليه بنفسه السلطة التنفيذية.

وجاء تحرك الرئيس التونسي بعد خلافات منذ شهور مع المشيشي وبرلمان منقسم على نفسه، بينما تعاني تونس أزمة اقتصادية ازدادت حدة بفعل واحدة من أسوأ حالات تفشي جائحة كوفيد - 19 في أفريقيا.

وخرج الآلاف من التونسيين إلى الشوارع دعما لقرارات سعيّد، وذلك بعدما استاؤوا من حالة الشلل السياسي التي يعاني منها البلد، وضعف الاقتصاد وتأزم الوضع الصحي في البلاد، حيث تسجل نسبة وفيات من بين الأعلى في العالم.