الجوع بصنعاء حقيقي

لا أخرج من بيتي إلا نادراً وعند الضرورة القصوى، بسبب سوء الأحوال وتعطل الحياة وانقطاع المرتبات وتسليع الخدمات الضرورية، والمضاربة بالسلع الأساسية من قبل تجار الحروب، بالأمس أتى لي للبيت صديق عزيز رجل أعمال، أصر يعزمني غداء بالمطعم، خرجت بعد الظهر، وجدت بالشارع القريب من بيتي جاري الأقرب موظف بمؤسسة المياه، وجه شاحب أغبر اقترب مني متلعثما، وقال لي بحرج والله يا قاضي انني واسرتي بدون صبوح للان مابش معنا بالبيت ما نأكل، لم يكن في جيبي حتى فلس واحد اواسيه، قلت له والله ما معي ريال أدي لك خيرة الله، ومشيت، اتصلت للبيت قلت لهم خرجوا لهم غداء من غدانا الحاصل، بعدها بقليل وجدت على الرصيف أحد الجيران المفقرين مستلقيا على الرصيف اشعث اغبر شكى لي من سوء الحال، وأنه جائع ومريض لا يمتلك قيمة العلاج لزوجته، وكان منتظرا أواسيه بشيء، فاعتذرت له، مشيت للشارع الرئيسي ركبت مع صديقي فوق سيارته وانطلقنا الى المطعم الكبير  الفاخر، دخلنا المطعم وهو مزدحم بشكل غير مألوف، قلت له هل نحن بصنعاء، من يشاهد هذا المطعم المزدحم بالزبائن سيظن أننا بمدينة اخرى سكانها ميسوري الحال مترفين من أين لهولاء الناس المال بظروف الجدبة والقحط والحرب.

في صنعاء تعيش امتان، أمة وهي الاغلبية جائعة معدمة لا تجد قوت يومها، وأمة اقلية تحتكر السلطة والثروة تعيش في تخمة وبحبوحة وترف وبذخ فاحش.

تغدينا وغادرنا دخلنا بوفية نشرب الشاي، صادفنا صديقا عزيزا، يعمل مدرسا بسلك التربية والتعليم، طلب سندويشات وشاي، قلنا له هل ما زلت بدون غداء للان، قال نعم والله ما في بيتي ما أقتات انا واسرتي، كان وجهه شاحبا تعلوه غبرة الجوع، تمزقت نياط قلبي، وشعرت بتأنيب ضمير كيف اشبع بتخمة  بعزومة صديقي والناس جياع..

ولكني شعرت براحة ضمير لأن جيبي مفلس ولا يوجد لدي ما ادخره ببيتي، ولا امنع عن السائل والمحروم شيئا، أعيش بتقشف واقتات الخبز الحافي مثل ملايين اليمنيين اليوم..

وبمثل هكذا اوضاع بات الضغط يزداد وينذر بالانفجار، ثورة جياع ستندلع حتماً...