7 سنوات من الحكم بعقلية الفرد ومنهجية الجماعة تكفّلت بتعطيل الدولة اليمنية وتدمير الاقتصاد والخدمات

في الوقت الذي يحتم على الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً)، أن تحسّن من جودة الخدمات الأساسية، في مختلف المناطق المحررة، لا سيما الاقتصادية، إلا أن إدارتها، طيلة سبع سنوات مضت، بعقلية الفرد ومنهجية الجماعة، لا بالنظم واللوائح والنصوص الدستورية، أسس منظومات فساد اعتمدت على توجيه طعناتها المتلاحقة في خاصرة النظام والاقتصاد، مع كل محاولة تجفيف منابعها، غير آبهة بخدمات الملايين أو بعشرات الآلاف ممن أجبروا على سلك طريق سلبتهم آدميتهم وحقوقهم المكفولة قانوناً.

وقال سكان محليون في عدن وعدد من المناطق المحررة، إنه منذ تحرير مناطقهم في العام 2015م وحتى اللحظة، تضاعفت معاناتهم خمس مرات على ما كانت عليه، نتيجة الانهيار الاقتصادي، وتفاقم الخدمات وتدني قيمة راتب الموظف الحكومي، والتعامل بمعايير مزدوجة.

بينما أكدت مصادر اقتصادية لوكالة خبر، أن العملة الوطنية خسرت من قيمتها منذ بداية الحرب ما يزيد عن 500 في المئة، وهي ذات النسبة التي لحقت برواتب الموظفين الحكوميين، علاوة على ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بنسبة تجاوزت 700 في المئة.

الضربات الموجعة التي تلقاها الاقتصاد الوطني، كانت ناتجة عن سوء إدارة الدولة وتجيير مصالحها وخدماتها لصالح أفراد وجماعات، فباتت المناصب غنائم تتقاسمها عائلات، واستبدل الوعاء الإيرادي الرسمي في البلاد (البنك المركزي اليمني)، بأوعية أخرى كان لها أثر بالغ على الاقتصاد.

ومع تغول الفساد، واستمرار تعطيل مساعي الإصلاح الحكومي لجماعات وقوى النفوذ، تضررت مختلف القطاعات، فتردت خدمات الكهرباء وبات هذا القطاع يدر ملايين الدولارات شهريا لشركات خاصة بدلا عن تصحيح أوضاع المحطات الحكومية، بينما توقفت مئات المشافي الحكومية عن تقديم معظم الخدمات الصحية والطبية، وبات جل ما تقدمه خدمات طوارئ وإن زاد ففي جوانب معينة وبدرجة محدودة. ونشط بالمقابل القطاع الخاص (معظم مستثمريه ما بين نافذين في الدولة ومسنودين من قادتها).

وذكرت المصادر، أن آلاف الأسر تضررت في المناطق المحررة، وبات العدد في تزايد مستمر نتيجة استمرار الانهيار الاقتصادي. ودفعت مئات الأسر -مُكرهة- بأبنائها (ذكورا وإناثا) نحو سوق العمل أغلبهم في الشوارع والجزر والأرصفة، وامتهان التسول كوظيفة يومية.

فتيات يمتهن التسوّل

ومع أن مهنة التسول كانت شبه محتكرة على شريحة من يعرفون بـ"المهمشين"، إلا أن فتيات يافعات أعمارهن بين (15-30) عاما، كسرن خلال الست سنوات الأخيرة من الحرب، ذلك الاحتكار، بعد أن قذفت بهن الحاجة لإعالة أسرهن وأطفالهن إلى الوقوف ساعات طويلة أمام مداخل الأسواق الشعبية والمحال الكبيرة وشركات الصرافة، رغم تعرض نسبة كبيرة منهن للتحرش اللفظي والجسدي، وأحيانا الاستدراج والاستغلال الجسدي.

ذلك ما أكده مرتادو تلك الأماكن بصورة يومية واسبوعية، في محافظات عدن، ولحج، وحضرموت، وتعز وغيرها.

وذكر مصدر أمني لوكالة خبر، أنه سُجّل خلال السبع السنوات الأخيرة، عشرات حالات الاختطاف لفتيات وأطفال، بينهم من تعرضوا للاغتصاب قبل تصفيتهم والتخلص من جثثهم برميها في السواحل أو مبان مهجورة وغيرها. بينما آخرون، منهم من نصبوا لأنفسهم المشانق أو قاموا بالتصفية الجماعية لعائلاتهم وانفسهم، تحت ضغوط الوضع المعيشي الصعب وعدم قدرتهم على مواجهة الأعباء.

وتنصلت الحكومة من التزاماتها وواجباتها، وتركت المواطن يواجه مصيره وحيداً، مما زاد من حدة الحنق والسخط تجاهها من يوم إلى آخر.

ويتوقع مراقبون انزلاق البلاد في مجاعة وشيكة وفوضى عارمة، في ظل الممانعات ضد الإصلاحات الإدارية والاقتصادية، وربما الوصول إلى نقطة يصعب العودة منها إلى نقطة كان هناك فرص عودة ممكنة إليها.. في الوقت الذي استغلت مليشيا الحوثي وتواصل استغلال ذلك لإعادة ترتيب صفوفها العسكرية وأوراقها الاقتصادية لخوض معركة تمدد وبسط نفوذ لا سقف لحدودها.