مركز أمريكي يكشف كيف تهرّب إيران أسلحة ووقود صواريخ ومواد صناعة متفجرات للحوثيين

كشف مركز أمريكي مختص في الشؤون العسكرية، عن اعتراض وضبط سفينتين حربيتين امريكيتين في خليج عمان، شحنات أسلحة إيرانية مهرّبة للحوثيين، تضم وقود صواريخ باليستية ومواد تستخدم في صنع المتفجرات، في عملية تتبع ورصد هي الأولى منذ بداية الحرب في اليمن، لافتا إلى أن الألغام البحرية المهربة شكّلت خطرا على الصيادين والسفن التجارية، بعد أن وجدات إيران بالفعل طريقة فعالة لمهاجمة السعودية من خلال تسليح الحوثيين بالصواريخ والمسيرات.

وأكد تقرير نشره مركز "استراتيجي بيج" الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية، أنه "في الثامن من نوفمبر الماضي، اعترضت سفينتان حربيتان أمريكيتان في خليج عمان مركبا شراعيا على متنه شحنة أسلحة كان متجها إلى اليمن، قادما من ميناء جاسك القريب في غرب إيران"، موضحا ان ميناء جاسك اصبح الموقع الرئيس حيث يتم تحميل سفن التهريب بشحنة مخفية للحوثيين في اليمن.

وأوضح التقرير، أنه "بعد عملية بحث استغرقت أسبوعا، تم العثور على شحنة مخبأة جيدا مؤلفة من 70 طنا من كلورات الأمونيوم (تستخدم لوقود الصواريخ) و100 طن من سماد اليوريا (المستخدم في صنع المتفجرات)".

وكشف تقرير المركز أن هذه العملية "هي المرة الأولى التي يكتشف فيها وجود مهرب ينقل وقود الصواريخ. كان الحوثيون يحصلون على هذه الشحنات لسنوات ولم يكن من الواضح كيف كانت إيران تنقلها إلى اليمن".

وذكر أن "الأسلحة المهربة، منذ عام 2017، تشمل الألغام البحرية الإيرانية وبعض مكونات الألغام البحرية المصنعة محليا".

المركز المتخصص في الشؤون العسكرية، أكد أن الألغام البحرية الإيرانية المهرّبة للحوثيين، "تشكل خطرا معروفا على جميع السفن"، مشيرا إلى انه "في أوائل عام 2020 حذرت شركات الشحن قباطنة السفن التابعة لها من أن الألغام البحرية التي تتفجر تلقائيا بالتماس، كانت تطفو في البحر الأحمر قادمة من الساحل الشمالي لليمن. يقع هذا الساحل قبالة محافظة صعدة، وكان الحوثيون يطلقون مجموعات من الألغام الراسية وغير الراسية في محاولة لتعطيل حركة الشحن البحري".

ألغام بحرية

ووفقا للتقرير، "تتدفق التيارات بشكل عام شمالا في هذا الجزء من البحر الأحمر، باتجاه ميناء البحر الأحمر السعودي الرئيس ومدخل قناة السويس. وكان الحوثيون يرمون الألغام الإيرانية الراسية في البحر ليلا".

وقال المركز في تقرير، إنه "تم تصميم هذه الالغام بحيث تغرق قاعدتها المرجحة في قاع المياه الضحلة (أقل من 20 مترا). وتُستخدم سلسلة لإبقاء اللغم بالقرب من السطح".

وأوضح أنه "تم إطلاق بعض الألغام البحرية التي تتفجر تلقائيا بالتماس لتطفو على السطح"، مؤكدا أنه "ثبت أن هذه الألغام هي الأكثر خطورة على قوارب الصيد اليمنية، بما في ذلك تلك التي استخدمتها إيران في تهريب الأسلحة إليها".

وعن مخاطر هذه الألغام على الصيادين وقوارب الصيد والسفن التجارية، اكد انه "قتل العشرات من الصيادين عندما اصطدمت قواربهم بأحد هذه الألغام. هذه الألغام تشكل خطرا على سفن الشحن التجاري. يتم نقل معظم الشحن التجاري في سفن كبيرة جدا والتي تسببت الألغام البحرية التي تتفجر تلقائيا بالتماس أضرار في بدن السفينة. خلال عام 2020، كان هناك جهد كبير لتحديد موقع هذه الألغام العائمة وتحييدها. بحلول نهاية عام 2020، تم العثور على أكثر من 160 لغماً وتحييدها".

قوارب مفخخة

تهديد مليشيا الحوثي للبيئة البحرية لم يكن وليد اللحظة، بحسب تأكيد تقرير المركز الامريكي المتخصص، بقدر ما يعود الى فترة ما قبل وبعد قرار نظام الرئيس الامريكي جو بايدن، بالغاء تصنيف المليشيا "منظمة ارهابية"، حيث يقول التقرير إن "الحوثيين واصلوا زرع الألغام في المياه خلال عام 2021 وظل العدد الذي تم العثور عليه وتحييده عند مستويات 2020. واصل الحوثيون وضع هذه الألغام في الماء بعد إعلان أمريكا عام 2022 رفع الحوثيين من قائمة الارهاب. لم ينجح ذلك واستمر استخدام الألغام والقوارب المفخخة، ولكن بأعداد أقل. لقد تضاءل استخدام الألغام البحرية لأنها لا تشكل تهديدا كبيرا للسفن الحربية والسفن التجارية الكبيرة القادرة على اغراقها بهذه الألغام".

ولفت التقرير إلى أن "إيران حصلت على مخزون من 3000 إلى 6000 لغم بحري، معظمها من أصل سوفييتي/روسي أو صيني أو كوري شمالي". وقال إن "معظمها غير متطورة ولكنها لا تزال خطرة في القاع، مثل تلك التي دمرت العديد من السفن الحربية الأمريكية في الخليج العربي خلال عام 1991م.

أمّا عدد ترسانة إيران الحالية من الألغام البحرية، فقد قدّرت وفق تقرير المركز، "بحوالي 2000، وتشمل ألغاما قاعية والغاما تنفجر بتأثير الرسو والغاما تنفجر بالتلامس المُصنَّعة محليا بالإضافة إلى ألغام قاعية أكثر تطوراً توضع في قاع المياه الضحلة مع أجهزة استشعار تعمل بالبطاريات للكشف عن السفن التي تمر فوق الرأس وتنفجر عندما تمر سفينة من النوع المطلوب ويغرقها اللغم القاعي".

وأضاف: "وتحدث هذه الالغام حفرة في قاع السفينة مما يتسبب في فيضانات خطيرة غالبا ما تغرق السفينة. يمكن للقوات البحرية المزودة بالمعدات المناسبة بسهولة العثور على هذه الألغام القاعية وتعطيلها، وهذا ما حدث للألغام القاعية التي زودت بها إيران الحوثيين في اليمن".

وأكد أيضاً أن "إيران تواصل تزويد الحوثيين بالطائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتي يتم تحويلها إلى قنابل طائرة لشن هجمات على أهداف في اليمن والسعودية".

وتقوم إيران بتهريب الطائرات بدون طيار المفككة إلى اليمن على قوارب الصيد والمراكب الشراعية (مماثلة في الحجم ولكنها تحمل البضائع فقط)، حيث يسهل إخفاء المكونات. وتم العثور على بعض منها واكتشاف عدد متزايد من قوارب التهريب لأن الأمريكيين طوروا نظاما لتتبع هذه القوارب القادمة من الموانئ الإيرانية، ولا سيما ميناء جاسك، وهو الميناء الرئيسي حاليا لقوارب الصيد والمراكب الشراعية وإخفاء حمولتها المهربة بعناية.

وكشف المركز أيضا في تقريره، ان الأمريكيين "حصلوا على مزيد من المعلومات من داخل إيران حول تقنيات إخفاء المواد المهربة. كل هذا يكلف إيران الكثير من المال. يتعين عليهم دفع رواتب فنيي أحواض بناء السفن لتعديل القوارب لنقل البضائع المهربة"، موضحا ان "طاقم هذه القوارب يتقاضى أيضا رواتب كبيرة مقابل مخاطر القبض عليهم وسجنهم". بينما "تعاني إيران من نقص في السيولة منذ إعادة إحياء العقوبات الاقتصادية في عام 2020، كما أن ارتفاع تكلفة تجهيز القوارب والمكافآت لأطقمها يحد من كمية البضائع المهربة التي تصل إلى الحوثيين".

وورد في التقرير أن "قادة الحرس الثوري الإيراني كانوا مترددين في التخلي عن المكاسب التي تحققت في اليمن وربما قيل لهم إن بإمكانهم إحياء الدعم للحوثيين بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. بسبب هذه العقوبات، شهد فيلق القدس تخفيض ميزانيته بمقدار النصف منذ عام 2017، مما أدى إلى تخفيضات كبيرة في أنشطة القدس في العراق وسوريا ولبنان. كانت اليمن دائما أقل عمليات فيلق القدس تكلفة ولم تتعرض لتخفيضات ملحوظة في المساعدات. كانت اليمن هي العملية الوحيدة للحرس الثوري الإيراني التي تمكنت من مهاجمة السعودية بشكل مباشر وكان ذلك مهما ما سمح لعملية ايران في اليمن بالاستمرار".

واختتم بتأكيده على أن "إيران وجدت بالفعل طريقة فعالة لمهاجمة السعودية من خلال تسليح الحوثيين بأكثر من ألف صاروخ باليستي وطائرة بدون طيار منذ عام 2016. وكان معظم هذه الصواريخ موجها إلى جنوب غرب المملكة. ولكن أقل من واحد في المائة من تلك الطائرات بدون طيار والصواريخ أصابت هدفها في السعودية".