تحليل أمريكي: حكومة لبنان الجديدة هي حكومة "حزب الله"

رأى الباحث في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" الامريكية، طوني بدران أن حزب الله يسيطر على الحكومة الجديدة التي رسم من خلالها الخطوط الأساسية لخطته.

وكتب بدران أنه بعد عام من المشاحنات السياسية بين الزعماء الطائفيين في لبنان، قرّر حزب الله أن الوقت قد حان لتشكيل حكومة جديدة. والآن، يجب أن يكون واضحاً لجميع المراقبين أن الجماعة الإرهابية تدير النظام السياسي اللبناني. ومن خلال هذه الحكومة الجديدة، سيقود حزب الله علاقات لبنان مع العالم الخارجي.

حزب الله الحكم النهائي

ولفت إلى أن التدخل المباشر من قبل مبعوث حزب الله، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، هو الذي عجّل بتشكيل الحكومة. وأنهت دعوة حزب الله خلافاً استمر عاماً بين اثنين من رؤساء الوزراء السنيين المكلفين سعد الحريري ونجيب ميقاتي من جهة، والرئيس الماروني ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة أخرى. كما سلّط الشلل الذي طال أمده الضوء على عدم أهمية كلا الجانبين، على عكس موقف حزب الله كحكم نهائي.

لا يسيطر حزب الله على الحكومة الجديدة فقط، كما فعل مع الحكومات السابقة في لبنان، بل يمتلك هو وحلفاؤه المباشرون أيضاً ثلثي الحقائب الحاكمة. والأمر يظهر في الوزارات التي قرر حزب الله الاحتفاظ بها، إما بشكل مباشر أو من خلال حليفه الشيعي "حركة أمل".

وعلى الرغم من أن الحريري وميقاتي اختلفا مع عون وباسيل على الوزارات لأكثر من عام، فقد حصل حزب الله على المناصب الرئيسية التي أرادها في الحكومة منذ البداية. قبل عام، وبينما كان اللبنانيون والأطراف الخارجية يستمتعون بالحديث عن حكومة "مستقلة" و "تكنوقراطية"، وضع حزب الله شروطه التي تضمّنت إبقاء وزارة المالية بيد مرشّح شيعي تم اختياره بالتنسيق مع حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وعيّن بري يوسف خليل مدير العمليات المالية السابق في مصرف لبنان. وسرعان ما وافق الرئيس الماروني ورئيس الوزراء السني المعين.

فرنسا تنجرّ إلى الخطة

وانجرّت الأطراف الخارجية أيضاً مثل فرنسا إلى الخطة. من المعروف أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أطلق مبادرة العام الماضي للضغط من أجل حكومة لبنانية جديدة. لكن ماكرون كان ينظر دائماً إلى حزب الله على أنه محاوره الأساسي في لبنان. بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس (آب) 2020، زار ماكرون لبنان والتقى مسؤولين في حزب الله. ووفقاً للصحافة الفرنسية، عرض ماكرون الدخول في شراكة مع حزب الله في لبنان، حيث قال لنائب من الحزب: "أريد أن أعمل معك لتغيير لبنان". بالإضافة إلى التحدث مع حزب الله، تواصل ماكرون شخصياً مع رعاة الحزب الإيرانيين.

ويبدو أن ماكرون قد توصّل إلى نتيجة مفادها أنه نظراً لأن حزب الله، وإيران من ورائه، هما اللاعبان المهيمنان في لبنان، فإن الشراكة معهما تعد شرطاً أساسياً لتعزيز المصالح الفرنسية - الجيوسياسية والتجارية على حد سواء. فبالإضافة إلى استثماراتها الحالية في التنقيب عن الغاز البحري في لبنان، تتطلع فرنسا أيضاً إلى مشاريع أخرى. في سبتمبر (أيلول) 2020، أثناء زيارته لبيروت، رافق ماكرون رودولف سعادة، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة "CMA CGM Group" الفرنسية لشحن الحاويات. وتسعى " CMA CGM"، وهي شركة تدير محطة حاويات اللاذقية منذ عام 2009، لإعادة بناء ميناء بيروت.

نقطة تقاطع بين فرنسا وحزب الله

وفي هذا الإطار، يكشف الكاتب عن خيار حزب الله للوزارات في الحكومة الجديدة. فبعد تولي وزارة الصحة العامة في حكومتين متتاليتين، اختار حزب الله التخلي عن تلك الحقيبة لصالح وزارة الأشغال العامة والنقل التي تشرف على الميناء. علاوة على ذلك، فإن الوزير الجديد علي حمية يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً. في الواقع، ذهبت بعض الأوساط الإعلامية اللبنانية إلى حد الإشارة إلى أن ترشيح حمية يمثل نقطة تقاطع بين فرنسا وحزب الله.

ولا تتعارض السياسة الفرنسية في بلاد الشام مع السياسة الأمريكية. في الواقع، في خطوة غير عادية للغاية، قامت السفيرة الأمريكية في لبنان ونظيرها الفرنسي بزيارة السعودية في يوليو (تموز) لحض الرياض على إعادة الاستثمار في النظام الذي يهيمن عليه حزب الله في بيروت. وبالمثل، حاول وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الفرنسي الضغط على السعوديين بشأن هذه المسألة.

أمريكا تصطف مع سياسة إيران في لبنان

ويتحدّد موقف الولايات المتحدة من خلال سياسة إعادة الاصطفاف مع إيران وسياستها تجاه لبنان. ويتمثل تصور الولايات المتحدة في لبنان في منع "انهيار الدولة" من خلال الاستثمار في "تعزيز مؤسسات الدولة"، والتي تؤكد واشنطن أنها ستواجه "خطة حزب الله". من الواضح أن سياسة دعم "دولة" يديرها حزب الله هي سياسة موالية لإيران.

تكذّب شراكة فرنسا الناشئة مع حزب الله التظاهر الأمريكي بالتمييز بين حزب الله و "دولة لبنانية" متميزة. في بيانها الذي رحّبت فيه بإعلان الحكومة الجديدة، لم تذكر وزارة الخارجية الأمريكية حزب الله ولو مرة واحدة، على الرغم من موقف الجماعة العلني والحاسم في تلك الحكومة. ومع ذلك، تعهدت إدارة الرئيس جو بايدن بدعم الحكومة الجديدة.

وختم بدران أن الجميع يُدرك الآن أن التعامل مع "الحكومة اللبنانية" يعني العمل مع حزب الله.